طفت على السطح قضية الشهادات العليا المزيفة أو الوهمية، وكان لتويتر وعدد من ناشطيه من أصحاب الضمير الحي، دور بارز في تسخين القضية، والمفارقة أو المصيبة أن أغلب المتورطين يعملون في مجالات يفترض أن تكون هي الأبعد عن مثل هذا الغش والتزوير حيث ضمت إعلاميين وتربويين ودعاة، وبعضهم (يخزي العين) كل شهاداته من البكالوريس حتى الدكتوراه من جامعات ليس لها وجود، وكل ما تقوم به هو منح شهادات مزيفة مقابل حفنة من الدولارات! وقبل أيام تم تداول خبر عنوانه: (مجلس الشورى يمهل أصحاب الشهادات الوهمية ثلاثة أشهر للتبرؤ منها) الذي قد يوحي بأن مجلس الشورى قد تم "منحه" سلطة محاسبة حاملي هذه الشهادات، وأنه من لم يقم بالتبرؤ من شهادته الوهمية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر الخبر فإن المجلس سوف يقوم بسحب شهادته أومعاقبته. وما سبق عنوان "وهمي"، تم تداوله بعد نزعه من سياقه، فالمجلس ليست لديه صلاحية ولا أدوات مواجهة هذه الظاهرة، وأي ظاهرة، وكل ما يستطيع عمله هو اقتراح مشروع نظام، قد يصاب بالاختناق أثناء مروره بقنوات بيروقراطية متعددة، وقد تمر عدة سنوات قبل اعتماد النظام وصدوره وتنفيذه، وقد يأتي من يطالب بتأسيس هيئة لتطبيق النظام، فنبقى ندور في حلقة مفرغة من المطالبات، مع كل التقدير لأعضاء مجلس الشورى وعلى رأسهم موافق الرويلي، والشكر لهم على حسهم الوطني وإسهامهم في التوعية بخطورة الظاهرة. ويبقى المطلوب قرارات حازمة وعاجلة إما من مجلس الوزراء الموقر أو من كل جهة حكومية يوجد من منسوبيها من يحمل شهادة وهمية، وعلى رأس هذه الجهات وزارة التربية والتعليم، لأنها أكثر جهة حكومية هناك متهمون من منسوبيها وقياداتها في هذه القضية، ولأن محاربة الغش والتزييف عمل تربوي جوهري يدخل في صميم رسالة الوزارة. إن التعامل مع ظاهرة الشهادات الوهمية لا يحتاج لتاً وعجناً ولفاً ودوراناً، فمن يتم إعلان اسمه في هذه القوائم ولم يقدم ما ينفي ذلك بشكل مقنع خلال أسبوع أو اسبوعين، ولم يقم بالتبرؤ من الشهادة وتحمل تبعات ذلك من النواحي الإجرائية والوظيفية، فيجب كف يده فورا على ذمة التحقيق، مع تشكيل لجنة للنظر في العقوبات التي يجب اتخاذها بحقه وحق المتورطين في تسويق هذه الشهادات، بعد دراسة كل قضية من كافة جوانبها، وقد لا يكون كل متهم مذنبا. المهم أن هناك قضية رأي عام، يصعب"تمييعها"، ويجب أن تعي الجهات الرسمية وبخاصة وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم أن عليها التحرك الجاد بسرعة ووعي ومسئولية، فالمجتمع بعد تويتر أصبح مختلفا، ولم يعد بالإمكان تغطية الشمس بغربال.