في المواقف الحزينة المؤثرة يصعب التعبير ويتعثر القلم وتبقى المشاعر حائرة في أعماق النفس باحثة عن أفق تطل من خلاله لترسم ملامح التأثر وعمق الحزن ولوعة الفراق. وعندما حضرنا لنشارك في وداع الراحل الكبير الأمير سطام بن عبدالعزيز والصلاة عليه في جامع الإمام فيصل بن تركي بالرياض كان الموقف مؤثراً جداً، بكل ما احتواه من أبعاد إيمانية وإنسانية ووطنية، فقد عبرت النظرات والعبرات عن مشاعر الحزن الذي ارتسم على قسمات الوجوه، وارتفعت الدعوات من القلوب المؤمنة بأن يرحم الله الفقيد الغالي الذي كان رمزاً من رموز الوطن بأخلاقه العالية وتواضعه الجم وفكره المتزن وحسن تعامله مع الناس. كما تجلت في هذا الموقف الصعب أصالة الرجال وصدق عزيمتهم ونبل أخلاقهم وعمق عرى الأخوة، والوصل والتواصل بين أبناء الوطن قيادة ومواطنين، حيث تقدم جمع المصلين صاحب القلب الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أمد الله في عمره - الذي كسر قيد الراحة الاجبارية وحضر لوداع أخيه والصلاة عليه مسجلاً أروع المثل في الوفاء والشهامة والاخلاص. كما هزت المشاعر تلك القسمات الحزينة التي تجلت على محيا رجل الوفاء النادر صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين - يحفظه الله - الذي كان الفقيد - رحمه الله - عضده الأمين ونائبه المخلص الذي قاسمه هموم العمل والسهر لخدمة المواطن والوطن طوال أربعة عقود من عمر الزمن، وعمل معه على بناء الرياض الحديثة التي أصبحت تضاهي أكبر العواصم في العالم. كما سطر صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وأصحاب السمو الملكي الأمراء، وأصحاب السماحة والفضيلة العلماء، ورجال الدولة، وأبناء الشعب الكريم، صوراً مماثلة من صور الوفاء للفقيد - غفر الله له - بل لقد كان المشهد العام بعفويته ونبضاته الصادقة التي تجلت من القيادة والمواطنين يعد بشكل جلي عن أروع صور التراحم والتلاحم والإخاء والوفاء المتبادل بين أبناء الوطن. رحمك الله يا سطام فقد كنت ملء السمع والبصر والقلب بابتسامتك وأخلاقك وتواضعك وسمو فكرك وعمق رؤاك، وعزاؤنا فيك ما تركته من ذكر حسن سيبقى خالداً شاهداً لعطائك المخلص طوال عملك نائباً ثم أميراً لمنطقة الرياض. وإنني كأحد المنتسبين لإمارة منطقة الرياض من خلال عملي الطويل وكيلاً لمحافظة المجمعة ثم محافظاً لمحافظة القويعية، أحتفظ بكثير من الذكريات الجميلة مع الفقيد - رحمه الله - ولن أنسى له بشاشة الاستقبال وحسن التعامل والإدارة والتوجيه، وحرصه الدائم على قضاء حوائج الناس وتلمس رغباتهم ومصالحهم. ختاماً أسأل الله تعالى أن يتغمد عبده سطام بن عبدالعزيز برحمته ورضوانه، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجعل في خلفه الخير والبركة لمواصلة مسيرة البناء والنماء في ظل رعاية القيادة الرشيدة أيدها الله بعونه وتوفيقه. * محافظ محافظة القويعية