أجزم أن صانع القرار السياسي يُسعد كثيراً بقيادات تنفيذية تتخذ القرار الشجاع المفصلي وتتحمل نتائجه، وتستشرف مستقبلات تأثيره في مسيرة الوطن والمواطن، ويرغب في فهم ووعي للمسؤولية الوظيفية والقيادية بحيث تكون ترجمة للتوجهات والطموحات والرؤى التي تعمل القيادة على تحويلها إلى واقع معاش، وتعبر بالمجتمع والوطن إلى حيث تحقيق التكامل والنمو والحداثة على كل الصعد، وفي كافة المضامين. فحلم القيادة يتمحور في دفع توجهات التنمية لترسيخ وتأكيد القضاء على الخلل، وترميم القصور والفشل، وإنهاء كل المعوقات التي طرأت في مسيرة العمل إما بسبب البيروقراطية الإدارية، أو نتيجة لفكر تنفيذي مقولب داخل مفاهيم نمطية تخطاها الزمن، ولفظتها أبسط النظم والقوانين العلمية والعملية، إضافة لتردد ربما يرقى إلى مستوى الخوف وعدم الثقة واغتيال القرارالتنموي أو التوجه الإنمائي تلافياً للّوم أو الوقوع في الفشل ومردوده على الموقع الوظيفي، وتداعياته على الامتياز الاجتماعي، في ثقافة خاطئة وبليدة بأن اقتحام السائد في المفاهيم الإدارية ربما يقود إلى منزلقات تعصف بالمركز، والأسلم أن نهادن ونأخذ بالأسلوب التوفيقي المراوغ والملتبس، ونتجنب الإنجاز ليسلم الكرسي، وتطول المدة الزمنية في احتلاله بما يمثله من امتيازات. نجزم كمراقبين وإعلاميين ومشتغلين بالهم والهواجس الوطنية، ويؤمن المواطن على امتداد الفضاء الاجتماعي والجغرافي بأن القيادة السياسية تحلم بعمل ضخم تقوده الأجهزة التنفيذية في الوزارات والمصالح والمؤسسات الحكومية يحوّل التعثر الموجود في التنفيذ الإنمائي والوطني إلى نجاحات تنقل الوطن إلى حالة من التوهج في كل المضامين الحياتية والتنموية، وتحصن المنجز الوطني الذي ورثناه من الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - والجيل الذي ناضل معه من كل ترديات التباطؤ أو التردد في إحلال التنمية الشاملة، وما ندفع من أثمان باهضة جداً من عمر أجيالنا ومواردنا وثرواتنا ودخولنا المالية نتيجة لانشغالنا بالهوامش الإدارية، وثقافة "حسب النظام" و"الإجراء اللازم" ونجلس سنين طوالاً نشكل اللجان، ونؤلف مجموعات العمل لتفسير "النظام" و"اللازم" ونناقش التفسير ونضع تفسيراً للتفسير، والوطن يتسربل ويتخلف في كثير من أوجه الحياة، لإن الرغبة في اتخاذ القرار الشجاع غير متوفرة عند المسؤول التنفيذي. أحسب أن الخطوط الحمر، والمناطق المحظورة في مفاهيم العمل والتي لا تتساهل فيها القيادة السياسية هي الممارسات المتدنية، والمسلكيات الهابطة من رشاوى ولصوصية والتجاوز على المال العام، والخيانة للمسؤولية الوطنية والإنتماء والهوية، وما عدا ذلك فإن الاجتهاد في العمل واتخاذ القرار التشريعي والتنفيذي أمر مكفول، وقد لا يحالفنا التوفيق في قليل من القرارات ولكن ليس كلها بالتأكيد، ومن التجربة والممارسة والرغبة في العمل نتعلم، وتنضج قراراتنا، وننقل الوطن إنساناً و"جغرافيا" ومنجزاً وطنياً إلى مواقع مضيئة ومبهجة في منظومة العالم المتقدم، والمواطن يغفر كثيراً للمسؤول التنفيذي الذي يحاول تشريع أو تنفيذ القرار ويخطئ، أولا يكون متكاملاً بما فيه الكفاية، لكنه لا يغفر مطلقاً للركود والخوف والهشاشة والرخاوة والالتباس والضبابية في القرار. إلى أين من هنا.. ؟ يبدو أن وزير التجارة، د. توفيق الربيعة مسؤول مختلف، يحمل سلوكاً وظيفياً متفوقاً، ويؤسس لمفهوم الممارسة الإدارية والعملية الواضحة والصريحة التي تستلهم مصلحة المواطن، فقد اتخذ أكثر من قرار يستحق التهنئة عليه، ومباركته، وقد استخدم العقل، ونحن في أمس الحاجة للعقل وتوظيفه في كل توجهاتنا.