سبق لي قبل سنوات إعداد تحقيق صحفي حول الشيك، كانت نتيجته هي أن 90 في المئة من أفراد المجتمع لا يقبلون الشيك العادي من شخص لا يعرفونه، بسبب صعوبة الحصول على حقهم إذا كان الشيك بدون رصيد، في وقت لا يتم عمليا في الغالب تطبيق عقوبات على مرتكب تلك «الجريمة». لكن في الفترة الأخيرة تمت عدة تحركات إيجابية لمكافحة هذه الظاهرة بداية من خطوة هامة أشدت بها في حينه في هذه الزاوية وهي اعتماد مجلس الوزراء لعدد من الإجراءات، لمعالجة ظاهرة انتشار الشيكات المرتجعة، مع التوجيه بتشديد العقوبات على مرتكبي جرائم الشيكات، وبخاصة إيقاع عقوبة السجن والتشهير في الصحف اليومية، تلا ذلك قيام الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية بأعمال هامة في المجالات المعلوماتية والتوعوية والتنظيمية، بهدف الحد من الشيكات المرتجعة وبخاصة التي تعطى دون رصيد بسوء نية، وفي العامين الأخيرين هبطت أعداد وقيم الشيكات المرتجعة بمعدلات قياسية تدعو للتفاؤل. وخلال الايام الماضية بدأت وزارة التجارة والصناعة بقيادة وزيرها النشط التنفيذ العملي لتوجيهات مجلس الوزراء الموقر المتميزة لمحاربة الشيكات بدون رصيد، وذلك من خلال التشهير بمن يقوم بذلك في الصحف. ولاشك أن الاستمرار في هذا التوجه لأشهر قليلة وتطبيق عقوبات السجن والتشهير بأي شخص يصدر شيكا دون رصيد سوف يؤدي إلى ردع جميع المخالفين والقضاء على تلك الظاهرة تماما بسلبياتها العديدة التي سبق الإشارة لها كثيرا. ولعل الملمح الأبرز في هذا السياق، والدرس المستفاد، أن الحزم مع مخالفي الأنظمة والعمل الجاد يؤدي إلى القضاء على ظواهر سلبية متجذرة وكنا نتوقع استحالة معالجتها. وزارة التجارة والصناعة في هذه المرحلة تقوم بتحركات لافتة على أكثر من مسار لمعالجة العديد من الظواهر السلبية بقرارات فعالة وجريئة ومنها مايتعلق بالغش التجاري والتستر ورفع الاسعار دون مبرر، وقد تكون بعض هذه التحركات بحاجة إلى تنظيم أفضل، وعمل مؤسسي أكثر منهجية، وإمكانيات لا تمتلكها الوزارة، وكل تلك الجوانب يجب معالجتها، إلا أنه في التحليل النهائي فإن ما تقوم به وزارة التجارة والصناعة اليوم هو جهد يستحق كل الدعم والمساندة من جميع الحريصين على القضاء على الظواهر المرتبطة بممارسة النشاط التجاري في المملكة، ذات الأثر السلبي الخطير على الوطن والمواطن، والمستمرة والمتراكمة منذ عقود.