عرف الوسط الرياضي في النصف الأول من عقد التسعينيات الهجرية حارس نادي الشباب ومنتخبي المملكة الأهلي والعسكري سابقاً (عبدالله آل الشيخ) بإخلاصه لناديه وسلوكه الحسن وأخلاقه العالية وثقافته الجيدة وفكره الواعي. ويعد «عبدالله» واحداً من أفضل حراس المرمى الذين مروا على نادي الشباب ونجومه المثاليين.. وبرز بفدائيته ويقظته التي جعلت من الصعب دخول هدف في مرماه وتميز بحماسه الكبير بين الخشبات الثلاث وكانت توجيهاته لزملائه وحديثه معهم بلهجة قوية يُسمع أثناء المباريات. ٭ ولد هذا الحارس العملاق واسمه الكامل «عبدالله بن حسن بن عمر آل الشيخ» في الطائف عام 1373ه وسجل في بداية مشواره الرياضي بنادي النجمة مطلع عام 1389ه وبعد ستة أشهر تم «دمج النجمة» مع الشباب فانتقل (آل الشيخ) ليذود عن شباك «شيخ الأندية» لكنه لم يعمر في الملاعب طويلاً حين آثر الاعتزال مبكراً بعد قرابة ست سنوات فقط من بدايته الكروية، وذلك في أواخر عام 1395ه وعمره آنذاك 24 عاماً ليتفرغ لعمله الحكومي - الحالي - بالمراسم الملكية ولأسباب أخرى أصابته بالإحباط جراء وضع ناديه المتردي في تلك الفترة. بيني وبين الهلال عشق قديم يقول الكابتن عبدالله آل الشيخ (53 عاماً) في مستهل حديث ذكرياته الرياضية للصفحة: بيني وبين نادي الهلال قصة عشق قديم فقد أحببت هذا النادي العملاق منذ نعومة أظفاري وكان الهلال ولايزال جزءاً مهماً من حياتي الرياضية وارتبطت به بذكريات لا تنسى.. ومن أجله عشت مواقف صعبة وعانيت الأمرين بسببه فتكالبت علي الظروف النفسية والتشكيك في إخلاصي للشباب من قبل أشخاص غير شبابيين ينتمون لأندية أخرى وهذا ما عجل باتخاذي قراري بتوديع الملاعب في سن مبكرة. البداية كأس 84ه تفتحت عيوني على الهلال لأول مرة بحضوري نهائي كأس جلالة الملك الذي جمع الهلال والاتحاد في ملعب الصايغ عام 1384ه الذي كسبه الهلال (3/1) وكنت بصحبة ابني عمي «هشام ومحمد بن حسن آل الشيخ» وكلاهما يميلان لتشجيع الاتحاد بحكم وجودهما في المنطقة الغربية فكان بيننا تحد في تلك المباراة التاريخية ولم يخيب الهلال ظني لأكسب جولة التحدي أمامهما. وإجمالاً بدايتي كانت هلالية والشباب فرضه عليَّ حين طلبت من والدي حسن بن عمر - متعه الله بالصحة والعمر المديد - أن يسمح لي بالتسجيل في كشوفات الهلال وكان عمري 16 سنة إلا أنه طلب مني البقاء مع اخواني عبدالرحمن وعبداللطيف في نادي النجمة وبطبيعة الحال لم أرفض رغبة الوالد وسجلت بواسطة الأستاذ عبدالعزيز البكر مساعد مدير الجوازات السابق وأحد محبي نادي النجمة. الحيدري نصحني بالصبر وأتذكر أن أول مدرب أشرف على تدريبي كان السوداني عبدالله الكنج (رحمه الله) مدرب النجمة آنذاك وكان حريصاً أن ألعب حارس مرمى لحاجة الفريق وأحياناً كمدافع وخضت أول مباراة مع النجمة ضد منتخب الوسطى 1389ه وكدت أغادر الملعب في بداية المباراة نتيجة كلام بذئ تنامى إلى سمعي من الجمهور الحاضر في ملعب