ماذا يعني أن نقيم مناظرة بين شخص وآخر؟! يمتعنا أبو حيان التوحيدي في كتابه: "الإمتاع والمؤانسة" بالحديث عن المناظرات التي كانت تقام في القرن الرابع الهجري الذي عاشه، كانت المناظرات قيمة وثمينة وحرة. لا يحرم على أحد أن يعبر عن رأيه ذلك أنه وأثناء المناظرة "لا مقدسات في الحوار"، من تحاوره له رأيه الذي إما أن تقنعه ببطلانه أو أن تستمع إليه أو أن تقتنع به. قبل أيام قامت إحدى القنوات بإبرام مناظرة حول قضايا تاريخية استضيف فيها الباحث الأستاذ حسن المالكي، والدكتور إبراهيم الفارس. فكرة المناظرة بحد ذاتها جيدة لولا أن إدارتها كانت منحازة ضد طرف فصار الطرف الأقوى هو الذي تمثّله "أيديولوجيا القناة". لم تستمر المناظرة ونصب لحسن المالكي فخ يفتقر إلى المهنية وإلى الأخلاق الطبيعية وإلى فروسية الرجال. لننظر إلى ابن تيمية نفسه كيف تعامل مع المخالف كان رغم شدة قوله يحترم مخالفيه ويمتدحهم ويزورهم. من الصعب أن نؤسس لثقافة حوارية في بيئات تأتي بك لتناظر وتحاور ثم حين يكتشفون أنك مختلف يسحقونك بألنسة حداد، وأحسب أن حسن المالكي منذ الثمانينيات في مجلة "اليمامة" أسس لثقافة حوارية ونقاشية جيدة، وكانت لديه حوارات مع عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان، وكان الحوار يجري بكل احترام، والمالكي أسس لثقافة حوارية عالية أقول هذا وأنا أختلف معه في مسائل عديدة لكن لا ننسى المناقشات الطويلة مع الآخرين وأبرزها نقاشه في منتدى "الوسطية" آنذاك مع الشيخ بندر الشويقي. يجب أن تحكم قيم الحوارات والمناظرات، الذي جرى ضد المالكي خطأ محض، فهو جاء بحسن نية للبرنامج وبينه وبين إدارة القناة اتفاق أخلاقي ثم حين بدأ البرنامج خصصت الحلقة لشتمه والانتقاص منه والمذيع اعترف أن ما تعرض له المالكي "فخ"!! الحوار شرط حضاري ومن دون الأخذ بأسبابه وأساليبه لن نتقدم معرفياً. نعم لدينا أناس لهم آراء مختلفة عن السائد وشاطحة أيضاً ولدينا شباب وفتيات يعانون من الشكوك والأسئلة وإذا لم ننصت إلى آرائهم سنظل أسارى لكبرياء وتغطرس وكأننا ممن عصمهم الله من الزلل والخطأ. بآخر السطر؛ يجب أن نعترف بأهمية الاختلاف، وأعلم أن المالكي حين اختلف عانى الأمرّين وظلم وغبن ولكن يبقى له الجهد المعرفي والعلمي ويكفي من يخالفك أن يحفزك على التفكير وعلى فحص حججك وصقلها والنظر فيها.