اضطر منخرطو حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" اليميني الفرنسي المعارض إلى الانتظار أكثر من أربع وعشرين ساعة لمعرفة اسم زعيم الحزب الجديد بعد إغلاق صناديق الاقتراع أي بعد نهاية العلمية الانتخابية التي شاركوا فيها يوم الأحد الماضي لاختيار رئيس الحزب بين مرشحين اثنين هما جان فرانسوا كوبيه الذي كان يشغل مهام أمين عام هذا الحزب منذ عام ألفين وعشرة وفرانسوا فيون رئيس الوزراء الفرنسي السابق. وفي الليلة قبل الماضية أعلنت لجنة مراقبة هذه الانتخابات أن الفائز هو كوبيه ولكن بفارق ثمانية وتسعين صوتا فقط على منافسه. وكان كلا المرشحين قد أعلن مساء يوم الأحد الماضي فوزه قبل الإعلان عن النتائج النهائية. وتحول الأمر إلى مواجهة على شاشات التلفزيون الفرنسي بين أنصار كلا المرشحين واتهامات متبادلة بالتزوير وعرقلة مسار العملية الانتخابية. ولكن جان فرنسوا كوبيه الذي لم تكن عمليات استطلاع الرأي تتوقع فوزه دعا فيون والفريق الذي هزم معه أمامه لطي صفحة الحملة الانتخابية وما خلفته من جراح في صفوف الحزب بقاعدته وهياكله القيادية والعمل على تشكيل قيادة جديدة تقف بالمرصاد للأغلبية الاشتراكية الحاكمة اليوم وتعد العدة لمحاولة كسب الاستحقاقات الانتخابية المحلية والتشريعية والرئاسية المقبلة. وإذا كان فيون قد اعترف بهزيمته فإنه قال إن الحزب الذي ينتمي إليه يعاني من "تصدع سياسي وأخلاقي" وطلب إمهاله بضعة أيام حتى يحدد الطريقة التي سيختارها في ما يخص التزامه بالعمل السياسي في المستقبل. ويرى بعض المحللين أن فشل فيون أمام كوبيه لا يعني أنه انتهى سياسيا ويستدل أصحاب هذا الطرح على ذلك بمثل الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا فيون الذي لم يصل مباشرة إلى قصر الإليزيه من زعامة الحزب الاشتراكي بل انطلاقا من صناديق الاقتراع وقبلها عبر عملية انتخابية شارك فيها منخرطو الحزب والمتعاطفون معه لاختيار مرشح عنهم للانتخابات الرئاسية. ولكن البعض الآخر يرى أن الخط الذي اعتمده كوبيه خلال الحملة الانتخابية والذي قاده إلى الانتصار على فيون لرئاسة حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" بإمكانه أن يوصله إلى قصر الإيليزيه. ويقوم هذا الخط على رفع شعارات قريبة جدا من شعارات اليمين المتطرف. وتلقى هذه الشعارات اليوم أصداء واسعة لدى شرائح كثيرة في المجتمع الفرنسي. وهذا ما جعل كثيرا من وسائل الإعلام الأجنبية تعلق على فوز كوبيه على فيون فتصفه ب"الشعبوي" وبالشخص الذي "لا يحب الأجانب". بيد أن كوبيه يقول إن هذا الوصف لا ينطبق عليه ويقول إنه حريص بدون أي مركبات على التذكير بأنه يميني ولكنه يرفض التحالف في المستقبل مع حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف.