مضى العام الهجري 1433ه، وبدأنا نقلب أوراق تقويم العام الهجري 1434ه . انهالت علينا أشكال متعددة من التقويم الجديد من جهات رسمية وتجارية، ووضعنا المناسب منها أمام مكاتبنا وفي منازلنا، نقْلب في كل يوم صفحة جديدة بصفة تلقائية، وقد نقرأ ما فيها من معلومات خارج التواريخ وأوقات الصلاة . التفتّ يميني، ووقعت عيناي على التقويم القديم وهو يقبع في مكان بعيد ويلقي بنظرات عتب ولوم على إبعاده بعد عِشرة أيام وليال طويلة على مدار عام كامل، وكأنه يذكّرني بما قدمه لي من معلومات، وما ذكّرني به من أحداث ومواعيد عديدة. قمت متثاقلاً ومددت يدي لرفيق عشت معه أياماً وليالي، وأخذت أقلب صفحاته محاولاً جاهداً أن أخفف من معاناة إبعاده واستبداله بالجديد . وجدت عبارات كثيرة سبق وأن دونتها في أوقات مختلفة ؛ بعضها يذكّر بموعد، وآخر يسطر خاطرة أو وجهة نظر، أو عبارة خشيت وقت كتابتها أن تفوت ولا أتمكن من تذكرها مرة أخرى.. استهوتني ورقات تقويمي القديم أكثر حين توقفت عند أحداث ومناسبات فيها المفرح وفيها المحزن، وفيها الداعي للتأمل والتفكر . وجدت علامات أمام تاريخ وفاة والديّ - رحمهما الله - وأمام مناسبات وطنية واجتماعية مهمة كانت تتطلب مني الاستعداد المبكر لها. عجبت من تواريخ حددتها لأتذكر مناسبتها ولكن مر موعدها دون أن تتحقق . مناسبات كانت مجدولة، وزيارات تم الترتيب لها ولكن إرادة الله شاءت أن لا تتم . هكذا هي الدنيا ما كلّ ما نخطط له يمكن أن يحدث فهناك تطورات تحدث في اللحظة الأخيرة تحول بيننا وبين ما نريد . الشيء الجميل الذي دار بخلدي وأنا أنتقل من ورقة لأخرى ومن شهر لآخر هو أنني كنت أستبق المناسبات قبل موعدها وأذكّر نفسي بها لأستعد لها وفقاً لما يتطلب الموقف مني سواء على المستوى الشخصي أو العملي . أعدت تقويمي القديم إلى موضعه وسألت نفسي : هل سيتكرر في تقويمي الجديد ما كان في القديم أم أن هناك تغييرات قد تطرأ ؟ وعلى أية حال لابد من أن أضع علامات جديدة ؛ فالمناسبات والذكريات بعضها يتكرر، وسيكون هناك بلا شك مستجدات في العام الجديد لم يشهدها العام الذي قبله . لا أدري ماذا سأكتب من خواطر وعبارات في صفحات تقويمي الجديد، ولكن من المؤكد أنه ستكون هناك أحداث وتطورات لم تكن لتخطر على بالي، وكلما كان الاستعداد مبكراً كانت النتائج أكثر إيجابية . شكراً لك تقويمي القديم 1433ه فقد استمددتُ منك ما يحفزني على أن أتعامل مع خلفك 1434ه كما تعاملت معك، وربما بشكل أفضل حيث تراكمت لدي المزيد من الخبرات الإيجابية، وأهمية احترام الوقت وعدم تفويت المناسبة بحجة (نسيت، أو لا أدري) . سنستمر في كل عام نضع جانباً تقويماً انتهى بما فيه من مواعيد وذكريات مفرحة ومحزنة، وسنستمر في استبداله بالجديد.. وكلنا أمل في أن يكون القادم أجمل، ولكن درجات الجمال وحجمه قد تعتمد كلياً أو جزئياً على نقوم به من عمل أو ما نسطره من خواطر وذكريات..