مع بواكير تطبيق الاحتراف في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي برزت أسماء للاعبين كانوا يومها يملؤون الأسماع، ويخطفون الأبصار، ويسرقون الأفئدة، ولذلك ظلت عدسات المصورين لا ترمش لها عين بوجودهم، وأقلام الصحفيين لا تفتأ تسجل سكناتهم قبل حركاتهم، حتى إذا ما أعلنوا مغادرة المستطيل الأخضر راغبين أو مرغمين، أغمضت الكاميرات عيونها، وجففت الأقلام حبرها، فباتوا نسياً منسياً، حتى لكأنهم ما ركضوا في ملعب، ولا زّخت أجسادهم بقطرة عرق، وما سجل لهم التاريخ لحظة أنهم كانوا هنا، وهو الجحود بعينه، والنكران بكل معانيه. و"دنيا الرياضة" إذ تستشعر المسؤولية تجاه هؤلاء اللاعبين تأخذ على عاتقها إعادتهم إلى دائرة الضوء في هذه الزاوية، لتعبر من خلالها عن الوفاء لما قدموه، وضيفها اليوم حارس المرمى أحمد الشهري قائد الاتفاق والاتحاد والرياض سابقاً. * متى بدأت ممارسة الكرة وكيف مثّلت نادي الاتفاق ؟! - بدأت ممارسة الكرة في حواري المنطقة الشرقية إذ كنت لاعباً مهاجماً ولكن مع مرور الوقت تحولت لحراسة المرمى بعد طلب من الكابتن عبدالله مقراف والمدافع المعروف "غدرة" إذ كنت حينها صغيراً في السن وطولي مناسب ويهيئني لحراسة المرمى. أما قصة انضمامي للاتفاق فكان ذلك عام 1987هجرية إذ تم جلبي من الحواري وبالتحديد حين كنا في الملاعب البحرية وتم تسجيلي في النادي بدون أية شروط عدا إعطائي الملابس والأدوات الرياضية وتخيّل كان عمري حينها 18 سنة فقط. * من عرض عليك الالتحاق بنادي الاتحاد وكم كان مبلغ الانتقال؟! - بعد تمثيلي لنادي الاتفاق لمدة سنتين، أتاني عرض عن طريق مشجع اتحادي هو ابو جمال العمري وعرضني على رئيس الاتحاد السابق الأمير طلال بن منصور ونائبه الأمير فهد بن خالد، ووقعت بعدها عقد انتقالي للاتحاد في عام 1989 هجري وكان مبلغ الصفقة مليون ريال حصلت منها على 150 ألف ريال فقط. * بعد الانتقال للاتحاد.. أجبرت الحارس تركي بافرط على الاعتزال؟ - هذا الكلام غير صحيح، لم أجبره على الاعتزال وتركي كان في نهاية مشواره ولم يكن يلعب باستمرار وكنت نادراً ما أشاهده. لن أنسى رباعية الأهلي في شباكي.. وأتمنى اللعب مع نور والشلهوب وناصر وتيسير * كان هناك تنافس كبير بينك وبين الحارس الثاني علاء رواس؟ - بكل تأكيد؛ كان الكابتن علاء رواس وسعيد وفيق ومعهم أنا من ضمن مجموعة حرّاس، بدأنا في التنافس سوية إذ مرة كان يلعب علاء ومرة أنا ومرة زميلنا سعيد وللأمانة كنا جميعاً متعاونين. * موسم 98 – 99 هجرية، حدثت مشكلة قبل المباراة، إذ تأخر لاعبو الاتحاد والأهلي في النزول.. ما الذي حدث؟! - بالفعل كان هنالك خوف من "الدنبوشي" بين اللاعبين وتلك الفترة الجميع كان يصدق بتلك الخزعبلات وشخصياً لا أصدقها مطلقاً، أنا أؤكد بأن تلك كانت فقط حربا نفسية والحديث عن الدنبوشي ليس وليد تلك اللحظة بل كان منذ زمن بعيد. * هل كنت بالفعل حارساً للاتحاد حينما خسر من الأهلي خسارته الشهيرة 4-صفر في نهائي كأس جلالة الملك خالد "رحمه الله"؟ - نعم .. وتلك المباراة تحديداً لها ظروف كثيرة خذلتنا كلاعبين وسأذكرها تباعاً. أولاً كان محدد للمباراة أن تلعب عصراً وتحولت إلى بعد صلاة العشاء من أجل ظروف الملك خالد "رحمه الله" وتم تأجيلها فعلاً إلى تمام الثامنة مساءً. ثانياً سكنت بعثة الفريق في فندق "الخزامى" والذي يملكه الأمير محمد العبدالله الفيصل ولم نكن كلاعبين مرتاحين في الفندق بشكل جيد وعانينا بشكل كبير إلى جانب الأعصاب التي كانت مشدودة. ثالثاً هناك عضو شرف اتحادي معروف "رحمه الله" أعطى بعض اللاعبين في الفريق بعض المكافآت المادية وترك بقية الفريق مما سبب نوعاً من التوتّر وعدم الثقة في أنفس البعض. رابعاً دخلنا المباراة بنفسيات مترّهلة وسيئة وكان لاعبو الأهلي في حال نفسية جداً ممتازة وكان لديهم امين دابو وطارق كيال وطارق ذياب ووحيد جوهر وصمدو وأحمد الصغير، ونحن كنا نملك عبدالله غراب وعيسى خواجي وعيسى حمدان وسعد بريك وثيو بوكير وكل تلك الأسماء لم تكن في وضع جيد للأمانة. ولا