تظل ثقافة التسوق ثقافة خاصة جداً لا يمتلكها أي متسوق، أو متسوقة أقصد في الشراء، وليس في الخروج إلى السوق من أجل أشياء أخرى. وترتبط بثقافة التسوق، هواية التسوق أيضاً، فبعض النساء يُعتبر السوق لديها هو المتنفس الحقيقي في الخروج، فإن ضاق خلقها، خرجت إلى السوق وإن غضبت ممن حولها، خرجت إلى السوق، وإن انبسطت أيضاً خرجت إلى السوق، وإن اتفقت مع مجموعة من الصديقات للخروج ذهبن إلى السوق، وتسوقن ومنه إلى إحدى المقاهي في السوق أيضاً، أو أحد المطاعم. تجلس إحدى النساء وتحكي عن تفاصيل مركز من المراكز الشهيرة وأحياناً الصغيرة بتفاصيل دقيقة موقع المحلات، أركان المحل من الداخل، وأين تجدين كل شيء إن ذهبت إلى المحل. تحكي ذلك بمتعة شديدة وسعادة من يحب أن يحكي للآخرين دون حسد. والحسد في الشراء يأتي من خلال أن بعض النساء عندما تلبس قطعة من الملابس وتُسأل من أين؟ تجيب إنها هدية رغم شرائها لها، وهي ظاهرة منتشرة بين كثير من النساء تعكس عدم رغبة أي منهن أن تلبس الأخرى مثلها، أو تشتري من نفس المكان، أو تسرق ذوقها، خصوصاً في ظل عدم رغبة البعض في إتعاب أنفسهن والاعتماد على الأخريات فيما تشتري كل منهن. ويعتمد البعض في استفزاز من تتكتم على أماكن شرائها بأن هذه القطعة شوهدت في المكان الفلاني، أو تم شراؤها من نفس المكان الرخيص، مما يثير حفيظتها ويشكّل كارثة لديها. خصوصاً في ظل شعورها أنها مميزة. وهواية التسوق تتنامى دائماً كلما اكتشفت المرأة أماكن تسوق جديدة وكلما ازدادت أماكن الشراء من مراكز وأسواق متكاملة. حيث إن الهاوية لا يمكن أن تشتري من المرة الأولى، وتدفع بسرعة دون مساومة. فهي وإن أرادت شراء أي شيء تذهب لمركز وآخر وتقارن بين الخامات، ومن ثم في الأسعار ولا مانع لديها أن تخرج عدة مرات مقابل أن تحصل على سعر أقل، وخامة أفضل ولا تعنيها الماركة أحياناً في ظل التقليد الشائع، ورفع الأسعار بمبالغة، فهي تحرص على ما يريحها، وما سبق أن تعاملت معه وبانت أهميته، وقيمته الحقيقية. المشكلة هنا في قدرتها على البيع والشراء، والمساومة لفترات طويلة ومملة. فهي في البداية تسأل عن القيمة، أو تعطي انطباعاً بعد عدة جولات في الأسواق أن هذه الخامة ليست المطلوبة ولكن لا بأس سيتم شراؤها، وهي توضح للبائع أن بضاعته ليست جيدة. وتسأل عن السعر وعند الإجابة من الممكن أن تقول له حيلك، هذه سعرها لا يساوي أكثر من كذا وقد يكون مبلغها نصف المبلغ الذي طرحه هو. وقد يفاجأ البائع هنا حيث إنها من المفترض إن كانت متسوقة عادية أن تغادر السوق فوراً، دون مساومة، ولكنها بصفتها خبيرة، تظل تلح عليه، وأنها سوف تأخذ ما تريده بالقيمة التي حددتها، وإن تهاود هو في السعر، ثبتت هي، وهكذا قد تأخذها بقيمتها، رغبة من البائع في الفكاك منها والنفاذ بنفسه من إلحاحها حتى وإن كسب ريالات معدودة، فهو سوف يكسب في غيرها، مع تحذيرها بأن لا تخبر أحداً لأن البضاعة وقفت عليه بخسارة، وأحياناً تستفزه لمعرفتها القيمة الحقيقية للقطعة فيتخلص منها لإحساسه بأنها خبيرة في التسوق. وقد تفسد عليه صفقات أخرى. المشكلة أنني أعرف كثيراً من النساء قد يختلقن مشاكل مع البائعين من أجل تثبيت السعر المطروح من قبلهن، ويتحدثن مع البائع بصفة الآمر، حتى إنني في إحدى المرات غادرت المحل إلى الخارج حياء من عنف المجادلة التي ينبغي أن لا تخرج عن إطار التوافق بين رغبة من يبيع، ومن يشتري. هذه المواقف ذكرتني بها امرأة وابنها كانا يتسوقان منذ أيام في مكة كما نشرت إحدى الصحف واشترت مجموعة من الأغراض حيث أصرت على دفع مبلغ معين قيمة ما اشترت وأخذت الأشياء، وعندما طالبها البائع برد المشتريات التي أخذتها أصرت على السعر ورفضت بشدة ردها وأكدت أن المبلغ المدفوع يتناسب مع مشترياتها وبعدها قامت معركة بين الابن والباعة واشتركت الأم التي نقلت مع ابنها إلى المستشفى، والقي القبض على الباعة بسبب ثقافة التسوق، وزاد عليها القوة في أخذ ما نريده بالسعر الذي نريده ألسنا في زمن اخطف واجري؟