في هذا العصر الذي اتسم بالتقدم التكنولوجي والانفجار السكاني والتغير السريع في كثير من المجالات المادية والتقنية والاقتصادية غدت حوادث المرور وما ينتج عنها من آثار مادية واجتماعية ونفسية من أهم ما يؤرق المسؤولين والمواطنين على حد سواء بعد أن أصبحت آثارها تزداد يوماً بعد يوم،وغدت السلامة المرورية مطلباً ملحاً يسعى الجميع إلى تحقيقه نتيجة لتزايد أعداد ضحايا حوادث السير وضحايا وسائل المواصلات الحديثة. وبمناسبة أسبوع المرور الخليجي تحت شعار "غايتنا سلامتك" الذي يسعى إلى تحقيق غايات العمل المروري والذي يأتي على رأسها تحقيق السلامة المرورية للجميع والحد من الحوادث المرورية وآثارها المادية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية،فإننا نؤكد ضرورة الاهتمام بدراسة مسببات ونتائج حوادث المرور ضمن إستراتيجية السلامة المرورية التي نسعى جميعاً لتحقيقها،وضرورة العناية بالتوعية المرورية لتبصير الجميع بالمسؤولية المنوطة بهم لرفع مستوى الوعي المروري لدى السائقين ومستخدمي وسائل المواصلات من خلال تكثيف حملات التوعية المرورية،ولدى أفراد المجتمع الذين يتعاملون مع أولئك السائقين سواء أكانوا ركاباً أو مشاة أو عابري طريق من خلال مؤسسات المجتمع المدني المختلفة، وأما الجهات التعليمية في مراحل التعليم المختلفة فينبغي أن تقوم بدور فاعل في التوعية المرورية وفي تفعيل شعار الأسبوع المروري الخليجي على مدار الساعة، وفي إطار الأسرة ينبغي أن تتحمل الأسرة مسؤوليتها كاملة في العناية بالأبناء وتوجيههم لاحترام آداب الطريق والالتزام بقوانين المرور وعدم التفريط في هذا الدور المهم للأسرة في التربية المرورية ضمن مايترتب عليها من أدوار،كما أن أجهزة العمل المروري مطالبة بدور بارز في التوعية وتطبيق قواعد المرور وآدابه، وأما الإعلام بوسائله المتعددة ومؤسسات المجتمع المدني فإن دورها عظيم ومسؤوليتها جسيمة في تحقيق السلامة المرورية والدعوة إليها. وهذا يعني أن السلامة المرورية مسؤولية جماعية إلى جانب أنها مسؤولية فردية يجب أن يضطلع بها الجميع حفاظاً على الأرواح والممتلكات. وإن جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية انطلاقاً من رسالتها الأمنية وفي إطار تنفيذها للإستراتيجيات والخطط العربية في مجال المرور فقد اضطلعت بدور فاعل في مجال السلامة والتوعية المرورية حيث تحظى قضايا المرور المتمثلة في السلامة المرورية والتوعية المرورية وإعداد وتأهيل أجهزة المرور بعناية خاصة ضمن برامج الجامعة وأنشطتها العلمية تحقيقاً لأهداف الجامعة ورؤيتها في نشر الأمن بمفهومه الشامل نظراً لما تتسبب به الحوادث المرورية من معاناة كبيرة تؤثر سلبياً على اقتصاديات الدول العربية إضافة إلى البعد الإنساني والاجتماعي المأساوي لهذه الحوادث لاسيما وأن نسبة الوفيات الناتجة عن حوادث الطرق في منطقة الشرق الأوسط قد ارتفعت بنسبة 20% خلال السنوات العشر الأخيرة. وقد تناولت الجامعة موضوع السلامة المرورية من جوانبه المختلفة حيث تضمنت المناهج الدراسية بالجامعة (5) مقررات بكلية الدراسات العليا هي (هندسة المرور ، تنظيم وإدارة جهاز المرور، التحقيق في حوادث المرور، النقل واقتصاديات المرور، إحصائيات المرور واستخدام الحاسب) كما ناقشت الجامعة (56) رسالة ماجستير ودكتوراه تناولت قضايا المرور بأبعادها المتعددة،ونظمت كلية التدريب بالجامعة ما يزيد على (24) دورة تدريبية و(10) حلقات علمية،وأصدر مركز الدراسات والبحوث (24) إصداراً علمياً أصبحت مراجع للباحثين في هذا المجال، ونظم المركز (17) ندوة علمية حول هذا الموضوع إضافة إلى (18) محاضرة علمية وثقافية، كما نشرت مجلة الأمن والحياة الشهرية والمجلة العربية للدراسات الأمنية (125) مادة علمية عن المرور، فضلاً عن قيام الجامعة بتوزيع مايزيد على مليوني لوحة توعوية مرورية داخل دولة المقر وخارجها. وإننا في بيت الخبرة الأمنية العربية لازلنا نطمح إلى تحقيق المزيد والأفضل خدمة للأجهزة الأمنية والمواطن العربي. وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأدعو الجهات المختصة محليّاً وعربيّاً للاستفادة القصوى من برامج الجامعة وأن يستمر ويتطور التعاون القائم إضافة إلى وضع التوصيات التي تصدر عن المؤتمرات والندوات والبحوث التي تنفذها الجامعة موضع التطبيق حتى تتحقق الغايات المنشودة بإذن الله تعالى كما نسأله جل شأنه أن يقي بلادنا وبلاد المسلمين شر الأزمات والكوارث إنه سميع مجيب.