انتقد مستثمرون في القطاع الزراعي غياب الإحصاءات الخاصة بالشركات الزراعية السعودية التي تستثمر في الخارج، مؤكدين أهمية استغلال دعم الدولة للاستثمار الزراعي الخارجي لتحقيق الأمن الغذائي. وشدد هؤلاء في حديثهم إلى «الحياة» على أهمية إزالة المعوقات أمام الشركات السعودية الراغبة في الاستثمار الزراعي في الخارج، وتكتل المستثمرين في شركات كبيرة قادرة على الاستثمار والاستمرار، وإحداث تغييرات هيكلية في القطاع الزراعي لتتناسب مع التوجه الجديد للسياسة الزراعية، إضافة إلى توفير الضمانات اللازمة لرساميل المستثمرين في الخارج. وقال رئيس لجنة الأمن الغذائي في «غرفة الرياض» عضو مجلس إدارة الغرفة سعد الخريف: «في اعتقادي أنه لا تتوافر إحصاءات دقيقة عن عدد الشركات السعودية التي تستثمر في الزراعة في الخارج، وبخاصة بعد دعم هذا التوجه من الدولة من أجل استدامة توفير الأمن الغذائي للمملكة، والمحافظة على المياه من استنزافها في زراعة المحاصيل والأعلاف». وأضاف: «من خلال المتابعة المستمرة لهذا الموضوع أستطيع القول إن عدد الشركات التي بدأت بالفعل في الاستثمار والإنتاج لا يتجاوز عدد أصابع اليدين، وبحجم أموال غير معروفة حالياً، ولكنها كبيرة، وذلك بحسب ما أعلن عن حجم رؤوس أموال لبعض تلك الشركات». وأوضح أن هناك توجهاً من بعض الشركات الزراعية للاستثمار في الخارج، وبعضها بالفعل حصل على الأراضي والتراخيص وبدأ في الزراعة، والبعض الآخر ما زال يبحث عن فرص واعدة وشراكات وتحالفات لتعزيز التوجه للاستثمار في الخارج. وعن الدول المناسبة للمستثمرين السعوديين الراغبين في الاستثمار الزراعي، قال إنه لا يمكن الحكم المطلق على صلاحية الدول للاستثمار الزراعي إلا من خلال درس تلك الدول من كل الجوانب المناخية والجغرافية والمناخ الاستثماري والاستقرار السياسي: «ولكن لو نظرنا فقط من ناحية الميزة النسبية للإنتاج الزراعي والموقع الجغرافي سنجد أن السودان ومصر وتنزانيا وأثيوبيا وتركيا وكرواتيا وأوكرانيا دول مناسبة جداً وقريبة من المملكة، ولكن تبقى هناك عوامل أخرى، ومميزات كل دولة للاستثمار فيها». وعن المحاصيل الزراعية التي يتوجب على الشركات السعودية زراعتها في الخارج، قال الخريف: «ليس هناك نصيحة معينة في ما يتعلق بالمحاصيل المنتجة، وإنما هناك نظرة لحاجة السوق السعودية من السلع الاستراتيجية، وعلى رأسها القمح ثم الشعير والذرة وفول الصويا والرز، ويوجد استثمار مهم وهو تربية وتسمين الأغنام وتسويقها ذبائح أو حية للمملكة، ونستطيع القول إننا في حاجة إلى 2.5 مليون طن قمح، و6 ملايين طن شعير، ومليون طن رز، و4 ملايين رأس من الأغنام». وعن العوائق التي تواجه الشركات الزراعية السعودية قال إنها تتمثل في غياب الحقائق والمعلومات العلمية والاقتصادية عن طبيعة الاستثمار في الدول المستهدفة، كما أن مشكلة توافر التمويل الكافي من العوائق المهمة، إضافة إلى عدم وضوح دور القطاع الخاص في تحقيق الأمن الغذائي حتى الآن». ونبه إلى أن هناك جانباً آخر مهماً من الضروري تسليط الضوء عليه في قضية الاستثمار الزراعي الخارجي، وهو توعية المستثمرين بضرورة تكتلهم في شركات كبيرة قادرة على الاستثمار والاستمرار والتفاوض لتعزيز دورهم الاستثماري، وعدم تشجيع المستثمرين بالذهاب كأفراد للاستثمار الخارجي والزج بأموالهم في استثمارات مجهولة. أما عضو مجلس إدارة «غرفة جدة» زياد البسام فأوضح أنه لا توجد إحصاءات دقيقة حتى الآن توضح عدد الشركات التي تستثمر في القطاع الزراعي في الخارج، خصوصاً أن هناك نوعين من الاستثمار: الأول يتمثل في بعض الشركات التي لديها وكالات استيراد وتصدير من الخارج، وهذا يتم عن طريق مساهمة تلك الشركات مع الشركات التي تقوم بالزراعة، وهذا يتركز في بعض أنواع الفاكهة. وأضاف أن النوع الثاني هو الاستثمار في بعض البلدان عن طريق الزراعة المباشرة، ومن ثم التصدير. ورأى أنه من الضروري أن تكون لدى الشركات محفزات للاستثمار في الخارج، ومن أهم تلك المحفزات ضمان الاستثمار، فلا يمكن أن يكون هناك استثمار من دون ضمان لرأس المال المستثمر في الخارج، وهناك حاجة إلى آلية أفضل في هذا المجال. وعن أنواع السلع المهمة لزراعتها، قال البسام: «وزارة الزراعة قامت بتحديد بعض المحاصيل التي ينصح بزراعتها وفي مقدمها القمح والرز، ومن أشهر البلدان المناسبة لزراعة تلك المنتجات هي باكستان وتايلاند». وكانت دول عدة أبدت رغبة واضحة العام الماضي 2008 في فتح أراضيها أمام الاستثمار الزراعي السعودي، وأظهرت السعودية في أكثر مناسبة رغبتها الشديدة في الاستثمار، إذ تتبنى المملكة مجموعة من الحلول الإستراتيجية للسيطرة على ارتفاع أسعار الغذاء، وتأمين الغذاء في ظل المخاوف العالمية التي تهدد الأمن الغذائي الداخلي. ودفع ذلك إلى تأسيس شركة مساهمة سعودية باسم «الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني» مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة برأسمال قدره 3 بلايين ريال.