في حلقة يوم الجمعة الماضي من برنامج لقاء الجمعة الذي يقدِمه الإعلامي عبدالله المديفر استضاف المقدِم د.عيسى الغيث. كنت قد تابعت قبل ذلك عددا متواضعا من حلقات البرنامج استطعت من خلالها تكوين انطباع جيد عن المقدِم والبرنامج. فقد أظهر المديفر من خلال أساليب الحوار في هذه الحلقات تأدُبا وحياديَة ورقياً شدَتني جميعها للحرص على متابعة حلقات أخرى خاصَة ان كان فيها استضافة لشخصيات تهمُني، وأتوَقع أنها نفس الأسباب التِي شجَعت شخصيات كبيرة في المجتمع لقبول الاستضافة وبالتالي كتب النجاح للبرنامج. لم يكن توقيت استضافة الغيث عشوائيا حال جميع ضيوف البرنامج. فالمديفر يبحث عن المواضيع الأكثر جدلا على الساحة السعودية وأحيانا العربية ويستهدفها وهو أمر أستطيع تفهُمه بسهولة، فهذا ما يجذب المشاهدين وهي لعبة الإعلامي الشاطر. ما لم أتفهَمه مع ذلك هو أسلوب المديفر الغريب مع ضيفه هذه المرة. على غير عادته، كان واضحا على المديفر تكوينه رأيا مسبقا على ضيفه الغيث انعكس على أسلوبه في الحوار حيث اعتلت ملامح وجهه نظرة تحدٍِ وابتسامة ساخرة وضحكة تهكُم في بعض المواقع. وتكررت مقاطعة المديفر للغيث بأسئلة وتعليقات مستفزَة شأن «وشلون يعني!» و «خذني على قد عقلي» و»لو تفتح مكتب تنسيق مواعيد تدخِل مبالغ طائلة» و «مدري وش سر هالتسمية اللي سميت فيها نفسك!» ثم يسترسل في الحديث ليثبت أنها أسئلة لا يراد منها الاستفسار ولا يرجى منها اجابة بقدر ما يراد التهكُم والاستهزاء! ثم تناول المديفر كتابا كان قد كتبه الغيث قبل أكثر من 25 عاما وهو في سن السابعة عشرة وفيما يبدو أنه يحمل بين طياته توجُها جهاديَا متَهما الكاتب بأنه متناقض وأنه غَرر بمن قرأوا كتابه آنذاك وربَما ذهبوا على اثر القراءة للجهاد خاصَة وان الغيث صرَح للمديفر في وقت سابق أن الجهاد له مقاصد شرعية يجب ان تتحقَق وهي غير متحقِقة في الجهاد من خارج سوريا وبالتالي لا ينبغي الذهاب للجهاد فيها. حاول الغيث حينها بكل هدوء وثقة ان يشرح للمحاور أن فهمه للدين كان قاصرا ومتأثرا بمن تتلمذ على يدهم من الشيوخ آنذاك وأنه مع الاستزادة في العلم والخبرات والاجتهاد تغيَرت بعض المفاهيم لديه. لكن محاولة الغيث للتفسير لم تلق رواجا عند المديفر الذي بدا في هذا اللقاء كخصم لا محاور حينما أصرَ على أن هذا «التغيُر» يعتبر تراجعا محاولا إلباس مفهوم التغيُر لباس المتَهم المدان، حتى أنه في خضمِ انفعاله نادى ضيفه «يا عيسى» بدون ألقاب.. ثم (تراجع)!!! وبالعودة لتوقيت الاستضافة فلا تخفى عليكم القضية الساخنة بين الغيث وخصمه العريفي المبجَل الذي أعاد نشر قصيدة تحتوي تشهيرا وهجاءا وقذفا كتبت في الغيث لأتباعه الملايين والتي تسببت كما هو متوقَع بهجوم جيش العريفي الشتَام على هذا الأخير والتسبُب بالأذى له. بدأ المديفر حديثه عن القضية بقوله: «بخصوص القضية اللي بينك وبين الشيخ العريفي ليش تشغلون الناس فيها في مواقع التواصل الاجتماعي وحتى حنَا ماخذين جزء من الحلقة للتحدث عن الموضوع.. لماذا تنشرون مثل هذه الأمور وتتهاوشون قدَام الله وخلقه والمفترض ان تشغلونهم بالدعوة والعلم والتعليم والحكمة وأشياء أهم وأعلى وأكثر قيمة وأكثر نفعا». الغريب هنا أن المديفر خصص نصف ساعة من برنامج مدَته ساعة وبضع دقائق للتحدث في القضية، فلماذا أشغلت نفسك يا عبدالله وأشغلتنا بقضية تراها غير ذات نفع بدلا من ان تشغلنا بقضايا أهم وأعلى وأكثر قيمة وأكثر نفعا على حدِ قولك؟! والملفت للنظر كذلك كون المديفر أشار الى ان الغيث قد يكون يبحث عن الشهرة من وراء قضيته مع العريفي ولكنه في الوقت ذاته لم ينقد على العريفي بحثه عن الشهرة عندما صرَح له في لقائه معه أنه وقَع عقدا حصريا مع قناة اقرأ دون غيرها لأنها الأشهر عالميا من بين القنوات الإسلامية! ثم انه حاول أيضا ان يضع الغيث في موقف حرج مع الحكومة بإعادة صياغة عبارة قالها في حين أنه تغاضى تماما عن العريفي عندما سأله لوكانت لديه قدرة أكبر ماذا سيفعل وردَ عليه العريفي قائلا: «إذا الله عطاني القدرة بتشوف الشغل النظيف انشاء الله.. بس وش بكون يعني وزير الخارجية مثلا» في تلميح منه الى ان وزير الخارجية شغله عكس ذلك! فما القصَة يا عبدالله ولماذا الميل.. كل الميل؟! وفي حين أنني كاتبة رأي لي حريَة كتابة رأيي، ليس لك كمقدِم و محاور ذلك.. فأقل المطلوب منك ان تحترم ضيفك وتحاوره بموضوعية وحيادية. ولذلك سأكتب أنني لا أحب العريفي ولا يهمُني الغيث وكان يهمُني لقاء الجمعة قبل ان تتغيَر. عفوا غاب عني للحظة أنك تعتبر «التغيُر» تراجعاً لا ينبغي، ولكن مع ذلك أتمنَى ان تتراجع! وأخيرا اسمح لي ان اهديك حلقة #نعم_أتغير من برنامج وسم. @tamadoralyami