في المعلومات أن وزراء الدول الخليجية باجتماعهم مع نظيرهم الروسي سيرغي لافروف أرادوا إيصال رسالة إلى الروس مفادها أن سوريا أولاً وثانياً وثالثاً. الاجتماع الثاني للحوار الاستراتيجي الخليجي – الروسي الذي عقد في الرياض أمس الأول سعت موسكو على جعله حوار شاملاً يتناول مجالات السياسية والاقتصاد والتعاون العسكري والتقني والثقافي أيضاً، وكان ذلك واضحاً من خلال تصريحات أدلى بها المتحدث بإسم الخارجية الروسية لوكاشيفيتش أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيحضر إلى الاجتماع مع أمل بعقد لقاءات مثمرة من شأنها إعطاء دفعة إيجابية للتعامل السياسي والتعاون في مجال الأعمال بين البلدان أعضاء المجلس وروسيا، لكن وحتى عشية انعقاد الحوار الاستراتيجي بدا للمتابعين أن لا حواراً استراتيجياً سيعقد وأن ما سيحدث هو اجتماع إعتيادي وهو ما أكده بيان الامين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني عشية الاجتماع بأن الوزراء الخليجيين سيعقدون إجتماعاً مع نظيرهم الروسي سيرغي لافروف بشأن سورية، وجاء في نص البيان "أن هذا الاجتماع يأتي سعيا من دول المجلس لوضع حد لمعاناة الشعب السوري، بتحقيق انتقال سياسي سريع للسلطة، يوقف سفك دماء الأبرياء، ويحقق تطلعات الشعب السوري وآماله في بناء دولة موحدة يسودها القانون، وتحفظ حقوق وكرامة جميع أطيافه ومكوناته". وسائل الإعلام المحلية والدولية كانت تتسأل عن تفاصيل الاجتماع ومتى وأين سيعقد والإجراءات المتبعة في التغطية الإعلامية، وهو الأمر الذي لم يتسنى الإجابة عليه إلا قبل انعقاد الاجتماع بساعات قليلة، حيث وصل إلى وسائل الإعلام في الساعة الثانية ظهراً من نفس اليوم رسائل واتصالات بأن الاجتماع سيعقد في مقر الأمانة العامة في الساعة السادسة وهو أمر غير معتاد في المناسبات فما بالك بمناسبة تحمل هذه الأهمية القصوى، أرادت دول الخليج إيصال رسالة إلى موسكو أن حواراً إستراتيجياً سيكون من الصعب وغير المفيد انعقاده وإعطائه أهمية اعلامية مع وجود خلافٍ كبير في الأولويات بشأن سوريا. حضرت الوفود وانعقد الاجتماع مساء الأربعاء بجلسة مباحثات ثنائية بين الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ونظيرة الروسي سيرغي لافروف، كتمهيد، قبل ان ينطلق الاجتماع الموسع وتوصد الأبواب استمر الاجتماع المشترك لحوالي الساعتين كان الوفد الروسي متنوعاً على الصعيد الرسمي والإعلامي، وغصت القاعة المجاورة لقاعة الاجتماعات الرسمية بالمستشارين ودبلوماسي الخارجية الروسية الذين استغلوا الفرصة مع الخليجيين في تبادل الحديث الرسمي وغير الرسمي خصوصاً أن الجميع كانوا منشدين نحو أمر آخر فمباراة المنتخب السعودي والأرجنتيني كانت تحظى باهتمام الموجودين، بينما كان هنالك خلاف حاد وغير وديّ في القاعة المجاورة بين لافروف وفريقه المطّعم بخبرات المستعرب ميخائيل بوغدانوف السفير السابق في سوريا وإسرائيل واليمن والذي يجيد العربية بطلاقة والوزراء الخليجيين. خرج الجميع من الاجتماع فبدا الموقف واضحاً فهنالك اختلاف لم يستطع أن يكتمه وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم فصرح واقفاً لوسائل الإعلام المتأهبة "لدينا وجهة نظر وأصدقاؤنا في موسكو لديهم وجهة نظر، ولم تتطابق هذه الوجهات"، قبل أن يستدرك "الجميع اتفق على مواصلة الحوار في هذا الشأن". انفض الاجتماع بدون بيان ختامي جرت العادة على إصداره غالباً في نهاية كل اجتماع على مستوى الحوارات الإستراتيجية الأمر الذي يعني أن جدول الأعمال كان خالياً إلا من الأزمة السورية، والبيان الوحيد الذي أصدره مجلس التعاون كان حول الاعتداءات الإسرائيلية على غزة. لكن وزير خارجية البحرين وروسيا لم يشآ الانصراف إلا بعد أن يعقدا مؤتمراً صحافياً مشترك. رسمياً لم يكن هنالك بيان ختامي، لكن كلمة وزير الخارجية الشيخ خالد آل خليفة التي استهل بها المؤتمر الصحافي كانت هي البيان الختامي الفعلي، برر الوزير البحريني تركيز هذا الاجتماع على سوريا قائلاً: "تركيزنا في هذا الاجتماع على هذه القضية يأتي من حرص دول المجلس على تذليل أهم العقبات لتمهيد الطريق لبحث قطاع واسع من قضايا التعاون المشترك في كافة المجالات". ركز "البيان الختامي" على ثلاث نقاط أولها استشعار مجلس التعاون لدول الخليج العربي بمسؤولياته الإنسانية والسياسية والأمنية أمام هذه الأزمة، وثانيها أن النظام السوري فقد شرعيته بعد أن استخدمها في شن حرب ضروس على شعبه وقتل مواطنيه وتشريدهم، وبات حرياً على مجلس الأمن أن يسحب هذه الشرعية من النظام ، ويصدر قرار حول ذلك. وثالثها: تقدير دول الخليج لتاريخ روسيا الاتحادية ومواقفها الداعمة في مناصرة القضايا العربية. الوزير الروسي سيرغي لافروف من جهته بدت كلمته في بداية المؤتمر الصحافي منقسمة إلى جزئين الاول يتعلق بالوضع في سوريا والجزء الاخر تعلق بالتعاون مع دول المجلس لضمان خلو المنطقة من اسلحة الدمار الشامل وتوسيع المجال الاقتصادي والاستثماري والعلمي مع الدول الخليجية!، وقال في لهجة تؤكد ان وزراء المجلس لم يعطوا الوزير الروسي فرصة للانتقال إلى أي بند آخر خلاف الازمة السورية، وخاطب الوزراء عبر الصحافيين "إن الأزمة السورية مهما كانت شدتها لا يجوز أن تطغى على أهمية المواضيع الأخرى وقبل كل شيء المشكلة الفلسطينية". بقي ان نقول أن دول الخليج ترى أن روسيا دولة مهمة وجزء من الحل في أزمة سوريا وهي تدرك أهمية موسكو كقوة عظمى، ذات مواقف مناصرة في عدة قضايا عربية، الامر الذي حدا بوزير خارجية البحرين الشيخ خالد آل خليفة أن يؤكده قبل أن ينصرف لافروف قائلاً: "روسيا لديها رصيد جيد ومساند لقضايانا وهذا يهمنا.. نحن نعرف أن الحل يتأتى بالتعاون مع روسيا التي تعتبر دولة مهمة في المجمتع الدولي".