استكمالا للحديث حول العلاج الطبيعي والذي ذكرنا في العدد الماضي انه جزء لا يتجزأ من الخطة العلاجية في أمراض العظام والعمود الفقري،وقد اكدنا على أهمية العلاج الطبيعي وانها لا تقل عن أهمية الجراحة والطاقم الجراحي في كثير من الحالات فمثلاً إذا ما أخذنا عملية تغيير مفصل الركبة ومفصل الورك فإن هذه العملية أصبحت من العمليات السهلة والروتينية والتي لا تستغرق أكثر من ساعة إلى ساعة ونصف في معظم الحالات. إلا أن نجاح العملية من فشلها لاسمح الله يعتمد على الله ثم على طاقم العلاج الطبيعي الذي يقوم بتدريب وتأهيل المريض أو المريضة في مرحلة ما بعد العملية الجراحية. واستكمالا للحديث حول اهداف العلاج الطبيعي نذكر اليوم: إعادة الحركة الطبيعية لمفصل معين: وهذا من الأهداف المهمة جداً عند علاج أمراض المفاصل والعمود الفقري فمثلاً بعد عملية استبدال مفصل الورك أو مفصل الركبة فإن جلسات العلاج الطبيعي هي ذات أهمية قصوى في الوصول إلى فرد الركبة كاملاً وإلى ثنيها بشكل كامل (full range of motion) . وهذا كما ذكرنا سابقاً تتطلب مجهوداً من الأخصائي وأيضاً مجهوداً من المريض وتحمل للآلام التي تصاحب هذه التمرينات. أيضاً في مرحلة تأهيل الكسور فإن هذه الجلسات مهمة جداً كذلك في مرحلة ما بعد عمليات إصلاح الرباط الصليبي (ACL) فإن هذه الجلسات أيضاً مهمة جداً. تقوية العضلات وهذه العضلات قد تكون ضعيفة نتيجة إصابة سابقة أو نتيجة عملية جراحية أو نتيجة أحد الأمراض التي تصيب العظام والمفاصل. هنا يأتي دور العلاج الطبيعي والتأهيلي في تقوية هذه العضلات (muscle strengthening). فمثلاً في مرحلة ما بعد عملية الرباط الصليبي (ACL repair) أو في مرحلة ما بعد عملية استبدال مفصل الركبة (total knee replacement) أو في مرحلة ما بعد عملية تثبيت الكسور والتئامها فإن العضلات المحيطة بالمفاصل الطرف المريض قد تكون ضمرت وترهلت ومن الضروري إعادة القوة إليها لكي يعود المريض لممارسة الحياة بشكل طبيعي. أيضاً في كثير من أمراض الفقرات والعمود الفقري وآلام أسفل الظهر سواء نتيجة الانزلاق الغضروفي أو غير ذلك من الأمراض فإن جلسات العلاج الطبيعي لتقوية العضلات المحيطة بالعمود الفقري هي ذات أهمية قصوى لأن تقوية هذه العضلات على فترة تستمر لمدة أشهر يؤدي إلى زيادة القوة والمساندة للعمود الفقري وبالتالي تؤدي إلى تخفيف الضغط الذي يصل إلى الفقرات المريضة أو إلى الغضروف المنزلق وبالتالي إلى إيقاف المريض على قدميه وإلى الحد من تدهور المرض وإلى اختفاء هذه الآلام تدريجياً إن شاء الله. أيضاً في حالات الشلل الجزئي سواء كان نتيجة انزلاق غضروفي أو إصابة بالأعصاب الطرفية أو في الأوتار حول العضلات التي يتم إصلاحها جراحياً فإن جلسات العلاج الطبيعي لتقوية الطرف المصاب هي ذات أهمية قصوى لكي يستفيد المريض من العلاج ويتم تأهيله وعودته لأنشطته السابقة. وهذه الأهداف الثلاثة التي ذكرناها سابقاً هي من أهم الأهداف التي نحرص كأطباء على تحويل المرضى لجلسات العلاج الطبيعي من أجلها. التقليل من حدة الآلام في الحالات الحرجة أو المزمنة في