أظهرت نتائج المسح لعام 2012 م التي نشرت الأسبوع الماضي، عن جودة المعيشة الذي تقوم به سنوياً مجموعة (ميرسر) إحدى الشركات العالمية في مجال الخدمات الاستشارية والاستثمارية وذلك لما يزيد عن 460 مدينة حول العالم، أن مدينة فينا العاصمة النمساوية، لا زالت تتبوأ الصدارة وعلى مدى أربعة أعوام متتالية لأفضل مدينة يمكن العيش بها بين مدن العالم، تليها في الترتيب مدينة زيوريخ السويسرية، ثم مدينة أوكلاند النيوزيلندية، كما هيمنت المدن الأوروبية على المراتب الأولى في هذا التصنيف، الذي اشتمل على قائمة تضم 221 مدينة، حيث تضمنت مجموعة الخمسة وعشرين مدينة الأولى من حيث الجودة في معايير المعيشة بها على خمسة عشر مدينة أوروبية. معايير التقييم لجودة المعيشة في المدن التي يشملها ذلك المسح السنوي تقوم على تحليل الظروف لنحو تسعة وثلاثين عنصراً تندرج ضمن نطاق عشرة أطر أساسية، تشمل البيئة السياسة والاجتماعية لمعرفة مقدار الاستقرار السياسي ومعدلات الجريمة والحزم في تطبيق الأنظمة بتلك المدن وكذلك البيئة الاقتصادية وما تتميز به تلك المدن من خدمات بنكية ونظام لصرف العملات، وأيضاً البيئة الثقافية الاجتماعية وما تحتويه هذه المدن من قيود على الحرية الفردية والنشر، وتمتد أيضاً إلى الجوانب الصحية لمعرفة ما تتسم به من خدمات طبية وما تتوطن بها من أمراض وبائية وما تتوفر بها من خدمات الصرف الصحي والتخلص من النفايات، وحجم ما بها من تلوث هوائي، وكذلك التعليم ومدى ما يتوفر بها من مدارس دولية، وأيضاً المرافق العامة وشبكة النقل للوقوف على مدى ما يتوفر بتلك المدن من خدمات الكهرباء والمياه والنقل العام وحجم الازدحام في وسائل النقل بها ويضاف إلى ذلك النواحي الترفيهية من توفر المطاعم والمسارح وقاعات السينما والرياضة بأنواعها وأيضاً السلع الاستهلاكية ومدى توفر الأغذية ونحوها من الاحتياجات الاستهلاكية اليومية والإسكان وما يتعلق بذلك من تكاليف استئجار المساكن وخدمات صيانتها وما تحتاجه تلك المساكن من أثاث وخلافه، وأخيراً البيئة الطبيعية وما تتصف به تلك المدن من ظروف مناخية وسجل ما يرصد بها من أخطار وكوارث طبيعية. هذا التصنيف لمدن العالم من حيث جودة المعيشة يهدف في الأساس إلى خدمة الشركات متعددة الجنسية والمنظمات العالمية ومساعدتها في إيجاد التعويضات المتكافئة للعاملين لديها وفقاً للظروف المحلية في تلك المدن التي تؤخذ عادة في الاعتبار عند إرسال موظفي تلك الشركات والمنظمات في مهام دولية إلى الخارج، إلا أنها في ذات الوقت لا تخلو من أهمية للقائمين على شئون تلك المدن في حصولهم على رصد وتحليل للعوامل الأساسية التي يمكن أن ترفع من جودة المعيشة في مدنهم. واقع الحال يقول كم كان بالود لو لم يشمل مدننا في العالم العربي هذا المسح فنكتشف بأسى مدى موقعنا في هذا التصنيف الذي أبان عن عدم وجود مدينة عربية في المائة الأولى من قائمة تلك المدن الأفضل في جودة المعيشة وفق تسلسلها، سوى مدينة دبي في المرتبه الثالثة والسبعين، ومدينة أبو ظبي في المرتبه الثامنه والسبعين، أما بقية المدن العربية الأخرى فأتت في المراتب بعد المائة، لا بل ان العاصمة الرياض قد جاءت في المرتبة السابعة والخمسين بعد المائة، يسبقها في الترتيب كافة عواصم دول مجلس التعاون، فهل لم ينصف هذا التصنيف مدينة الرياض..؟ أم نحن من لم ينصفها بالرفع من مستوى وتكامل عناصر المعيشة الأفضل بها وبقية مدننا الأخرى..؟