من أصعب تحديات أي عمل إعلامي مسألة ردود الفعل، فرغم لذة ردة الفعل السريعة، إلا أنها تكون سلاحاً ذا حدين، وفي السابق وقبل مدة لا تتجاوز تقريباً العشر سنوات، كان الفاكس أو الاتصال الهاتفي أو أحياناً الرسالة البريدية أو اللقاء المباشر الوسائل الوحيدة تقريباً في تواصل الإعلامي مع جمهوره سواء في العمل الإعلامي المقروء أو المرئي أو المسموع. أما حالياً وخلال السنتين الأخيرة تقريباً، باتت هناك وسائل أكثر تطوراً في اللقاء المباشر ما بين الإعلامي ومتابعيه، في ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي وتنوعها، وللأمانة والتاريخ وقبل تطور هذه الوسائل لا بد من الإشارة للنقلة الإلكترونية التي بدأتها جريدة الرياض قبل سنوات عديدة وبدعم لا محدود من رئيس التحرير والذي جعل موقع جريدة الرياض على الإنترنت موقعاً تفاعلياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد كانت هناك خاصية مباشرة لتفاعل الصحفي أو الكاتب مع القراء، وهي أكثر تطوراً من مفهوم المنتديات التقليدية ومقاربة نوعاً ما لخدمتي فيس بوك وتويتر من حيث الآراء المباشرة والآنية. فكانت هناك سلسلة مباشرة من الانتقادات والتوضيحات ما بين الإعلامي ومتابعيه، بعد أن كان التواصل سابقاً مرتبطا بالوسائل التقليدية التي ذكرتها في بداية المقال، حتى إن موقع الجريدة كان يعرض قضايا تفاعلية هامة للمناقشة، وكانت بالفعل خطوة سابقة لعصرها بالفعل، وللأمانة فقد كانت تفاعلات القراء تتميز في عمومها بالوعي والفكر وأحياناً تخالف رأي الكاتب وتكون نقطة الخلاف هي الصواب في بيئة ديمقراطية إعلامياً. هذا الأمر تذكرته وأنا أتابع ردود الأفعال الكبيرة على حلقة برنامج "لقاء الجمعة" على قناتي الرسالة وروتانا خليجية وتحديداً لقاء الدكتور عيسى الغيث، حيث وجدت أن شبكة التواصل "تويتر" كانت النقطة الأبرز في تفاعل الكثيرين مع أحداث الحلقة، والتي وصلت لأن يعترف المذيع عبدالله المديفر وعبر صفحته بالموقع تعليقاً على الانتقادات التي واجهته مباشرة بقوله: "لم أكن في الفورمة اليوم"، وهذا اعتراف كبير وشجاعة أكبر منه أمام حملة الانتقادات التي تركزت في مجملها وكانت واضحة في تكريسه للدفاع عن أمر ما ضد تفكير وتوجه ضيفه الغيث، وأنا هنا لست ملزماً بالتفاصيل أو محتوى الحلقة، ولكن يهمني ردة الفعل السريعة والمباشرة للمديفر مع منتقديه، وهذا الأمر من حسنات التطور في شبكات التواصل الاجتماعي، فمن الصعوبة لو لم يكن "تويتر" سريعاً في نقل وجهة النظر الأخرى، سماع وجهة نظر المديفر وبهذه الشجاعة المطلقة، ولكن ماذا بعد هذه النوعية من الاعترافات، وما ذنب الضيف أو المشاهد في المقام الأول عندما يكون المذيع خارج الفورمة أو بمعنى أدق غير مهيأ أو جاهز لبرنامجه. عربياً من الصعوبة أن يعتذر مذيع لبرنامج تقديم برنامجه، ويتيح الفرصة لزميل له لأنه خارج الفورمة، ومن الصعوبة أن يعترف أنه كان منحازاً لفكر أو تيار على حساب ضيفه، ومن الصعوبة أن يعترف أن بعض ما يقدمه لا يتعدى تلميعاً أو حملة علاقات عامة لبعض ضيوفه، ومن السهولة أن يبرر ويبرر, لكن المشاهد ذكي ولديه وسيلة إعلامية يمتلكها وبدون وصاية للوصول للمذيع, ويكون التأثير أقوى إذا اتفق الجميع أو الأغلبية أن المذيع بالفعل كان الأسوأ في ذلك اليوم!