الواقع ان العلاج الطبيعي قد يساعد في كثير من الأحيان على التقليل من الألم وذلك باستخدام مختلف الأجهزة من الذبذبات الصوتية إلى الموجات إلى الكمادات وغير ذلك. وعلى الرغم من فعالية هذه الطرق للتخفيف من الآلام إلا أنها قد تكون مكلفة مادياً ووقتياً على المريض. ويمكن في كثير من الأحيان الاستغناء عنها والاستعاضة عنها بالأدوية المضادة للالتهابات والأدوية المسكنة للآلام والأدوية المرخية للعضلات. ولكن في بعض الأحيان يتم اللجوء إلى العلاج الطبيعي لتخفيف الآلام كمساعدة للعلاج الذي يتناوله المريض عن طريق الفم أو عن طريق اللزقات الموضعية. كما أن جلسات العلاج الطبيعي قد تساعد كثيراً في التخفيف من الآلام الناتجة عن الشد العضلي حيث يقوم أخصائي العلاج الطبيعي بمحاولة فرد هذه العضلات (stretching) والتقليل من التشنجات فيها. عمليات التأهيل والإطالة للأوتار والعضلات وهذا هدف مهم خصوصاً في مرحلة تأهيل الرياضيين في ما بعد الإصابات الرياضية أو في المرضى الذين يشتكون من التهابات مزمنة في الأوتار لأن جلسات العلاج الطبيعي يتم خلالها إرشاد المريض أو الرياضي إلى كيفية إطالة العضلات (stretching) بشكل تدريجي ومنظم بحيث تصبح هذه العضلات والأوتار أكثر مرونة وأكثر ليونة وبذلك تصبح مقاومة للإجهاد وتقل نسبة حدوث الالتهابات والالتواء بها. وهنا يجب التنبيه بأن المريض أو الرياضي يجب عليه الاستمرار بعمل هذه التمارين لإطالة الأوتار والعضلات حتى بعد انتهاء جلسات العلاج الطبيعي. فالهدف هنا هو إرشاد المريض لكيفية عمل هذه التمرينات بطريقة صحيحة وبعد ذلك يجب على المريض المواظبة عليها في البيت لكي يتم تحقيق الاستفادة القصوى. ومن أهم المناطق التي يتم اللجوء فيها إلى تمرينات الإطالة هي منطقة الفقرات العنقية (cervical spine) ومنطقة الضفيرة الأخمصية في باطن القدم (plantar fascia) ومنطقة وتر أخيلس (Achillis tendon) في الجزء السفلي من المنطقة الخلفية للساق ومنطقة عضلات وأوتار الفخذ (Hamstring muscles) . التخفيف من شدة التورم والانتفاخ في كثير من إصابات الملاعب أو إصابات الالتواء أو الكدمات والرضات يكون هناك تورم في المنطقة المصابة (Oedema) يزداد مع مرور الوقت وخصوصاً في فترة الثماني والأربعين ساعة الأولى فيما بعد الإصابة فقد يؤدي هذا التورم إلى زيادة الآلام قد تؤدي لا سمح الله إلى الضغط على الأعصاب والأوعية المحيطة بالمنطقة. ومن خلال جلسات العلاج الطبيعي يمكن الحد والتقليل من هذا التورم وبعد ذلك يمكن المساعدة على الإسراع من عملية امتصاص الجسم لهذا التورم. النصائح والتوصيات كما رأينا فإن استخدامات العلاج الطبيعي بالنسبة لنا كأطباء وجراحين هي كثيرة ومهمة وتساعد بشكل كبيرعلى تنفيذ الخطة العلاجية سواء كانت خطة علاجية تحفظية أو خطة علاجية جراحية. وفي الواقع فإن كثيرا من الأمراض يكون الحل النهائي والجذري على المدى الطويل في جلسات العلاج الطبيعي. فلنأخذ كمثال مرض خشونة وجفاف الغضاريف (degenerative disc) في الفقرات القطنية. هذا المرض قد يسبب آلاماً مزمنة في منطقة أسفل الظهر ويصعب علاجه عن