كلمة الثقافة من أكثر الكلمات تداولاً في المجتمعات البشرية، ولكنها من أكثر المفاهيم غموضاً. ويمكن تعريف الثقافة بأنها "ذلك الشكل المعقد الذي يشمل المعرفة والاعتقاد والفن والقانون والأخلاق والعرف، بالإضافة إلى أية عادات أو قدرات يكتسبها الإنسان بوصفه فرداً في المجتمع". ويتعرض قاموس اكسفورد (Oxford Dictionary) للثقافة فيقول: "هي الاتجاهات والقيم السائدة في مجتمع معين كما تعبر عنها الرمز اللغوية والأساطير والطقوس وأساليب الحياة ومؤسسات المجتمع التعليمية والدينية والسياسية". وقد استعمل العرب القدماء لفظ الأدب في الدلالة على معنى الثقافة، وكان هذا يعني الإلمام بمعارف العرب بالإضافة إلى التفوق في اللغة. وفي القرنين الثاني والثالث للهجرة تأثر الأدب بالثقافات الأجنبية، فأصبح الأدب يعني جملة المعارف التي تصقل العقل والوجدان، وتساعد الكتاب والوزراء على النهوض بمسؤوليات الحكم والمشورة للخلفاء. وكانت الثقافة تعني الإحاطة بالمعارف المتنوعة والفنون وسلامة السلوك الاجتماعي بالإضافة إلى الممارسة الفعالة للعلاقات الإنسانية والتفوق اللغوي. وإذا كانت الثقافة من مقومات الشخصية التي يتحلى بها الإنسان المثقف، فإن الثقافة الإسلامية من الضرورات الحتمية لكل عربي مسلم، وذلك لأسباب ثلاثة هي:- الانتماء إلى وطنه وأسرته ومجتمعه. ميله الغريزي للدفاع عن كيانه. وفاؤه لحضارته الإسلامية وتراثه العريق. والإنسان المثقف المكتمل الثقافة هو الإنسان القادر على أن يطوع العصر والبيئة لأهدافه السامية، وأن يستطيع أن يؤثر في الطبيعة والناس من حوله. ولعل من أهم سمات المثقف ما يلي:- - أن يكون واسع الافق، فلا يتعصب لرأيه، ويصغي دائماً إلى آراء الآخرين. -أن تكون نظرته للأمور موضوعية، فهو بعيد عن الأهداف الشخصية والعواطف. - أن يتقبل النقد وأن لا يتقبل أي شيء بدون تفكير. - أن تقوم آراؤه وأحكامه على أدلة منطقية، فلا يقبل رأياً بمجرد صدوره عن شخص معين في سلطة أو من موقع نفوذ. -أن يتمسك بالحقائق دون مبالغة. - أن يبحث عن المسببات الحقيقية للظواهر التي تحدث، فلا يعتقد إطلاقاً في الخرافات مهما كان مصدرها. - أن يكون شغوفاً بدراسة ما يقع تحت حسه وبصره. إن المثقف الحقيقي هو أسعد إنسان على وجه الأرض إذا استطاع أن يطور نفسه وأن يؤثر على غيره إيجاباً، وأن يجعل من حياته نموذجاً للعطاء، وأن يبقى عقله متألقاً بما يفيد الآخرين ، وأن يكون قلبه نابضاً بحب الآخرين ومحاولة إسعادهم....