دخلت أول مجموعة من المتمردين الأكراد المنسحبين من تركيا إلى شمال العراق امس بموجب عملية سلام في خطوة ترمز إلى إنهاء تمرد دام ثلاثة عقود. وهبطت المجموعة وقد بدت عليها علامات التعب والإرهاق من جبل على الحدود في ساعة مبكرة من يوم أمس لتجد رفاقاً من حزب العمال الكردستاني استقبلوها بالترحاب والعناق. وكان مقاتلو حزب العمال الكردستاني قد بدأوا في ترك مواقعهم بجنوب شرق تركيا الأسبوع الماضي بعد أن أعلن زعيمهم المسجون عبدالله أوجلان وقفا لإطلاق النار في مارس الماضي لإنهاء صراع أودى بحياة 40 ألف شخص ودمر اقتصاد المنطقة وأطلق موجة من الاتهامات على تركيا بانتهاك حقوق الإنسان. وعبرت مجموعة من 13 رجلاً وامرأة الحدود ليدخلوا واديا في منطقة هرور بالقرب من جبل متينا حاملين خلف ظهورهم بنادق كلاشنيكوف وحقائب وأغطية ملفوفة. وقالت إحدى القادمات وتدعى سورخوين وقد بدت قنبلة يدوية من سترتها "ظللنا بالطريق لسبعة أيام وكانت الأحوال فيها في غاية القسوة. كانت السماء تمطر ثلوجا ولم يتوقف المطر وغطى الطين الطريق". وتعتبر الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية. وحكم على أوجلان بالإعدام بعد أن قبضت عليه قوات تركية خاصة عام 1999 في كينيا لكن تم تخفيف الحكم للسجن مدى الحياة بعدما تخلت تركيا عن عقوبة الإعدام في إطار إصلاحات تهدف لفتح الباب أمام عضويتها في الاتحاد الأوروبي. وتعد خطة السلام مغامرة كبرى بالنسبة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان الذي قد يواجه رد فعل معاكسا في الداخل قبل الانتخابات المقررة العام القادم. لكن استطلاعات الرأي تظهر ارتفاع التأييد الجماهيري للعملية التي يمكن أن تحقق قدرا من الاستقرار في منطقة مضطربة على حدود العراق وإيران وسوريا. وقالت سورخوين بينما التف المتمردون للتدفئة حول نار كان يجري إعداد الشاي عليها "قضيتنا ستحل بالإفراج عن زعيمنا ألبو (أوجلان) من السجن. سيحل كل شيء بعدها". ورفرفت رايات حزب العمال الكردستاني بألوانها الحمراء والصفراء والخضراء وظهرت في الخلفية لافتة تحمل صورة أوجلان. ويضم حزب العمال الكردستاني ما بين 3000 و4000 مقاتل منتشرين في جبال شمال العراق ونحو 2000 مقاتل في تركيا حيث ظلوا يستهدفون القوات التركية ويقصفون مدنا. ومن المتوقع أن يستغرق الانسحاب عدة شهور.