الأسماك السطحية يتدرج لونها بين الأزرق الفاتح الى الرمادي المخضر بحيث يصعب على الصيادين والمفترسين رؤيتها.. ولكن اذا نزلنا (لأبعد من 20 مترا) نلاحظ ان لون السمك يتغير الى الأحمر والعنابي.. وكلما نزلنا أكثر تدرجت ألوان السمك (بحسب ألوان الطيف) حتى إذا وصلنا الى عمق 600 متر نجد أسماكا مضيئة.. أما على عمق 1000 متر فيصبح الظلام دامسا وتصبح الاسماك شفافة وعمياء (لعدم وجود الضوء اصلا)!! ويكمن السر في ان ضوء الشمس يتشكل من عدة أطياف (حين تندمج تعطينا اللون الأبيض المعروف). وحين ينزل الى البحر تمتص المياه ألوان الطيف هذه فيتغير لون البحر بازدياد العمق.. بمعنى كلما نزلنا أكثر كلما نشأت طبقة ضوئية جديدة حالت دون رؤية أحد الألوان. وعلى عمق 20 مترا يختفي اللون الأحمر تماما فيصبح هو (وليس الأزرق) لون التخفي المثالي للاسماك، بحيث لو سال الدم من يدك هناك فلن تراه بسبب لونه الأحمر. وأصحاب الخبرة من الصيادين يعرفون هذه الظاهرة ويستطيعون من خلال لون السمكة معرفة العمق الذي أتت منه! ومن جهة أخرى يتكون البحر من عدة طبقات وأمواج يركب بعضها فوق بعض. وحين يأتي الضوء من الشمس يصطدم أولا بالسحب فتمتص منه أطيافا معينه. وحين يخرج (ويسقط على البحر) يعكس الموج السطحي جزءا آخر ويسمح لما تبقى بالدخول. وكلما تغلغل الضوء الى طبقة أعمق انعكس جزء منه وزادت بالتالي الظلمة.. وهكذا تتراكم ال "ظلمَاتٌ بَعضهَا فَوقَ بَعض" بحيث نصل الى منطقة الظلام الدامس على عمق 1000 متر، حتى إذا أخرج الإنسان يده لم يكد يراها. وهذه الحقائق المدهشة ذكرها القرآن الكريم في سورة النور في قول الله تعالى: "أَو كَظلمَات في بَحر لجّيّ يَغشَاه مَوجٌ من فَوقه مَوجٌ من فَوقه سَحَابٌ ظلمَاتٌ بَعضهَا فَوقَ بَعض إذَا أَخرَجَ يَدَه لَم يَكَد يَرَاهَا". وهذه الآية تتضمن ثلاث حقائق معجزة في علم المناخ والبحار وفيزياء الضوء؛ الحقيقة الأولى إثبات امتصاص السحاب لجزء من طيف الشمس (بحيث تبدو السماء زرقاء، وما هي بزرقاء). والثانية الحديث عن طبقات البحر وأمواجه الداخلية قبل اكتشافها بعدة قرون، والثالثة انعكاس أطياف الضوء على مراحل حتى تختفي تماما في البحر اللجي (و"اللجي" في اللغة هو الشديد الظلمة والعمق). يضاف لهذا التلميح بوجود مخلوقات مجهزة بنور بيولوجي في قوله تعالى: "وَمَن لَم يَجعَل اللَّه لَه نورًا فَمَا لَه من نور" في ذلك العمق!! ولم يكن بالامكان الكشف عن هذه الحقائق قبل توفر تقنيات الغوص الحديثة؛ فجسم الانسان بالكاد يتحمل ضغط المياه على عمق عشرين مترا. وعلى عمق 30 مترا يبلغ الضغط ثلاثة كلغم على كل سنتمتر مربع. أما النزول الى عمق 50 مترا فيعني ضغطا مقدراه 50 طنا على المتر المربع (وهو ما يهدد بتحويل الجسم إلى خيارة)!