على رغم أن ياسر الغسلان تنقل في مواقع إعلامية عدة بين الصحافة والعلاقات العامة، ومن بينها هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيطالي لتغطية حرب الخليج، إلا أن عمله مدير علاقات عامة في نادي الهلال إبان رئاسة «الراحل» الأمير عبدالله بن سعد يظل مرحلة عالقة في ذهنهخصوصاً عندما كان يقف - غير مصدق على حده تعبيره - بين ريفالينو ونجيب الإمام وصالح النعيمة وسلطان بن نصيب. ولا يخفي الغسلان «هلاليته»، وهو الأمر الجلي في تعليقاته الرياضية على مدونته ومواقع التواصل الاجتماعي. يصف الهلال في حوار مع «الحياة» بأنه «الاسم الذي بإمكاننا أن نحتفل من خلاله بالانتصار في عالم تحيطه الهزائم والانكسارات في كل مكان، وهو المكان الذي تكون ألوانه أكثر بهاء وصفاء من كثير من تلك الصيحات الاجتماعية الملوثة بالعنصرية والمناطقية والتحزب المقيت». الغسلان الذي يعمل حالياً مديراً لتطوير الأعمال والتسويق في منظمة الخليج للاستشارات الصناعية يؤكد أن علة النصر تكمن في المحسوبيات، وأن النادي «الأصفر» يحتاج إلى ترتيب بيته الداخلي، فإلى الحوار: ما علاقة الرياضة بك، وما علاقتك بها؟ - علاقة الرياضة بي تعود لسنوات الطفولة عندما اختارتني لأكون أحد ممارسيها اعتماداً على شخصيتي التي لم تكن دائماً مهتمة بالدرس، على رغم كوني في الوقت ذاته لم أهمل أبداً أو أسقط في فخ الإعادة، إضافة إلى اعتبار أني كنت بالمقارنة بزملائي طويلاً وسريعاً، وهي الموصفات التي دائماً يبحث عنها في الرياضيين الذين قد يكتب لهم مستقبل. أما علاقتي بالرياضة فتعود لزمن لم يكن للصبية فيه من متنفس سوى اللعب بالكرة ومتابعة المباريات وأخبار النادي المفضل من دون أن يكون كل ذلك من منطلق المنافسة والتحدي بقدر ما كان من منطلق التنفيس عن النفس وإضاعة الوقت. أين يرسو مركب ممارستك الرياضية عادةً؟ - في النادي الرياضي الذي أصبح بالنسبة لي بيتاً يومياً منذ أكثر من سنتين ونصف السنة عندما قررت أن التحق بنادي لممارسة الرياضة بشكل جدي بهدف المحافظة على الجسم، في وقت بدأت الحياة تمر وتواجه أمراض العصر المختلفة والتي تداهم من دون سابق إنذار نتيجة الرفاهية التي يعيشها الإنسان في مكتبه أو في سيارته أو بيته المكيف، أو من خلال طبيعة الممارسة في العمل من الجلوس أمام شاشات الكومبيوتر وتأثيرات ذلك على الجسد و قوة التركيز والنظر. بعد سنوات من الابتعاد عن العمل الرياضي المباشر، هل ما زلت مشجعاً للهلال وتنافح عنه؟ - تعلقي بالهلال لم يأت من خلال عملي مديراً للعلاقات العامة والإعلام في الهلال فيما مضى، بل هو من خلال كونه جزءاً من الخريطة الجينية التي ولدت بها، ومن المستحيل أن يبتعد الإنسان من أحد مكونات ذاته، فالهلال بالنسبة لي أكثر من نادٍ أعشقه وأنتمي لأمته التي تمتد في الدول العربية كافة، فهو الاسم الذي بإمكاننا أن نحتفل من خلاله بالانتصار في عالم تحيطه الهزائم والانكسارات في كل مكان، وهو المكان الذي تكون ألوانه أكثر بهاء وصفاء من كثير من تلك الصيحات الاجتماعية الملوثة بالعنصرية والمناطقية والتحزب المقيت، والهلال هو المكان والاسم الذي رسم لمحبيه خريطة طريق كافة لا نهاية لها من الانتصارات والأمجاد، وهو المكان الذي سيبقى لنا جميعاً «قلعة المجد» التي نحسد عليها. بين الدوري السعودي والإيطالي، كيف كانت بدايات متابعتك الرياضية؟ - كانت البداية مع الدوري السعودي بطبيعة الحال، والمباراة التاريخية التي جمعت الهلال بالشباب في نهائي كأس الملك والتي فاز بها الهلال بثلاثة أهداف سجلها ريفيلينو ونجيب الإمام وسلطان بن نصيب، كانت بالنسبة لي الموعد الذي من بعده بدأ كل شيء، فلم أع معنى الانتماء للنادي أو التعلق بفكرة الفوز إلا من تلك المباراة، على رغم أني أتذكر متابعتي لمباريات كأس العالم في الأرجنتين وانبهاري بتلك المباراة النهائية التي جمعت الأرجنتين بهولندا إلا انها لم تكن لتترك في فؤادي من شيء كما تركت فيني تلك المباراة التي لن ينسى فيها الكرة وهي تلتصق بشباك فريق الشباب مع صيحات سليمان العيسى مردداً جول. وأيهما يأخذ مساحة أكبر لديك؟ - الدوري السعودي، خصوصاً في ما يتعلق بالمباريات المهمة للهلال والنصر والاتحاد والأهلي والشباب، وهي الأندية الكبيرة التي لا يمكن أن نتخيل متعة محلية من دون أن تجد أحد هذه الفرق طرفاً فيها، ولكن على رغم ذلك أجد في مشاهدة المباريات في الدور الإيطالي متعة من نوع آخر، لعلها المتعة المحررة من التشجيع المتشنج أو الحسابات التي قد تؤثر في هذا الفريق أو ذاك، فتشجيعي للأندية الإيطالية دائماً ما يرتبط بمدى تميز هذا الفريق في موسم معين من فريق آخر، فأنا متقلب الانتماء بالنسبة للفرق الإيطالية ما بين اليوفي والميلان لاعتبارات عائلية صرفة. والدتك، ما النادي الذي تشجعه؟ - والدتي أطال الله في عمرها كانت من مشجعي نادي «فيورينتينا»، إلا أنها دائماً ما كانت تقول لي في الخفاء وعلى استحياء عن ميلها للسيدة العجوز «اليوفي» على رغم أنها تحاول أن تنكر ذلك بين الحين والآخر. وماذا عن ميولها المحلية؟ - بالطبع هلالية، والسبب أنني كنت الابن الأكبر وكان الجميع يدرك عشقي الكبير للهلال وبالتالي فقد كانوا يؤازرونني ويدعمونني ولذلك عشقوا الهلال وأحبوه كما أحببته. متى كانت أول مرة وطأت قدمك ملعباً؟ وماذا بقي في ذاكرتك من تلك الزيارة؟ - لن أنسى تلك المرة ما حييت، فقد اصطحبني صديق والدي الهلالي المخضرم عبدالعزيز العومي للملعب حينما كان مديراً للكرة في موسم 1400 للهجرة، وقد كانت فرحتي لا توصف وانا أجلس طفلاً على مقاعد الاحتياط إلى جانب اللاعب الكبير فهد عبدالواحد الشهير ب «فهودي» حينما كان وقتها لاعب احتياط. أتذكر جيداً متابعتي لريفيلينو في الملعب وغرفة الملابس ومعه نجيب الإمام وصالح النعيمة، وقد كان في عز أيام تألقه إلى جانب سلطان بن نصيب نجم الفريق وهدافه، كنت أكاد لا أصدق أني بينهم وقد كانت فرحتي مضاعفة عندما انتهت المباراة بفوز الهلال بهدف من دون مقابل لأعود للبيت لأخبر الجميع بأني صافحت ريفيلينو وبأني جلست بجانب فهودي. لو طلب منك إعطاء تعريف للاعب كرة القدم، فماذا ستقول؟ - هو شاب تمكن من تحقيق النجومية من خلال موهبة رياضية استطاع صقلها وتحويلها لمصدر قوة، إلا أنه نجم ما أن يتكون ويصبح ساطعاً حتى تبدأ مرحل أفوله تدريجياً، فعلى عكس نجوم الفن والأدب ممن تزيد نجوميتهم مع مرور الوقت فإن نجم كرة القدم كلما تقدم به السن يقترب لموعد تحوله إلى ماض جميل وذكرى لكتب التاريخ. ماذا تفعل إذا اقترب مؤشر ال «ريموت كنترول» من القنوات الرياضية؟ - أتابع الزاوية العلوية من الشاشة، فإن كانت مضاءة بكلمة مباشر أو «Live» تابعت القناة وركزت في محتواها، أما إن خلت فإني أتجاوزها من دون أن أهتم بما فيها من مادة رياضية أو إخبارية، فقد تعودنا في عصر النقل المباشر إلى أن المادة الحية الرياضية هي الوحيدة التي تستحق المتابعة، وأن كل مادة مسجلة ما هي إلا جزء من تاريخ انتهى لم يعد له قيمة في زمن الانتصارات الحالية. هل تقرأ الصفحات الرياضية، ومن من الكتاب يروق لك؟ - أقرأ بعضاً منها، وإن كنت أركز في الآونة الأخير على المواضيع المتعلقة بالشأن الرياضي من حيث كونه صناعة واحتراف أكثر من تركيزي على المواضيع التحليلية للمباريات نظراً لقناعة مترسخة في أن غالبية تلك التحليلات تحركها انتماءات كتابها الرياضية، وهو رأي لا يهمني خصوصاً وأني أملك عينين وعقلاً ولله الحمد بإمكانه أن يصل لنتيجة شخصية من دون مساعدة الغير. ويعجبني كثيراً الزميلين خلف ملفي ومساعد العصيمي، وليس السبب لأني زاملتهما في صحيفة الشرق الأوسط فقط، بل لأن كتاباتهما في مجملها تنطلق من رؤية عميقة ودرس متأن وحيادية لدرجة كبيرة، كما يعجبني عبدالعزيز الغيامة ومنصور الجبرتي وصالح الطريقي. لو كنت مسؤولاً عن الرياضة والشباب، فما هو أول قرار ستتخذه؟ - أول قرار سأتخذه هو تشكيل اتحاد وطني للرياضة مسؤول ومساءل عن إنجازات الرياضة السعودية أمام القيادة يتضمن في عضويته ممثلي عن القطاعات التجارية المعنية بالرياضة في المملكة إلى جانب ممثلين منتخبين من الأندية الرياضية ذات النفوذ الجماهيري والمالي، إلى جانب مسؤولين رسميين من رعاية الشباب ومحامين مستقلين ورجال تخطيط استراتيجي محايدين ورجال تسويق منتجات رياضية واستهلاكية، بحيث تكون الرئاسة لهذا الاتحاد الوطني فيه بالانتخاب من ممثلي مجلس مكون من الأندية السعودية والعاملين في قطاع الرياضة من القطاعين الخاص والعام. وماذا لو كنت مدرباً للمنتخب السعودي، فماذا ستفعل؟ - لا أعلم، فلست مدرباً ولن أدعي أني أملك الحلول لفريق يحتاج أكثر من حلول تدريبية ليعاد إنعاشه. مشاغباتك في الطفولة هل كانت رياضية، وإيقافها هل كان يتم بروح رياضية؟ - لم أكن مشاغباً، بل ربما كنت مندفعاً نحو الرياضة باعتبارها المتنفس الوحيد لي في ذلك الوقت، وتجربتي في سنوات شبابي بالعمل في نادي الهلال ابان رئاسة الأمير عبدالله بن سعد (رحمه الله) حركت فيّ الكثير من المشاغبة الرياضة التي تميز بها هو رحمه الله، خصوصاً في سجالاته الشهيرة مع القطب الرياضي الآخر رئيس نادي النصر السابق الأمير عبدالرحمن بن سعود (رحمه الله)، فقد كان ذلك العام 1994 هو العام الذي تأهل منتخبنا للمرة الأولى لكأس العالم وهو العام الذي لم يحقق فيه الهلال أي بطولة رياضية، وقد كان يوسف الثنيان موقوفاً عن الملاعب والدعم المالي الشرفي ضعيفاً، كل ذلك دعا لأن تكون الإدارة الرياضية مشاغبة في تعاطيها مع الظروف ومع الإعلام، وهي التجربة التي تجلت فيها نزاعات الطفولة في عشق ذلك الكيان الهلالي العملاق. لماذا يحقق الهلال بزعمك نجاحات متتالية، ولماذا لم يسر غريمه النصر على المسار ذاته؟ - هذا سؤال فخ ولن أقع فيه، وسأقول بكل بساطة بأن ظروف الفريقين مختلفة، فالهلال لديه تاريخ طويل استمرت فيه الإنجازات من دون انقطاع نتيجة تطبيقه مبدأ المحاسبة التي انتهجها أعضاء الشرف عبر السنوات بعيداً عن اعتبارات الأسماء والمحسوبيات التي قد تحد من تميز الفرق الأخرى. بينما النصر مر في مراحل متقلبة في مسيرته عبر السنوات الماضية، وهي في مجملها تحديات من داخل البيت النصراوي والذي كان وسيبقى الأساس الأول لأي نجاح وإنجاز، ولدي قناعة بأن النصر كفريق كبير لا ينقصه سوى إعادة ترتيب البيت من الداخل ورسم استراتيجية مستقبلية بعيدة عن الأسماء، ففي حين أن الهلال حقق الإنجازات عبر إدارات متعاقبة يبقى على النصر أن ينظر لكيانه ككيان لا أسماء تدير في مقابل ضخها فقط للمال من دون دراية حيال الطريقة المثلى لصرفه.