خسر الإعلام السعودي في مختلف وسائله وتنوعاته واهتماماته مسؤولا مهنياً وشخصية اجتماعية بارزة وواحد من رجاله المهمين في مسيرته الطويلة التي مرت بالعديد من المتغيرات والمتعرجات وفقا لظروف المرحلة ومتطلبات التطوير والانتقال من عهد عامر بالكفاح الى عصر الفضاء والسرعة و"القرية الواحدة" والتعاطي مع التكنلوجيا كأمر مسلم به لتأدية اي عمل يحافظ على الماضي ويتعايش مع الحاضر ويحاكي الواقع ويتطلع الى المستقبل برؤية واضحة ويرتقي بالفكر ويعيش وسط مختلف المستجدات بمسؤوليات كبيرة، نعم خسر الوطن والاعلام الامير تركي بن سلطان يرحمه الله الذي افنى حياته في تكريس جهده ووقته لخدمة وطنه والعمل على خطين متوازيين هما الاعلام والرياضة، فالأول كان تخصصه والهواية التي انطلق منها اعلاميا متمرسا وملما بشؤون المهنة وادق تفاصيلها ثم مسؤولا كبيرا في وزارة الثقافة والاعلام الى ان اصبح الرجل الثاني من خلال الخبرة الهائلة التي حصل عليها ونال عبر مشواره معها العديد من اوسمه النجاح وشهادات التفوق خصوصا في مناسبات الحج ورئاسة المؤتمرات وتمثيل الاعلام السعودي في مناسبات دولية كبيرة، وللأمانة كان احد الرواد في مسيرة هذا الاعلام ونقله من الانحصار وسط دائرة معينة وتفكير ضيق الى تعدد وسائله والانفتاح والاحترافية وفق ضوابط تتامشى وسياسة البلد التي تتوأم والشريعة الاسلامية ونهج الدولة ايدها الله، اما الرياضة فكانت حبه منذ الصغر مزجه بالانتماء الوطني ادراكا منه ان خدمة الرياضة تصب في خدمة الوطن بغض النظر عن الانتماء والميول والعواطف وحسابات الربح والخسارة قبل ان يتولى الاشراف على القنوات الرياضية التي شهدت في عهد ادارته عملاً مختلفاً مكنها من الفوز بعقد نقل الدوري السعودي "زين" لأول مرة بأكثر من ربع مليار ريال، فضلا عن تطور الاداء والخروج به من التقليدية الى المهنية العالية التي كان يؤمن بها يرحمه الله، مع الحرص على ان ينال كل رياضي بارز ومنتج حقه من الاهتمام والمتابعة بغض النظر عن ميوله، ولم يمنع القناة من تأدية الادوار التي ينادي بها ويحث ويركز عليها بصورة كبيرة الا قصور معد واخفاق مصور وتقاعس مذيع وعدم نجاح مخرج وغياب اهتمام مسؤول أقل منه منصبا، بل انه كان يرحمه الله حسب مايؤكد في كل مرة انه يعقد الاجتماعات شبه اليومية بعد كل عمل ويعاقب المخطئ ويكافئ المميز ليستمرالعطاء، ويتصدى للاخطاء في سبيل ان لاتٌهضم حقوق أحد، وتتحول القنوات الرياضية من نافذة هدفها خدمة الجميع الى اداة تخدم مصالح بعض الاندية وتضر بمصالح الاندية الأخرى، وعلى الرغم من ميوله المعروفة الا ان المتابع لم يلحظ هذا الشيء، ولو سألنا القريبين منه ومن عمله لشهدوا لصالحه بالنزاهة والحياد والبعد عن تكريس البرامج لمصلحة أي فريق او مسؤول في الاندية، ويحسب للفقيد الاعلامي الكبير دعمه لأي مناسبة تخدم الرياضة والرياضيين من خلال تجنيد القنوات لتغطيتها وابرازها بالصورة المأمولة حرصا منه ان تكون للجميع وقد فعل ذلك طوال اشرافه عليها