وما أدراك ما توطين الطبقة الكادحة موضوع شائك فيه الكثير من التعقيدات والمساومات فيه الكثير من المتداخلات المربكة الغريبة .. هو اساس مشاكل العمل والبطالة وهو موضوع يحتاج الوقوف بحزم وجدية ويحتاج ان تتضافر الجهود لمعرفة أسبابه وعلاجها على مدى بعيد ووضع خطط على مراحل راسخة ثابتة. مازال الوطن يفتقر للعمالة اليدوية من ابنائه في مسيرة التنمية ومازلنا نعاني من وجود العامل الأجنبي الدخيل علينا فيتحكم في قرارتنا ويهدر اقتصادنا وليس في ذلك اعتراض لأنه هو العامل في الطبقة الكادحة التي هي اساس الاقتصاد القوي والنمو الصحيح . ياترى ماهي الأسباب التي تمنع عمل المواطن السعودي من العمل في الأعمال اليدوية وتجعلة دائماً يبحث عن العمل الإداري او المكتبي.. هل هو البحث عن الراحة؟ أم هو البحث عن الدخل الأعلى؟ أسئلة كثيرة لا نجد لها جواباً كافياً ووافياً فنقف أمامها منبهرين خائفين من المستقبل نؤجل الخوض فيها ونرفض المواجهة فتتراكم علينا المشاكل وتتفاقم حتى تنفجر .. لن أطيل في سرد الأسباب وتضخيمها سأختصرها بالتالي: من وجه نظري أن هناك سببين رئيسيين في عدم رغبة الشاب السعودي في العمل الحر اليدوي. السبب الأول: هو عدم تنشئة هذا الشاب من مرحلة الطفولة على العمل اليدوي سواءً في المدرسة او البيت او الشارع فعملية تعويد هؤلاء الشباب تبدأ من المرحلة المتوسطة اي في عمر 12-13 لهذا الشاب وتركيز الورش اليدوية في الحصص المدرسية فبذلك يتعود فيها الشاب على العمل اليدوي والتقني فكما يبرز الطلاب المبدعين علمياً يبرز في تلك المرحلة ايضاً المبدعين يدوياً وحرِفياً فالمدرسة والصفوف الأولية هي البداية وليس بعد التخرج من المرحلة الثانوية او الجامعية . السبب الثاني: عدم وجود الجدوى الاقتصادية والدخل المعقول من العمل اليدوي بسهولة فعمل هذا الشاب كميكانيكي او نجار او بنّاء او كهربائي في ظل تدني دخل تلك العمالة الأجنبية وعملهم كل ايام الاسبوع في جميع الأوقات يجعل المنافسة صعبة جداً بل مستحيلة فمن حقه كمواطن ان يحصل على دخل يجعله يعيش الحد الأدنى من الحياة الكريمة وان يستمتع بحياته مع عائلته، وان يكون للعمل وقت وممارسة حياته الخاصة وقت مستقل . وهذا مايحدث في الدول المتقدمة اقتصادياً يتم فيها إرغام جميع المحلات والباعه المتجولين واصحاب الأعمال اليدوية على العمل بأوقات معينة فيصبح الجميع سواسية في منافسة شريفة عادلة لايخالطها جشع او خوف. جميعنا يعلم بأن الحلول ليست سهلة وليست بسيطة وتحتاج للوقت والجهد والتضحية فتوطين الطبقة الكادحة موضوع يطول فيه النقاش ولكن ما لايدع مجالاً للشك أن توطين هذه الطبقة هو الأساس المتين الذي به نستطيع بناء أعلى الصروح ونستطيع من خلاله الوصول لاقتصاد خيالي، وأنه في ظل هذه الطفرة العظيمة يجب علينا أن نستغل كل التفاصيل والعقول والأفكار ووجهات النظر وان نستمع لهؤلاء الشباب ونعطيهم الفرصة في ان يبوحوا بما في دواخلهم لعلنا نصل لنقطة الالتقاء في هذا النفق المظلم لنشعل الشمعة سوياً ونرى الطريق سوياً ونبني الوطن سوياً ...