حمى الشراء هل هي داء أم ضرورة تفرضها الحياة بمتطلباتها، ومن يتفوق في ضرب أكبر رقم قياسي في تلك اللعبة الاستهلاكية؟ أهي المرأة بطبيعتها، أم الرجل بقوامته و الذي يضعف عند رغبة وإلحاح الأولاد؟! ما سبب ارتفاع معدلات تسويق البضائع وتوزيعها في سوقنا السعودية؟ أيسبب انتشار الأسواق وتنافس الأسعار دافعاً قوياً للشراء ؟! حول تلك الظاهرة التي بدأت تتفشى في مجتمعنا بشكل ملفت! ورغبة في الوقوف على أسبابها ودوافعها نسأل متسوقين غصت عرباتهم، وكلت أيديهم من حمل السلال و الأكياس المملوءة بالبضائع الضرورية منها والثانوية والتي لا حاجة لها !! . بداية التقينا بأم سليمان فقالت عن هذا الموضوع أعتقد أن جميع السعوديين محمومين بحمى الشراء من يملك منهم ومن لا يملك الكل يشترى ما يحتاجه وما لا يحتاجه وأرى أن لنافي ذلك عذر فأماكن الترفيه لدينا أسواق، والمكان الذي لا يوجد فيه بيع و لا شراء ،لا يعجبنا حتى مناسباتنا الخاصة التي نقيمها في بيوتنا واستراحاتنا يأتي من يمتهن البيع ويسوق بضاعته كتاجر «شنطه» ! والأمر ليس مقصور على النساء فحسب بل حتى الرجال يبيعون ويشترون في مجالسهم وأينما ذهبوا لديهم هذه الهواية العامة. أحمد العيد لديه وجهة نظر حيث يرى أن المصابين بحمى الشراء أناسا يفتقرون للتخطيط وليس في قاموسهم شيء اسمه ميزانية فمن يخطط ويضع في حساباته مبلغ لكل شاردة وواردة، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقدم على الشراء بلا حاجة أو ضرورة ويضيف أنني في عجب من أولئك الذين يسرفون في الشراء بلا فائدة لمجرد أعجبني فاشتريته!! وليتهم حينما يفعلون ذلك تذكروا من هم بحاجة إلى تلك المبالغ المصروفة بغير وجه حق من من أصابتهم الكوارث والفقر والمجاعات ويعلمون أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأن الله في كل الأحوال لا يحب المسرفين كما شدد رسولنا الكريم ونهى في أكثر من واقعة وحديث عن المغالاة والإسراف لتدوم النعم وتحفظ من الزوال . أم أسيل تقول هوايتي «الشوبينج» هكذا تتحدث عن نفسها، وأزاول تلك الهواية الممتعة بمعدل مرتين إلى ثلاث أسبوعياً مرة أساسية مع العائلة والأولاد وغالباً ما تكون في «السوبرماركت» وثانيه مهمة جداً مع الصديقات أروح بها عن نفسي حيث نقضي ثلاث إلى أربع ساعات في أكبر المراكز التجارية لنتابع آخر الموديلات ونقف على أحدث خطوط الموضة، وأعرف أن ثمة بضائع لا تستحق الاقتناء ولكن الحاصل أن في كل مرة أذهب فيها للتسوق أعود بشي لست بحاجة إليه !! وهذا أمر طبيعي فلكل شي ضريبة والشراء ضريبة التسوق. محمد الزيد يشاركنا الحديث ويقول الإقبال على الشراء بأي سعر وتحت أي ظرف مادي بلا تفكير يعتبر هوس!! وأعرف كثيراً من الأصدقاء لديهم هذا الهوس فلا يكاد يمر بجانب أحد محلات بيع الأحذية إلا ووقف يتأمل ولا يخرج من المحل إلا وهو ينتعل واحدة !! وآخر نعرف أحدث جهاز جوال نزل إلى السوق من جواله الذي يتغير كل أسبوع تقريباً !! والكثير مصاب بداء «الكشخة» ويبحث عن شئ يتميز به والأكيد أنه يدفع عليه مبالغ طائلة ليحقق لنفسه قيمة بما يشتريه ويملكه وينسى أن قيمة الشخص بما يملكه من دين و خلق !!. أمل معلمة وأم لطفلين في المدرسة تقول أنا لا أعتقد أن حمى الشراء ظاهرة في مجتمعنا ! وإذا كانت ظاهرة قبل عدة سنوات فهي اليوم في طريقها إلى الزوال لأن الناس أصبحوا أكثر حرص وحب للمال الذي بدوره يشكل عامل أمان قوي عند أغلبهم من غدر الزمن وتقلباته، وترى ذلك في أمور كثيرة منها قلت الاحتفالات التي تقام لبعض المناسبات، وانعدام الولائم والذبائح التي تنحر لتوجيب الضيوف، قلت مظاهر الإسراف والبذخ التي كنا نراها، فاليوم أعتقد أنه غدا من الصعب أن نفرق ما بين الطبقة الغنية والمتوسطة حيث أصبحت الأخيرة تقترب إما علواً من الطبقة الغنية أو نزولا وتراجعاً للطبقة الفقيرة المعدمة ؟! وما نراه من سلوكيات البعض في اقتناء أشياء ليس لها داعي !!فلا تعدوا إلا كونها سلوكيات فردية لا تمثل إلا صغار السن أو الذين لديهم مال لم يعرقوا في تحصيله. ولنقف عند أماكن التسوق والشراء ونسجل رأي الباعة ومحاسبي الكاشير للتعرف على وقت الذروة في البيع متى يكون؟ ومن أكثر الفئات «الشراية» وما هي البضائع التي يكون عليها إقبال أكثر من غيرها. محمد بائع في أحد محلات بيع الملابس النسائية حيث يقول في السنة لنا مواسم ذهبية وأخرى أقل ولكن بالنسبة للألبسة النسائية فزبونها دائم و غالبيتهم من النساء ومن اللاتي اعتدن تتبع الموضة وأحدث ما نزل في الأسواق العالمية ونحن كشركة تروج لماركة ملابس معروفة لدينا زبائننا ونقوم بالاتصال بهن عند نزول بضاعة جديدة وممكن أن نقوم بطلب تصميم معين ومقاسات تناسب زبونتنا . فنحن نسعى لخدمتهن بكافة الوسائل الممكنه، حتى لا يتوقف أو يقل الطلب على بضاعتنا خاصة وأن المنافسة محتدة بين المحلات والأسواق في هذا الجانب. تركي العنزي «كاشير» في إحدى الأسواق المركزية حيث يقول جميع الناس تتسوق وتشترى، ولكن من خلال عملي ألاحظ أن السعوديين والعرب عموماً يشكل التسوق لهم متعة كبيرة إضافة إلى أنهم يحملون في عرباتهم وسلالهم مشتريات متعددة تعرف أنه مر بجميع أرفف السوق وأقسامه وأخذ منها.. وعندما يقف لدفع الحساب وهو يصف عرباته التي تعبأت بالمشتريات!! يفاجأ بالسعر وأحياناً يضع بعض الأغراض جانباً لأنه ليس لديه كامل المبلغ أما الأجانب، فتراه دائماً مشترياته قليلة ومحدودة تكاد تحفظها وتعرفها في كل مره يحضر فيها للتسوق إضافة إلى أنه يخرج لك المبلغ محسوباً بالهللات قبل أن تسعر مشترياته !! .