رغم أن الاقتصاد العالمي تمكن مؤقتاً من تفادي "الهاوية المالية" الأمريكية، إلا أن استمرار المفاوضات حول الوضع المالي في الولاياتالمتحدةالأمريكية واستمرار الاصلاحات في أوروبا، تعني أن درجة تذبذب الأسواق سوف تظل مرتفعة على المدى القريب. إلا أن هذا التذبذب قد يخلق في الوقت نفسه فرص شراء مجزية للمستثمرين طويلي الأجل، وذلك تبعاً للتقرير حول توقعات العام 2013 الذي نشرته بلاك روك المدرجة على بورصة نيويورك. ويشير التقرير إلى أن سياسة التضييق المالية الأمريكية سوف تُطبّق في عام 2013 كما يتوقع المحللون نمو الاقتصاد الأمريكي بحوالي 2% هذا العام في حال توصل صانعو القرار في أمريكا في وقت وجيز لتسويةٍ حول السياسات التي لم يتم البت فيها بعد. ويرى المحللون أن العوامل التي تحد من النمو السريع مثل عدم الإقراض وتقييد السيولة النقدية، سوف تحد من تسارع النمو الاقتصادي ، إلا أنهم يشيرون إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيتم دعمه من خلال قطاع الإسكان وقطاع الطاقة الأمريكي. ارتفاع أسعار الفائدة كما توقع المحللون ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية تدريجياً طوال عام 2013، لتتراوح بين 2% و2.5% على سندات الخزانة الأمريكية ذات 10 سنوات، والمستحقة بحلول نهاية العام. ويتوقع أولئك المحللون بقاء أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة لمدة أطول في مرحلة الغموض الاقتصادي في حال عجز صانعو القرار الأمريكي التوصل إلى اتفاق حول معالجة السيناريو الخاص بتخفيض الانفاق كجزء من "الهاوية المالية". وأشاروا إلى أن البنك المركزي الأوروبي تفادى الخطر الأكبر لحدوث انهيار مصرفي من خلال التعهد باتخاذ جميع الاجراءات اللازمة لإنقاذ اليورو، وإعادة شراء الديون قصيرة الأجل لدول في منطقة اليورو أمثال إسبانيا وإيطاليا واليونان. إلا أن كوستريخ وروزنبيرج وهايس توقعوا تباطؤ النمو إلى أن تتم الإصلاحات الأساسية بعد انتهاء الانتخابات الألمانية في الخريف المقبل. وتوقع كوستريخ وروزنبيرج وهايس أن العديد من المخاطر المرتبطة بالاقتصاد الكلّي والتي تعيق نمو دول أمثال البرازيل والهند ستنحسر، بينما يستأنف الاقتصاد الصيني نموه القوي، بفضل قيادة جديدة واستثمارات جديدة وتيسير السياسات النقدية. نمو الصين أما التوقعات حول نمو الصين على المدى البعيد فستتوقف على تطبيق الإصلاحات والسياسات المطلوبة لتعزيز القوة الشرائية للمستهلكين الصينيين وتقليص الاعتماد على الطرق التقليدية لنمو الاقتصاد كالاعتماد على التصدير والاستثمار، لنمو أكثر توازناً واستدامة. وفي الوقت الذي سوف يستغرق فيه هذا التحول بعض الوقت، يرى كوستريخ وروزنبيرج وهايس أنه يتوجب على الصين أن تدعم نمو الاقتصاد العالمي لهذا العام. الأسواق الناشئة وقطاعات الائتمان تتيح الفرص ويرى كوستريخ وروزنبيرج وهايس أنه ومع تقدم العام، سيرى المستثمرون توجهات أكثر إيجابية في أسواق الأسهم والأصول مرتفعة المخاطر بصورة عامة، كما أكدوا أن الأسواق الناشئة وقطاعات الائتمان، سوف