اعتبر اقتصاديون ان قرار مجلس الوزراء القاضي بمعالجة ظاهرة الشيكات بدون رصيد يعد نقلة مهمة للقضاء على الظاهرة التي باتت تؤرق كثيرا من مناحي الحياة التجارية، وسعى القطاع الاقتصادي من خلال المنتديات والندوات إلى التأكيد على أهمية مواجهة انتشار الشيكات بدون رصيد، وكان آخرها منتدى الرياض الاقتصادي الذي يعد احد أهم الفعاليات التي تدرس بعمق الظواهر والمتغيرات الاقتصادية، حيث طالب المنتدى في دورته الرابعة التي عقدت ديسمبر الماضي من خلال دراسة "الأنظمة التجارية السعودية ومتطلبات التنمية " بوضع نظام جديد يضع أحكاماً لعمليات البنوك تساير التطورات العالمية في هذا المجال وبما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية إلى جانب اعتماد عقوبات مالية ومصرفية لمن يسحبون شيكات دون رصيد، بصورة أكبر من العقوبات الواردة بنظام الأوراق التجارية الحالي. وأشارت الدراسة ضمن توصياتها إلى ضرورة إنشاء محاكم مالية تختص بنظر منازعات الأوراق المالية، والمنازعات المصرفية، ونظام التأمين، والمنازعات الجمركية، والمنازعات المتعلقة بحماية المستهلك... إلخ، على أن يكون التقاضي أمام هذه المحاكم على درجتين. وقالت الدراسة أن الغالبية ترى أن إجراءات وزارة التجارة ضد من يسحبون شيكات بدون رصيد غير فعالة وأن ثقة المتعاملين بالشيكات تتوقف على ثقتهم بالساحب لا على الشيك نفسه وأن الوصول للحقوق عن طريق القضاء يحتاج لأكثر من سنتين بحسب قناعة الأكثرية. واقترحت الدراسة الحد من العقوبات الجنائية على هذه الجرائم والاتجاه نحو العقوبات المالية والمصرفية، كما هو الحال في التشريع الفرنسي وغيره اعتماد العقوبات المالية والمصرفية لمن يسحبون شيكات دون رصيد. وكانت الحكومة قد سنت الأسبوع الماضي إجراءات صارمة ضد الشيكات دون رصيد من شأنها عند التطبيق أن تعيد للشيك هيبته التي فقدها في السوق المحلية خلال الأعوام الماضية وتحول في كثير من الحالات إلى أداة ضمان بدلا من دوره الحقيقي وهو أداة وفاء. وأقر مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لمعالجة ظاهرة انتشار الشيكات المرتجعة لعدم وجود رصيد كاف لها، عدداً من الإجراءات في هذا الصدد منها وجوب التوقيف، وتولي هيئة التحقيق والادعاء العام التحقيق في جرائم الشيكات ورفع الدعوى العامة أمام الجهة المختصة بالفصل في تلك الجرائم كأي جريمة أخرى، وذلك وفقاً لنظامها ونظام الإجراءات الجزائية. كما وجه مجلس الوزراء الجهة المختصة بالفصل في منازعات الأوراق التجارية بإصدار قرارها في القضية التي تنظرها خلال 30 يوماً من تاريخ إحالة القضية إليها، وعلى الجهة المختصة بالفصل في منازعات الأوراق التجارية العمل على تشديد العقوبات على مرتكبي جرائم الشيكات، وبخاصة إيقاع عقوبة السجن والتشهير في الصحف اليومية الصادرة في منطقة مرتكب الجريمة. وفي المقابل، وجه المجلس مؤسسة النقد بوضع إجراءات تنظم إصدار ورقة الاعتراض وتمنع البنك المسحوب عليه الشيك من المماطلة في إعطاء حامل الشيك ورقة اعتراض على صرف الشيك. ومن جانبه قال الدكتور حسن بن عيسى الملا نائب رئيس مجلس أمناء منتدى الرياض الاقتصادي أن قرار مجلس الوزراء قد لامس معاناة رجال الأعمال في كافة القطاعات والمشاكل التي يعانون منها وانعكاس ذلك بصورة سلبية على الاستحقاقات المالية في المجتمع مبينا أن القرار من شأنه تنشيط الدورة الاقتصادية وإعادة الهيبة للشيك كأداة وفاء تعامل معاملة النقود في التعاملات التجارية. وأشار الملا أن دراسة "الأنظمة التجارية السعودية ومتطلبات التنمية" وهي إحدى الدراسات الأربع التي ناقشها منتدى الرياض الاقتصادي والذي اختتم أعماله في نهاية شهر ديسمبر الماضي برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كانت قد تناولت مشكلة الشيكات المرتجعة واقترحت عدداً من التوصيات حيالها.