أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن واتباع اوامره واجتناب نواهيه وذلك ابتغاء لمرضاته عز وجل داعيا فضيلته الى الاستعانه بالله عز وجل على مصائب المقادير وإيثار محبة الله ومراعاة حقوقه سبحانه وتعالى. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التى ألقاها امس بالمسجد الحرام ان المسلم الصالح حين يكون في موقع المسؤولية فهو الحارس الأمين بإذن الله لمقدرات البلاد والعباد يحفظ الحق وينشر العدل ويخلص في العمل ويحافظ على مكتسبات الأمة صاحب المسؤولية المخلص صالح في نفسه مصلح لغيره يأمر بالصلاح وينهى عن الفساد والإسلام قد جعل من الرقابة مسؤولية يتحملها الفرد كما تتحملها الجماعة وهذا هو الاحتساب في بابه الواسع فالاحتساب بسعته وشموله رقابة ومراقبة يحمي الفرد والمجتمع والمنشآت والدولة يحميها بإذن الله من الفساد والإفساد. وأكد فضيلته أن وظيفه الاحتساب وظيفة رقابية في ميادين الاخلاق والدين والسياسة والاجتماع والادارة والاقتصاد وغيرها وقد قال اهل العلم ان الاحتساب هو الأمر بالمعروف اذا ظهر تركه والنهي عن المنكر اذا ظهر فعله تحقيقا للعدل ونشرا للفضيلة ومكافحة للفساد والرذيلة وحماية للنزاهة والصلاح فالاحتساب عمل رقابي توجيه ارشادي لكل نشاط مجتمعي عام او خاص لتثبيت اصول الدين واحكام الشرع ومعايير الاخلاق ورفع كفاءة الأداء كفاءة وأداء يتحقق به السلوك الرشيد وتعظم به المصلحة الفردية والاجتماعية في الدنيا والآخره ان العامل الصالح والموظف الصالح والمواطن الصالح بإيمانه بربه وبوازع من دينه يجتهد في أداء عمله ويحرص على منع الممارسات الخاطئه او يكشف عنها لمن يستطيع منعها فالعامل الصالح عنده من الصدق في دينه والامانة في عمله والولاء لمجتمعه والحرص على المصلحة العامة ما يدفعه الى الاحسان والى الجد وحسن الانتاج وعدم الرضى بالفساد والانحراف. وبين الشيخ ابن حميد ان الفساد بكل انواعه سلوك منحرف في الافراد وفي الفئات يرتكب صاحبه مخالفات من اجل ان يحقق اطماع مالية غير شرعية او مراتب وظيفية غير مستحقة مما يؤدي الى الكسب الحرام واضعاف كفاءة الاجهزة والمؤسسات والمنشآت، الفساد منهج منحرف متلون متفلت متستر محاط بالسرية والخوف يدخل في كل مجال في الدين والسياسة وفي الاقتصاد وفي الاجتماع وفي الثقافة وفي الادارة الفساد تواطؤ وابتزاز وتسهيل لارتكاب المخالفات الممنوعة والممارسات الخاطئة واستغلال مقيت للامكانات الشخصية والرسمية والاجتماعية يستهدف تحقيق منافع غير شرعية ومكاسب محرمة لنفسه ولمن حوله سوء استغلال للسلطة والصلاحيات في مخالفة للاحكام الشرعية والقيم الاخلاقية والانظمة المرعية، الفساد داء ممتد لا تحده حدود ولا تمنعه فواصل يطال المجتمعات كلها متقدمها ومتخلفها بدرجات متفاوتة. وقال فضيلته كل انحراف للوظيفة العامة او الخاصة عن مسارها الذي وضعت له ووجدت بحكمته فهو فساد وجريمة وخيانة، بالفساد تضطرب الاولويات في برامج الدولة وفي برامج الدول ومشاريعها وتبدد مواردها وتستنزف مصادرها، بالفساد تتدنى مستوى الخدمات العامة وتتعثر المشاريع ويسوء التنفيذ وتضعف الانتاجية تهدر مصالح الناس ويضعف الاهتمام بالعمل وقيمة الوقت ويضطرب تطبيق الانظمة، فالفساد يؤدي الى التغاضي عن المخاطر التي تلحق الناس في مآكلهم ومشآربهم ومرافقهم الصحية والتعليمية وفي طرقهم وفي انظمة الامان والحصول على الخدمات العامة فالفساد يزعزع القيم الاخلاقية القائمة على الصدق والامانة والعدل وتكافؤ الفرص وعدالة التوزيع وينشر السلبية وعدم الشعور بالمسؤولية والنوايا السيئة وينشر الشعور بالظلم مما يؤدي الى حالات من الاحتقان والحقد والتوتر والاحباط واليأس من الإصلاح فالفساد يجعل المصالح الشخصية تتحكم في القرارات ويضعف الولاء الصادق للحق وللأمة والدولة ويعزز العصبية المذمومة مذهبية أو قبلية أو حزبية، فهو يهدد الترابط الاخلاقي وقيم المجتمع الحميدة المستقرة وهو يولد مشكلات خطيرة على استقرار المجتمعات وامنها وقيمها الاخلاقية وسيادة الانظمة وهو يتواصل كذلك مع اشكال الجريمة المنظمة والجرائم الاقتصادية بما فيها ما يعرف بغسيل الاموال كما يعيق الفساد تطبيق الخطط الصحيحة والسياسات الايجابية كما يعرقل جهود التغيير نحو الأفضل بل أنه يقوض الدول والمؤةسسات ويبعثر الثروات وينخر بالادارات ويتناسب طردا مع الانحرافات والمنكرات والامراض المجتمعية والاخلاقية. وعدد امام وخطيب المسجد الحرام مظاهر الفساد والتي تشمل الاختلاس والرشوة وسوء استخدام السلطة والصلاحيات وافشاء اسرار العمل او كتمان معلومات حقها ان تكون معلومة معلنة سواء في شأن مالي أو وظيفي والتزوير والعبث بالوثائق والمستندات والقرارات وعدم احترام العمل واوقات الدوام حضورا وانصرافا وضعف الانجاز والتساهل بالعمل والاسراف في استخدام المال العام ولو كان يسيرا في الاهداف والادوات المكتبية وسوء توظيف الاموال واقامة مشاريع وهمية والعبث بالمناقصات والمواصفات.