كثيراً ما تناولت الصحافة مشكلة تلك السلع الرديئة التي تعج بها أسواقنا، وبالذات ما يتصل بالأدوات الكهربائية، والتي ينسب إليها الدفاع المدني معظم مصائب الحرائق في بلادنا، وتساءلت عن سر السكوت عنها، وكنتُ مثلكم تماما أنتظر الإجابة من أحد المسؤولين في التجارة أو حماية المستهلك أو المواصفات والمقاييس.. لكنها لم تأت، وهو أمر اعتدنا عليه إلى أن تحدث مصيبة كبرى لا سمح الله يهتز لها المجتمع لتبدأ هذه الجهات في البحث عن المعالجات، لكن المفاجأة هذه المرة أن الإجابة جاءت من الصين (اطلبوا الإجابة ولو من الصين)، وعلى لسان السفير الصيني في الرياض السيد: لي تشينغ وين، وفي ندوة الثلاثاء التي نشرتها «الرياض» الأسبوع قبل الفائت حينما قال:" إنه وجد بضائع صينية رديئة في المملكة لم ير مثلها في بلاده، وأن هنالك بعض التجار يبحثون عن المواصفات الأقل جودة بحثاً عن الربح على حساب المستهلك... "!! هل تحتاج جهات الاختصاص إدانة لبعض المستوردين الجشعين أكبر من هذه الإدانة التي جاءت على لسان رجل بمرتبة سفير لبلد صناعي عظيم، وليس مجرد كاتب بائس مثلي ينطبق عليه:(من شافك ياللي بالظلام تغمز؟) وفي أمر يهدد أمننا الاجتماعي؟ المسؤولون عندنا يرددون دائما أن أسواقنا أسواق حرة ومفتوحة لكافة البضائع، حسنا.. لنفترض هذا، ولكن من المسؤول إذن عن تغييب تلك الأدوات الكهربائية الإنجليزية الشهيرة عن أسواقنا، والتي يقول بعضهم: إن بإمكانك أن تغرسها في الجدار، فيسقط الجدار فيما هي تظل تعمل، ولحساب هذه القطع الرديئة التي تستدعي أن يكون لك أنف قط فور تركيبها لتتشمم رائحة العطب فيها قبل أن يتحول إلى ماس وحريق؟ أعرف أنني لن أعثر على إجابة إلا إن تطوع سفير آخر ليكشف لنا أستار هذه الأحاجي التي تقلق الكثيرين. أنا سأرد على نفسي، وسأكون أليفاً، لأزعم أنهم ربما صمتوا من باب الثقة بالمسؤولية الأخلاقية عند جميع المستوردين، لكن الأوطان لا تدار بالنوايا الحسنة فقط، وإلا فما الحكمة من وجود هذه المؤسسات من حماية المستهلك إلى هيئة المواصفات والمقاييس وغيرهما من الأجهزة الرقابية التي يُفترض ألا تنصاع تحت أي ظرف، حتى لو كان من باب الاسترخاص للإذن بدخول بضائع مستوردة لا تتوافر على الحد الأدنى من اشتراطات الأمن والسلامة، كهذه البضائع التي ترفضها أسواق بلد المنشأ كما قال معالي السفير، بل حتى الصناعة الوطنية مهما كان العنوان براقاً ووطنياً كتشجيع المنتج المحلي، طالما ارتبط الأمر بالأمن والسلامة، ما لم تحصل على علامة الجودة. الآن وبعد أن قام معالي السفير الصيني بمهمة رأس الحربة، ووضع الكرة في المقص وفق تعبير الرياضيين في مرمى جهات الاختصاص في بلادنا، وحُسب الهدف دون أي شبهة تسلل، ماذا ستفعل هذه الجهات لحماية أرواح الناس وممتلكاتهم من السلع الرديئة خاصة الكهربائية منها؟، هذا ما سننتظر الإجابة عليه؟