تتزايد معدلات غياب الطلاب والطالبات قبل كل إجازة رسمية في مدارسنا، الأمر الذي أصبح كظاهرة أرهقت مسؤولي التربية والتعليم، في ظل عدم تعاون أولياء الأمور على ضبط "دوام" الأبناء والبنات، وحثهم على الالتزام، حتى أن المتابع يعتقد أن غياباتهم ما قبل وبعد الاجازات بات "ثقافة شعبية"!، فما العمل حيال ذلك؟. الحل في إيجاد «برامج جاذبة» تُغري المُتعلمين وتُشجعهم على التواجد والتفاعل إن من يُلقي نظرة على داخل أي مدرسة خلال الأسبوع الأخير وقبل الإجازة، يلمس خلوها من تواجد الطلاب، وإن شعر بصوت فإنه سيشاهد قلة منهم داخل الفصل وأمامهم معلم لا يدري ماذا يقول لهم؟، وماذا يشرح؟، في ظل عدم حضور الأغلبية، وهنا لابد أن تصب الجهود على إيجاد "برامج مخصصة" لذلك الأسبوع، سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو حتى رياضية وترفيهية، لضمان جذب الطلاب نحو المدرسة، فليس من المعقول أن يذهب الطالب أو الطالبة للتسمر على طاولة الدراسة دون أن يجد ما يُشجعه على ذلك. فصل خالٍ من الطلاب (أرشيف «الرياض») انتظام دراسي وألقى "د.إبراهيم المسند" -مدير التربية والتعليم بمنطقة الرياض- كلمة للطلاب بمناسبة قرب إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني لهذا العام، شدّد من خلالها على ضرورة تعزيز الروح العلمية القادرة على المنافسة، وبذل المزيد من العطاء، حتى يكتمل نموذجنا الوطني في المعرفة على أبهى صورة، مؤكداً على أن سبل العلم والتفوق وطرق النجاح والوصول للمراتب العليا لا يأتي إلاّ بالصبر والمثابرة، وكذلك الحرص على الانتظام الدراسي وعدم التغيب, خاصةً في الأيام التي تكثف فيها المراجعة العامة لجميع الدروس العلمية، ملمحاً إلى أن استغلال الوقت بالجد والاجتهاد يحقق أحلام الوطن بجيل واع قادر على خوض غمار الحياة بقوة واقتدار. دور المعلم كبيراً في جذب المتعلمين نحو المدرسة خصم درجتين وذكرت "جواهر الشثري" -مديرة إدارة الإشراف التربوي بمنطقة الرياض- أن قواعد المواظبة -مخالفات الموظفة ودرجات الحسم فيها- نصت في الفقرتين (3،2) على: "يُحسم على الطالبة درجتان عن كل يوم إذا غابت عن المدرسة دون عذر مقبول في الأسبوع الذي يسبق الإجازة أو في الأسبوع الذي يليها، ويُحسم على الطالبة درجتان عن كل يوم إذا غابت عن المدرسة دون عذر مقبول في الأسبوع الذي يسبق الاختبارات"، موضحةً أن مشرفات الإدارة المدرسية يتولين متابعة تطبيق قواعد المواظبة كاملة في المدارس حسب قواعد المواظبة في مراحل التعليم العام. الأنشطة الرياضية تُغري الطلاب على الحضور هدر الجهود وأكدت "مريم الجوفي" -مديرة إدارة التوعية الإسلامية- على أن تغيّب الطالبة مشكلة تعاني منها جميع أطراف العملية التعليمية، بل إن وجودها قد يؤدي إلى هدر كثير من الجهود المبذولة في التربية والتعليم، كما تؤدي إلى ضياع الفرص المتاحة للطالبة، التي يتحقق عن طريقها الأهداف المنشودة في مجال التربية والتعليم. وعن جهود ادارة التعليم حول هذه المشكلة قالت "هيا بنت سعد الناصر" -مديرة إدارة التوجيه والإرشاد-: إن هناك سعياً حثيثا للتربويين لتحقيق مؤشرات أداء تهدف إلى خفض حالات الغياب، مضيفةً أن أبرز ما يواجه المُربين من الوالدين والمعلمين على حدّ سواء هو انعدام الرغبة الجادة لدى بعض الطلبة في التعلم، وكذلك التذمر والتشكي المستمر من الالتزام بالبرنامج التعليمي خلال هذه الأيام، مع ضياع هذه الأوقات غالباً بلا فائدة تذكر، بل إن الأغلبية يقضون الليل بالسهر والعشوائية والفوضى. ثقافة شعبية وأوضحت "نوال الجربوع" -مساعدة الإدارة المدرسية بمكتب التربية والتعليم في جنوبالرياض- أن كثرة غياب الطالبات يرجع الى عدة أسباب منها قلة وعي أولياء الأمور