تنسَ أن ملعب المباراة "النجيلة الصناعية" كانت قاسية علينا جداً وكل تلك الظروف تكالبت علينا وجعلتنا نخسر المباراة بنتيجة قاسية. * ذكر لي أحد لاعبي الاتحاد أنك لم تنم جيداً ليلة المباراة وراودتك الأحلام كثيراً ؟! - صحيح، وذلك يعود إلى كوني كنت مركزا في المباراة بشكل كبير، فقد اتيت من المنطقة الشرقية للمنطقة الغربية وكانت الجماهير معلقة عليّ آمالها بشكل كبير، وأخيراً أعود لأقول ان الفندق الذي كنت نائماً فيه ليلة مباراة الأهلي لم يجعلني أنام بارتياح. * لماذا لم تستمر في الاتحاد ؟! - شاءت الأقدار وحدثت مشكلة بيني وبين الحارس علاء رواس، وأراد الهلال تجربتي وطلبني رئيسه السابق الأمير عبدالله بن سعد "رحمه الله" الذي تحدث مع الأمير فهد بن خالد حول رحيلي، وتمت تجربتي عبر المدرب الاسباني كوبالا عام 1403 هجرية، وفي الهلال لم تكن الأمور جيدة وتعرضت لإصابة متعمدة وجلست مصاباً لمدة ستة شهور وتعالجت تحت إشراف الجهاز الطبي وذهبت بعدها لنادي الرياض ومثلت الفريق موسم 1404 – 1405 هجرية بمعية صلاح السقا وخالد القروني وأتذكر تلك الأيام كان ترتيب الفريق في المركز التاسع ووصلنا به إلى المركز السادس وحققنا نتائج جيدة جداً. * أحمد الشهري يؤكد زملاؤك اللاعبون بأنك صاحب "نكتة" في المعسكرات؟! - الحمدالله كلام الزملاء في الحقيقة يسعدني وهذا من فضل ربي والإنسان عموماً يجب أن يضحك ويتغلب على همه لأنه يؤثر على نفسيته، أتذكر حين كان زملائي في الفريق متوترين أحاول أن أخرجهم من دائرة الملل وكنت أنجح. * أجمل وأسوأ لحظة مرت بك أثناء مشوارك الرياضي؟ - في الحقيقة أجمل لحظة حين انتقلت للاتحاد ولقيت استقبالاً لائقاً، أما الأسوأ فحين تعرضت لإصابة الاربطة أثناء التدرب في الهلال. * متى اعتزلت الكرة وكيف اتخذت القرار؟ - بعد ان جاءتني اصابة الظهر "الديسك" ضد فريق احد اثناء تمثيلي لنادي الرياض نهاية عام 1405ه. * وإلى أين اتجهت بعد ترك الكرة؟. - اتجهت للشؤون الرياضية في القوات الجوية بالرياض عام 1406ه. وعملت هناك حتى تقاعدت عام 1425ه. * وماهو مجال عملك الحالي؟ - متقاعد؛ ولا أعمل بالرغم من خبرتي في كرة القدم ولم يتم استثمار ذلك الشيء من قبل نادي الاتحاد والذي أتمنى من المؤثرين في النادي الثمانيني أن يعطونا فرصة لإثبات أنفسنا واستغلال خبرتنا لإنتاج لاعبين جيدين بعد أن خدمنا النادي سنوات وسنوات ولا نريد منهم أن ينظروا لنا نظرة عطف، بل نظرة أخوّة ومحبة نظراً لما قدمناه للنادي الان لا أعمل وأتمنى من الاتحاديين المؤثرين في النادي تقديرنا واعطاءنا فرصة بعد خدمتنا للنادي سنوات. وللمعلومية التعصب موجود في جميع الأندية وحتى لو أثبت كفاءتك وجدارتك المهنية فإن هنالك أعداء كثرا لا يريدون لك النجاح مطلقاً. * ومن هم اللاعبون السابقون الذين كنت تحب اللعب معهم؟. - صالح النعيمة وفهد عبدالواحد من الهلال .. خالد القروني وسدوس في نادي الرياض.. وجميع لاعبي الاتحاد السابقين الذين كنت ألعب معهم. * من الحاليين من تريد اللعب معه؟. - تمنيت اللعب مع قائد الاتحاد محمد نور، وكابتن الهلال محمد الشلهوب، وهداف الشباب ناصر الشمراني، ونجم الأهلي تيسير الجاسم. * شكّل منتخب "احمد الشهري" يتضمن خليطاً مابين القدامى والحاليين مع مدرب وإداري ولاعبين..!! - حارس المرمى: محمد الدعيع خط الظهر: حسين عبدالغني – حسين البيشي – أحمد جميل – محمد عبدالجواد خط المنتصف: محمد نور – يوسف الثنيان – سعود كريري –– يوسف خميس خط المقدمة: ناصر الشمراني – ماجد عبدالله. المدرب: خليل الزياني – الإداري: الأمير عبدالرحمن بن مساعد * كلمة أخيرة تود إضافتها ؟! - أمنيتي أن تولي الرئاسة العامة لرعاية الشباب والأندية اهتماماً بجيل اللاعبين القدامى والذين خدموا الأندية على مدى سنوات طويلة إذ والله أن هنالك لاعبين ظروفهم صعبة للغاية وأعرف أحد الزملاء اللاعبين من يعمل سيكورتي براتب لا يتجاوز 1200 ريال شهرياً.. وفي الختام شكراً لك ولصحيفتنا "الرياض" التي تذكرتنا بعد مضيّ سنوات طويلة. أحمد الشهري