ذات لحظة اعتزاز بالنفس وقف الشاعر الفرزدق يفتخر بقبيلته: ترى الناس إن سرنا يسيرون خلفنا.. وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا بعد أن فرغ الهلال من مشاركته في مسابقة كأس سمو ولي العهد وأخذه كالعادة استلهم مشجع متيم هذا البيت وهو ينظر إلى محبوبه من مكان قصي في مدرج استاد الملك فهد الدولي وقد كاد أن يبلغ عنان السماء فرحا، قام من كرسيه فاعتلاه ثم تقمص شخصية الشاعر وأخذ يلقي قصيدته فخرا بمعشوقه الهلال، أخذته نشوة فتطاول ومد عنقه ليسمعه كل من في المدرج، ثم نبش ذاكرته ليخرج ما فيها من أبيات فخر يخاطب فيها هلاله، حبه للأدب وبالذات الشعر لا ينافسه سوى حب الزعيم، لا يعترف سوى بالقصيد ساحة تحتضن الفرح، تخيل نفسه الشاعر الجاهلي النابغة الذبياني فلف شماغه على رأسه ليحاكي عمامته ثم أنشد: فإنك شمسٌ والملوك كواكبٌ .. إذا طلعت لم يبْدُ منهنّ كوكب الهلال الذي يعشقه حتى الثمالة لا يراه إلا فوق السماء، ظل يتحدث بلغته العربية التي لا يرى غيرها لغة خطاب أحاط به مجموعة من المشجعين، تخابر الجمهور، فالعدد يتزايد وهو يستحضر القصيد وينوع فيه، يده اليمنى التي يلوح بها بدت كعصا الخطيب، تشجع ليواكب الفرحة التي عمت أرجاء الملعب، أراد أن يكون صالونا أدبيا يقدم فيه احتفالا مختلفا، هو يدرك أن كل فنون الاحتفالات ظلت تعرض في الملعب إلا هذا الفن، مشكلته أن صوته لم يصل إلى اللاعبين، تمنى لو أمسك مايكرفون الملعب لعل الجميع يسمع، أو لو أن إحدى كاميرات التلفزيون نقلت ما يفعل، امل أن يفاجئه أحد اللاعبين بالحضور ليكون ضيف شرف، واصل احتفاله، هذه المرة حضر الشاعر الأحوص وقد حمل معه بيت شعر ليحتفي، تخيل الهلال رجلا افتخر بنفسه وقد ملأت صورته الآفاق: وإذا سألت عن الكرام وجدتني .. كالشمس لا تخفى بكل مكان مظاهر الاحتفالات تملأ أرجاء الملعب كل له منهجه، صاحبنا رأى أن معشوقه لا تشبعه صرخة، أو رقصة، أو ضحكة، الهلال عندما يحقق بطولة تتفجر له عيون الشعر، وتسيل من أجله أنهار الخطب، إن لم يفعل هذا فهو يكرر ما يفعله في العام أكثر من مرة، هذه المرة بدت البطولة أكثر حلاوة، فهي من أمام النصر، ثم إنها أتت بصعوبة عندما وصلت المباراة إلى ركلات الترجيح، سار صاحبنا إلى سيارته وهو ينشد والجمع خلفه يرددون ما يقول، امتطى سيارته وجمهوره الصغير يودعه، قال لهم، لا تبتعدوا فالبطولة الهلالية القادمة قريبة جدا، والاحتفال سيكون أكثر اتساعا. كل مسابقة والزعيم بخير