يرحمه الله. ديمقراطي من الدرجة الأولى اما على صعيد التعاون مع الاعلاميين والاستماع اليهم والأخذ بآرائهم فقد كان يرحمه الله يحرص على هذا الشيء ودائما مايضع الاقتراحات ووجهات النظر في عين الاعتبار ولايمكن ان يصادر الرأي الآخر، بل يتعامل معه بكل ادب واحترام وينظر لصاحبه على انه على حق، وعندما ابدى اي ملاحظة تجاه اي عمل اعلامي تقدمه القنوات الرياضية لايتسرع في ان يمنحك وجهة نظره مباشرة بالميل معك او ضد، انما يرجيّ الامر الى الاطلاع على هذا العمل حتى يقيمه ويستطيع اتخاذ القرار، وتلك هي قمة المهنية والديمقراطية واحترام من يعمل تحت ادارته ومن يتناقش معه ويحاروه، ولم نسمع طيلة اشرافه على القنوات الرياضية انه ضر أحداً بل يعتبر صديقا للجميع، يهمه ان ينجح العمل ويتطور ويكسب رضا الجميع حتى لو كان ذلك على حساب عدم راحته واجهاد العاملين معه، وعلى الرغم من تقاطع مصالح الاندية وبراكين التعصب الثائرة في الوسط الرياضي بصفة مستمرة والمناداة في حصر جهود القنوات على اندية معينة واتهامها بالوقوف مع اطراف وتهميش البقية الا انه كان يرفض هذا الشيء ويرى ان هذه القنوات ملك للجميع ومتنفس للرياضيين ووسيلة لارضاء ميولهم بالاخبار والتغطيات والبرامج المتنوعة والمباشرة ونقل المباريات ويحسب له تغمده الله بواسع رحمته انه لأول مرة في تاريخ التلفزيون السعودي (رياضياً) يصل عدد القنوات الرياضية الى ست قنوات وتنقل ستة مباريات في يوم واحد ومن مدن ومناطق عدة، وهذا يحدث للمرة الأولى ايضا على الرغم مما يحتاجه من تجهيزاته وتنقلات وادوات تحتاج الى المزيد من الوقت حتى يتم توفيرها لايمانه التام ان المتابع الرياضي يتسحق ان تجند الامكانات من اجله ومن اجل النادي الذي يشجعه. حارب التعصب وأسس لفكر جديد.. وفي عهده عاد الدوري إلى حضن القنوات الرياضية وبالنسبة لانتماءاته يرحمه الله فالكل يعرف انه هلالي منذ صغره الى ان اصبح شرفيا داعما ل"نادي القرن" من خلال تواصله مع ادارته ومتابعته لنتائجه وداعمه لالعابه المختلفة، وتشهد له الادارات المتعاقبة وعشاق النادي بانه من الاسماء الشرفية المهمة التي قدم الكثير من دعم مادي ومعنوي، واثمر ذلك عن بناء اجيال هلالية متعاقبة انطلقت من ارضية النادي الكبير الى المنتخبات السعودية لاسيما كرة القدم التي كان عاشقا لها ومولعا بمشاهدة مبارياتها، وكان يسارع بمساعدة الادارة على حل اي معضلة سواء مالية او مشكلة طارئة تحتاج الى تدخل سريع ودعم في لحظتها، ويدين له النادي الازرق وانصاره الكثر بالفضل بعد الله مثلما هم بقية الشرفيين المؤثرين في دعم عجلته الى الامام بعناصر محلية واجنبية مؤثرة، وكثيرا ما يتكفل ببهض الصفقات او جزء من قيمتها وكان آخرها التجديد مع لاعب الوسط سلمان الفرج عندما تكفل بأكثر من ثلاثة ملايين ريال في موقف غير معلن بناء على رغبة الفقيد. الفقيد يحرص على حضور اي مناسبة تخص الرياضيين ويبدو مع الامير سلطان بن فهد ووزير الإعلام خلال توزيع جوائز الزميلة الرياضية قبل عام