طريق التدخل الجراحي. والمسكنات هي ذات مفعول وقتي ولا تنهي المشكلة بشكل دائم. ويكمن الحل النهائي والجذري على المدى الطويل في جلسات العلاج الطبيعي التي يتم من خلالها إرشاد المريض لعمل تمرينات بطريقة معينة (Mckenzie exercises) تؤدي إلى تقوية العضلات المحيطة للفقرات والغضاريف المريضة مما يؤدي إلى اختفاء الآلام تدريجياً وتوقف المرض بإذن الله. إذاً فالحل النهائي يكمن بعد الله تعالى في جلسات العلاج الطبيعي لكي يتخلص المريض أو المريضة من المرض بشكل نهائي. أيضاً لنأخذ على سبيل المثال مرض الخشونة البسيطة في مفصل الركبة أو التهتك البسيط في الغضروف الهلالي في مفصل الركبة. فعلى الرغم من أن الأدوية والمسكنات قد تساعد في تخفيف الأعراض فإنه لايوجد حل جذري ونهائي يزيل هذه الخشونة أو هذا التهتك. وإنما يكمن الحل الجذري والنهائي على المدى الطويل في عمل جلسات العلاج الطبيعي لتقوية عضلات الفخذ والعضلات المحيطة بالركبة (Quadriceps) وبالتالي فإن تقوية هذه العضلات تؤدي إلى تخفيف الضغط والجهد الذي يقع على الركبة وبالتالي إلى إزالة الآلام وتحسن حالة المريض أو المريضة على المدى الطويل بإذن الله. ومن هنا يجب على الفريق المعالج تنبيه المريض أو المريضة إلى أهمية العلاج الطبيعي ويجب على المريض عدم الاستهانة بأهمية هذه الجلسات ومعرفة أنه في كثير من الأحيان تكون هذه الجلسات هي المفتاح إلى الشفاء بإذن الله تعالى وخصوصاً إذا ما استمر المريض بتطبيق التعليمات في البيت كما ذكرنا سابقاً. ولكن في نفس الوقت يجب عدم إساءة استخدام جلسات العلاج الطبيعي فهناك من المرضى من يقوم بعمل عشرين أو ثلاثين جلسة علاج طبيعي فلا يستفيد منها لأنه لايطبق التعليمات في البيت وإنما المطلوب كما ذكرنا سابقاً هو عدد محدود من الجلسات يتم خلالها إرشاد المريض لكيفية عمل التمرينات أو الإطالة وبعد ذلك يقوم المريض تطبيقها في البيت. وللأسف الشديد فإن بعض المراكز الطبية قد تستغل جهل المرضى أو عدم معرفتهم التامة بالأهداف العلاجية المطلوبة من جلسات العلاج الطبيعي ويقومون بإطالة هذه الجلسات لتصل إلى أربعين أو خمسين جلسة بهدف الربح المادي. ولذلك فإننا عادةً ما نحاول تحديد عدد الجلسات التي ننصح المريض بعملها وذلك لكي لا نثقل عليه من ناحية الوقت والمجهود والتعب في الذهاب والعودة من قسم العلاج الطبيعي. وأيضاً فإننا عادةً ما نقوم بإعطاء تعليمات واضحة حول الهدف المراد الوصول إليه والتمارين التي يجب على المريض تعلمها والقيام بها فيما بعد. كلمة أخيرة في كثير من الأحيان يكون دور أخصائية العلاج الطبيعي أو أخصائي العلاج الطبيعي هو دور الجندي المجهول حيث يكون الشكر للمستشفى أو للجراح الذي قام بإجراء العملية ويمكن أن يتناسى المريض فضل الله ثم فضل أخصائية أو أخصائي العلاج الطبيعي في سرعة تماثله للشفاء. وأنا أنتهز هذه الفرصة لأقدم تحية لكل أخصائيات وأخصائيي العلاج الطبيعي المتفانين الذين هم في اعتقادي جزء لا يتجزأ بل وجزء مهم جداً من الخطة العلاجية للمرضى في جميع المستشفيات. تمارين الإطالة الفقرات القطنية الإبر الصينية