بأهمية دوام الطالبة والآثار المترتبة على ذلك، إضافةً إلى كثرة الاجازات وقصر مدتها، مما أدى إلى إحساس أولياء الأمور بعدم كفايتها خاصةً مع انتشار ثقافة السفر والسياحة الخارجية. وذكرت "ندى الشنار" -رئيسة قسم اللغة العربية بمكتب التربية والتعليم في جنوبالرياض- أن غياب الطلاب والطالبات قبل وبعد الإجازات أصبح ثقافة شعبية، بل إنه حتى المنازل المحافظة على الدوام المدرسي أصبحت تضطر وتمارس ذلك السلوك، إمّا خوفاً أن يتأثر أبنائهم بسلوكيات غير سوية يفرضها الفراغ في المدارس، أو رفض الأبناء الذهاب؛ لأن الجميع لن يحضر والمعلم لن يشرح الدرس، إضافةً إلى تخطيط كثير من الأسر للسفر في الأسبوع الأخير أو الأول من الدراسة، خاصةً عندما تكون الأم غير موظفة. برنامج إضافي وقالت "منى الخالدي": بصفتي أماً أصبحت أتقبل هذا الغياب بصدرٍ رحب ونفسٍ راضية، بعد أن كنت في يوم من الأيام ضده إلاّ في الحالات المرضية الشديدة، مضيفةً أنه حدث هذا التنازل مقابل أن أحافظ على أخلاقيات وسلوكيات ووقت أبنائي وبناتي، مضيفةً أنها تشعر أن من يحضر خلال هذه الأيام يستحق العقاب، من خلال بقائه في فصل يجمعه ببقية أمثاله، ليُمارس نشاطه ودراسته بين أروقة هذا المكان المغلق، وأحياناً بدون معلم أو معلمة، ليقول ويستمع لأنواع الحديث والكلمات التي قد يسمعها لأول مرة، مشيرةً إلى أن الحلول إيجاد برنامج إضافي جذاب (ثقافي، ترفيهي، رياضي) لمن يحضر خلال هذه الأيام. ووافقتها الرأي "مريم الشايع" مؤكدةً على أنها من الحريصات على ذهاب بناتها، إلاّ أن المشكلة لديها أنه قبل الإجازة بثلاثة أيام يتوقف شرح الدروس دون حسيب ولا رقيب، على الرغم من حضور عدد لا بأس به من الطالبات، مما دفعها إلى قبول طلب الغياب، مبينةً أنه لو كانت الاختبارات في الأيام التي تسبق الإجازة، ولو أن اليوم الدراسي يمر طبيعياً لما تغيب الطلاب، مؤكدةً على أن ذلك ليس تهاوناً من الأهل، لكنه من باب الحرص على أبنائهم وتوفير الوقت والجهد، خاصةً مع الإدارات والأنظمة غير الصارمة. قرارات صارمة وأعربت "هدى" -معلمة- عن أسفها على ظاهرة الغياب، مبينةً أنها كمعلمة تتضايق جداً من غياب الطالبات قبل يومين أو ثلاثة من الإجازة؛ مضيفةً أنها كمعلمة "قرآن كريم" أقول لهن: "سأعطي مقاطع حتى آخر يوم"، لكن لا فائدة، فلا يحضر إلاّ طالبتان أو ثلاث؛ بسبب تهاون الأهل، وعدم خصم درجات المواظبة من قبل المدرسة. ورأت "طرفة المحمود" -معلمة- أهمية وجود قرارات صارمة من قبل وزارة التربية والتعليم، وكذلك إدارات التربية في منع الغياب قبيل الإجازات، كالخصم من درجات المواظبة بشكل مضاعف، وكذلك الخصم من درجات المواد التي غاب فيها الطالب، مع أهمية الاستمرار في شرح الدروس ولو لم يحضر إلاّ طالب واحد. وعي الآباء وذكرت "نورة القاسم" أن العقاب ليس دائماً هو الحل، مضيفةً أنه لم تكن هذه المشكلة موجودة سابقاً، فالمعلمون والمعلمات متواجدون، متسائلةً: كيف يستطيع المعلم الشرح وإعطاء الدرس وليس هناك طلبة؟، مؤكدةً على أنها في كل مرة تضغط على أبنائها ويذهبون ولا يجدون أحداً سوى ثلاثة أو أربعة من الطلبة، مبينةً أن الحاصل هو إما يتصلون ثم الذهاب لأخذهم، أو يبقون ويلعبون في ملعب المدرسة، حيث إن هناك خطورة عليهم، متوقعةً أن معالجة المشكلة يحتاج إلى أكثر من جانب، وأبرزها الوعي لدى الآباء والأمهات والطلاب والطالبات، ثم وضع برامج تحفيزية لمدة عامين مثلاً في الأيام التي تسبق الاجازات، حتى يعتاد الطلبة والطالبات على الحضور، ثم يصبح الأمر عادياً، بل ويستمر اليوم الدراسي كما هو. وأكدت على أن الملاحظة الأخرى هي أن البيئة المدرسية غير محببة لدى كثير من أبنائنا، وإلاّ لما فضلوا الغياب عليها.