توفران فرص استثمار جيدة. ويعتبر المحللون الأسواق الناشئة الأفضل للاستثمار طويل الأجل خلال عام 2013، نظراً لما توفره من فرص نمو أسرع وتقييمات منخفضة الأسعار ومعدلات تضخم منخفضة ومستويات تذبذب منخفضة. وبالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية، أشار التقرير الذي أعده أولئك المحللون إلى أن أداء الشركات الكبرى سوف يكون أقل عُرضَةً للمخاطر من أداء الشركات الشركات المتوسطة والصغيرة بصفة خاصة. الاستثمارات ثابتة العائد وفي مجال الاستثمارات ثابتة العائد، يقترح التقرير التوجه إلى القطاعات الائتمانية مثل السندات، بالتزامن مع انتهاء مرحلة ازدهار سندات الخزانة في الأسواق. إلا أن العائدات المرتفعة للسندات لا تزال جذابة بينما سوف توفر سندات البلدية المعفاة ضريبياً عائدات صافية جذابة مستقبلاً، مقارنة مع عائدات السندات الخاضعة للضرائب. ودعا التقرير المستثمرين إلى إدراج فئات أصول واستراتيجيات بديلة في خططهم الاستثمارية. الهاوية المالية تم تفادي المرحلة الحاسمة من تخبط السياسات الاقتصادية (مؤقتاً)، لكن لن يحدث دون تشديد السياسات المالية ومع اجراء مزيد من المفاوضات سوف يستمر تذبذب الأسواق دون أن يمنع ذلك ظهور فرص شراء مجزية للمستثمرين في الأجل الطويل. ويواصل الاقتصاد الأمريكي نموه البطيء كما في عام 2012 ولكن دون الدخول في مرحلة ركود جديدة، ومن المتوقع أن ترتفع معدلات نموه مع تقدم العام. وسوف يرتفع عائد سند الخزانة الأمريكية والمستحقة بعد 10 سنوات تدريجياً طوال عام 2013 ليصل إلى 2%، بينما ت ونرى زيادة 2% في التضخم ما لم يرتفع معدل النمو أو أسعار النفط بقوة. وغيَّر البنك المركزي الأوروبي قواعد اللعبة من خلال تعهده بمواجهة مخاطر انهيار القطاع المصرفي، لكن تطبيق الإصلاحات اللازمة لتصحيح مسار هذا القطاع لن يحدث قبل عام أو أكثر، في حين سوف يواصل معدل النمو الاستعصاء على توقعات المحللين. وتستأنف الصين والأسواق الناشئة مسيرتها التنموية خلال عام 2013، لتسهم بذلك بتخفيف معدلات الضعف الذي قد يواجه الاقتصادين الأمريكي والأوروبي. ومن المرجَّح استمرار حالة التذبذب في الأسواق في أوائل العام الحالي، لكنها سوف تتجه للاستقرار استجابة للأسس القوية للاقتصاد وتزايد اتضاح صورته الحقيقية. ورغم ارتفاع المخاطر والتقييمات السعرية نسبياً، سوف تظهر فرص استثمار جيدة في أسهم كبرى الشركات التي تتمتع برؤوس أموال ضخمة. وسوف توفر أسهم الأسواق الناشئة فرص نمو أسرع وتقييمات سعرية منخفضة ومعدلات تضخم أكثر انخفاضاً عن مثيلاتها في الدول المتقدمة، إضافة إلى مستويات أدنى من التذبذب. وارتفعت مستويات مخاطر الأصول التي كانت تعتبر "خالية من المخاطر" مثل سندات الخزانة. ويقترح التقرير الاتجاه إلى القطاعات الائتمانية على المدى الطويل والتفكير بتنويع اتجاهات المستثمرين الى السندات مرتفعة العائدات، بحيث تشمل القروض والائتمانات المضمونة. إلا أن هذه الفئة من الأصول لا تزال توفر عائدات مرتفعة بالتزامن مع مستويات منخفضة للعجز عن السداد.