الصايغ غير أن زميلي متوسط الدفاع محمد جابر الحيدري نصحني بالتحلي بالصبر فاستمررت وبعد 6 أشهر تقريباً تم دمج النجمة مع الشباب فانتقلت مع من انتقل من لاعبي النجمة إلى صفوف شيخ الأندية. طهران محطتي الدولية وعلى مستوى المنتخبات كان أول تمثيل لي عام 91 - 1392ه مع منتخب الناشئين في إيران، ثم منتخب الشباب الحائز على المركز الرابع في الدورة الآسيوية بطهران وبعدها مع المنتخب العسكري عام 1393ه وتم المنتخب الأهلي الأول في دورة الخليج الثالثة بالكويت 1394ه كحارس احتياطي لأحمد عيد ومبروك التركي (رحمه الله). ومن خلال لاعبي الهلال في المنتخبات والمباريات الحبية التي طلب الهلال مشاركتي فيها معه تعلقت أكثر بهذا النادي وخصوصاً بعدما دافعت عن شعاره ولعبت في صفوفه ضد فرق مصرية وأتذكر منها ثلاث مباريات بين عامي (93 - 1394ه) تألف الهلال/ الشباب أمام الزمالك والأهلي المصري وفريق معهد التربية العالي المصري. التدخلات هدَّت الشباب!! ولاعبو الهلال وهذه حقيقة قدوة حسنة عاشوا وترعرعوا في بيئة رياضية صحية كنا نتمناها في نادينا (الشباب) خلال النصف الأول من التسعينيات الهجرية إذا كانت هناك تدخلات وتأثيرات خارجية من أحد أندية الرياض عصفت بالشباب وفككت ترابط لاعبيه وأدت إلى تخاذل بعضهم وكانت تلك السلبيات تضايقني كثيراً وأصابتني بالاحباط خاصة وأنا أرى قبل بداية التدريب من يأتي ليأخذ بعض زملائي من التمرين قبل المباريات.. لذلك أكرر أن الأجواء الصحية للاعب تساعده على تفجير طاقاته الإبداعية في ناديه وهذا ما كنا نفتقده في تلك الفترة السوداء من تاريخ الشباب في ظل الظروف الإدارية السيئة التي كان يمر بها النادي.. وأفرزت ظهور المتلاعبين والعابثين بمصلحته. فوضى إدارية وقد عشت في تلك المرحلة مواقف صعبة وتأثرت منها نفسياً كونها صادرة من أناس غير شبابيين جاءوا إلينا من أندية أخرى مستغلين حالة الفوضى الإدارية التي كان يعيشها شيخ الأندية في عام 1392ه. وسأذكر لك القصة الكاملة للحادثة الشهيرة التي كانت لها أصداء واسعة واعتبرها من أسوأ ذكرياتي الشبابية. فقد كانت هناك مباراة دورية بين الشباب والهلال في شهر ذي القعدة من عام 1392ه وكان الهلال يحتاج إلى الفوز فيها بفارق خمسة أهداف ليتقدم على النصر في صدارة دوري المنطقة.. وقبل موعد المباراة بثلاثة أيام بدأت اسمع أن هناك خمسة لاعبين شبابيين لن يلعبوا هذه المباراة إذا كان (عبدالله آل الشيخ) الحارس الأساسي أمام الهلال وبعدها بيومين وفي التمرين الرسمي زادت الضغوط على المدرب «محمود أبو رجيلة» لابعادي من التشكيلة ومن هنا بدأت أتأكد من صحة الأنباء التي سمعتها قبل ذلك.. بل إن اللاعبين الخمسة دخلوا غرفة إدارة النادي وطلبوا ابعادي من المباراة وإلا فسوف ينسحبون من التشكيلة ولن يلعبوا المباراة، لاعتقادهم أنني سأتواطأ مع الهلاليين للسماح لهم باحراز خمسة أهداف. وزادوا على ذلك باتهامي بالرشوة من الهلال بمبلغ خمسة آلاف ريال علماً أن كل مكافأتي التي كانت تصرف لي من الشباب كنت أوزعها على زملائي اللاعبين وبينهم الخمسة الذين اتهموني بالرشوة والتخاذل أمام الهلال. فضلت الانسحاب وامتداداً للضعف الإداري الشبابي قامت الإدارة على مضض باستدعائي وعرضت رغبة زملائي بابعادي عن المباراة وقالت ما هو رأيك؟ فقلت لهم: «ليلعب الخمسة وأنا من ينسحب»! وتفاقمت المعضلة بانقسام لاعبي الشباب على أنفسهم فبعضهم تضامن معي بالتهديد بالانسحاب من الفريق إذا تم ابعادي وتدخلت لاطلب منهم وبالحاح خوض المباراة مع البقية وبعدها لكل حادث حديث. وفي يوم المباراة قابلني الأستاذ عبدالرحمن الحمدان رئيس الهلال السابق وأصر أن أرافقه إلى الملعب لمتابعة المباراة من المدرجات وذهبت معه وأخي عبدالإله.. قابلني جمهور الهلال بتحية خاصة وردد عبارة شهيرة لا زلت اتذكرها جيداً حين قال: (طلق.. طلقهم يا ابن الشيخ)!! وجرت المباراة وكان حارس الشباب زميلي (محمد نور أبو لبن) الذي شاءت محاسن الصدف أن تستقبل شباكه خمسة أهداف هلالية في تلك المباراة الشهيرة ردت اعتباري ولطمت وجه كل من شكك في وفائي وإخلاصي لنادي الشباب وبدأت بعدها تتعالى أصوات المطالبين بتنقية النادي من العناصر السيئة. لن أنسى وقفة «صلى الله عليه وسلم» وبعد المباراة وقفت معي جريدة «الرياض» الغراء وأجرت معي حديثاً ساخناً تركز حول هذه المباراة الشهيرة والاتهامات الخطيرة التي طالتني بسببها. وفي اليوم التالي لنشر المقابلة التي طرحتها «الرياض» يوم 19/11/1392ه وكان عنوانها الرئيس: (عبدالله بن الشيخ يروي حكاية: الآلاف الخمسة والأهداف الخمسة واللاعبين الخمسة) طلب مني الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير فيصل بن فهد (رحمه الله) الحضور إلى مكتبه لايضاح الحقيقة الكاملة. وأمام الأمير فيصل أوضحت له ما حدث فكان سموه (رحمه الله) متأثراً لما حدث لي من اتهامات باطلة وقال لي: «ليش ما قلت لي قبل المباراة حتى أوقفهم عن اللعب»؟!. فأجبت سموه: «لو اخبرتك لما طلعت الحقيقة التي أريدها» وقام سموه (رحمه الله) بعد ذلك برد اعتباري ومعاقبة اللاعبين الخمسة بالايقاف لفترات متفاوتة تراوحت بين اربعة اشهر وسنة (وعذراً لعدم ذكر أسمائهم!!). أصبت بسبب الهلال واتذكر أيضاً بعد هذه المباراة بفترة وجيزة أن التقى الهلال والشباب في مباراة دورية أخرى وكنت الحارس الشبابي فيها وانتهت بالتعادل السلبي وفي آخر دقيقة من عمر المباراة تعرضت لإصابة حين قفزت لابعاد كرة عرضية قبل وصولها إلى المهاجم الهلالي محسن بخيت وارتطم رأسي بالقائم ونقلت إلى المستشفى وكان جمهور الهلال يهتف لي طوال هذه المباراة. الشباب غلطة سألت عملاق المرمى الشبابي السابق الكابتن عبدالله آل الشيخ: بعد هذا المشوار الرياضي المؤلم نفسياً في أروقة شيخ الأندية.. (هل تعتبر الشباب غلطة في حياتك؟!) أجابني الحارس الخلوق (بعد تنهيدة عميقة): وباختصار شديد: (لا بل مرحلة في حياتي!!).