تبدو الهوية التجارية لأغلب الأنشطة الاقتصادية في المملكة قد تشكلت خارج أيدي المواطنين بالنظر لعوامل اجتماعية، وتنظيمية أقصت العديد من السعوديين عن الإمساك بزمام المبادرة في إدارة الأنشطة التجارية المختلفة في البلاد. وقد أدى غياب المواطن طويلاً عن السيطرة على تلك الأنشطة التجارية إلى وجود فراغ كبير وجد فيه مقيمون فرصة هائلة لممارسة العمل التجاري في ظل إذعان كثير من السعوديين لمبدأ التستر التجاري، مما عزز من سيطرة المقيمين على الغالبية العظمى من تلك الأنشطة التجارية. وبات معروفاً في المملكة سيطرة جنسيات بعينها على كل قطاع، فالمطاعم يسيطر عليها جنسيات محددة، وكذا سوق الخضار، وسوق الكماليات، والعطارة، وغيرها من الأنشطة التي بدأت تحتكرها تكتلات بعينها. د. عرب ترى ماذا يصيب الاقتصاد حين تظهر فيه التكتلات، وحين تسيطر تلك التكتلات على أنشطة بعينها؟ يقول د. عاصم عرب أستاذ اقتصاديات العمل بجامعة الملك سعود سابقاً إن ظهور التكتلات من جنسيات وافدة في القطاع التجاري يشكل ضرراً كبيراً على ذلك القطاع، وأكد أن سيطرة تكتلات بعينها على أنشطة تجارية معينة هو أمر يدعو للقلق بالنظر لنتائجه الاقتصادية والأمنية الوخيمة. وعد الدكتور عرب ان سيطرة التكتلات على نشاط تجاري يعني استنزافاً لاقتصاد الوطن من خلال المبالغ الفلكية التي يقومون بتحويلها إلى خارج البلاد كل عام، كما أكد في الوقت ذاته أن تلك السيطرة تعني حصر الوظائف المتاحة في ذلك النشاط التجاري على أبناء تلك الجنسية التي تسيطر عليه. وشدد د. عاصم عرب على أهمية ما أسماه استرداد أنشطة تجارية بعينها، وعدم السماح لتلك التكتلات بالسيطرة عليها، مؤكداً وجود سعوديين يقدمون الدعم الكافي لتلك التكتلات في سبيل الحصول على دراهم معدودة. وبين أن محاولات وزارة العمل الأخيرة قد تفلح في تفكيك تلك التكتلات من خلال حصر العمل في بعض الأنشطة على السعوديين، وكذلك محاربة التستر التجاري. وأشار إلى حجم التحويلات السنوية للعمالة المقيمة تشير بجلاء إلى سيطرة التكتلات على أنشطة اقتصادية رئيسية في البلاد، مما يشيع البطالة في البلاد، ويشكل خطورة أمنية بالغة بالنظر لحساسية بعض تلك الأنشطة التجارية.