ألا ترون معي أن تفسير الأحلام الذي نسمعه ونقرؤه هذه الأيام يحتوي على الكثير من المعاني الضمنية التي تصلح لكل شيء. ربما احتجنا إلى شيء من الانتظار حتى نرى أن البرمجيات والتقنية دخلت عالم " الاستثمار بالأحلام ". فيأتي أحدهم بتفسيرات كثيرة جدا، وتأويل يرجع إلى قرون غابرة ويخزنها ثُم يستدعيها، ويقوم بإرسال أو إذاعة الإجابة وقبض الثمن إما من " الحالم " أو الوسيلة الإعلامية التي استأجرتهُ لتوسيع قاعدة مستمعيها من أجل الحصول على إعلانات ( فاصل قصير... ونُتابع عرض الحلم.. !، فابقوا معنا..! ومن الصعب الدخول في مادة كهذه في زاوية صحفية. وقد فسّر الكثيرون حدوث الأحلام (سيجموند فرويد مثلا)، حتى الأمثال الشعبية ذكرتها بكثرة مثل " الجوعان يحلم بالخبز ". ودراسة الأحلام قديمة، فقد وُجدت لها آثار على الألواح الحجرية التي ترجع إلى سومر أقدم حضارة عرفتها البشرية، واعتقدت بعض الشعوب القديمة مثل الإغريق أن الأحلام عموما هبة من الآلهة لكشف معلومات للبشر وزرع رسالة معينة في عقل الشخص النائم. وقبل ذلك كله قرأنا في القرآن الكريم قصص سيدنا إبراهيم وسيدنا يوسف عليهما السلام. بينما لم يبدأ اهتمام علماء الغرب بدراسة الأحلام إلا حديثا. ربما أن الذي يضايقهم أكثر في منامهم هو فقط الكابوس، وقد سمّوا كل ما يزعج بالكابوس. - Nightmare وربما غاب عن ذهن من اختار التسمية أنه ليس شرطاً أن يأتي الكابوس ليلا، بل قد يأتي نهارا. والمدقق لغوياً سيجد أن الكلمة الإنجليزية تُشير إلى روح أنثى شريرة، تأتي إلى النائم وتخنقه وترون أنها مقسمة إلى (نايت – مير) – واندمجت مع الزمن. ولم تدخل إلى اللغة الإنجليزية إلا في القرن 13 الميلادي. وقد حاول لغويّو الغرب أن يقللوا من أهمية الحالة فقالوا عنها(الحلم السيئ) Bad Dream. إلا أننا في الشرق سبقنا الغرب في استثمار الحلم فأوجدنا مختصين بتفسير الأحلام ( بمُقابل ). مثل السيدات اللواتي يأخذن دورة دوام يومية على مقاهي الشام ومصر ليقرأن الفنجان( نظرت والخوف بعينيها)- قصيدة مغناة للشاعر الراحل نزار. غناها عبدالحليم، وهذا الذي جعلني واحداً من الذين رأوا أن الفن اختلط مع روحانيات لا يعرفها الغرب، لكننا برعنا بها.