للبحر قصة مع أهل الخليج .. فصولها تمتد من الرزق إلى الغدر .. ومع ضوء القمر ومسامرة النجوم .. مع دفء الشمس وغزارة المطر .. غسل أهل الخليج جراحاتهم فيه .. وكتبوا أسرارهم على زرقته .. ومروا بأحلامهم على أمواجه، يعرفه كبيرهم وصغيرهم، بل يعرفون غضبه وهيجانه، ويعرفون هدوءه وعطاياه، كان ماضيهم ومازال حاضرهم وسيكون مستقبلهم. كان الصيد فيه لغة الآباء والأجداد وبعض أسرار «النواخذة « وحكاية أخرى للرزق والطعام ونزر قليل منه للحب لتقاليد زمن أول، لكنه لم يخل بالتأكيد من أسرار العشق الذي يولد ويموت دون أن يعرف عنه شيء . "الميد" سمك سماه الصيادون والمستهلكون " بفاكهة الأسماك " يصطاد بالشباك ويتواجد كمجموعات له قيمة اقتصادية كبيرة لا يتجاوز طوله 20 سنتيمترا في الأغلب ، له طعم لذيذ يحبه أهل الخليج ويعد للأكل عن طريق الشواء ، وقد ارتفعت أسعاره أكثر من 100 بالمائة خلال الثلاثة الأعوام الماضية لقلة وروده في الأسواق عما كان عليه سابقا . سمك الميد يعيش في السواحل الرملية والطينية ولكن تتواجد بعض العمالة تخالف وتصطاد هذا النوع من السمك من السواحل مما سوف يقلص من كمياته القليلة مستقبلا حيث تقضي على مساكنه وبيضه بالجرف . أكد الصياد سعيد وهاب السالم أن سمك الميد يتكاثر في موسم الربيع وصولا إلى الصيف بشهر أغسطس طوله بمعدل 15 سنتيمترا وقد يصل إلى طول 20 سنتيمترا ويتم اصطياده بطريقة الغزل والسكار وبالشباك سواء كان الجاروف أو السالية وكذلك بالحضرات وهذا كان في السابق ، ويكون هذا النوع من السمك على شكل جماعات تسمى بلغة الصيادين " رأس من السمك " وهي أسراب تبحث عن الدفء كمصبات محطات التحلية وتهاجر في فصل الشتاء تاركة بيوضها على الساحل وتشبه بشكلها سمك البياح إلا أن سمك البياح أكبر حجما ووزنا أما سمكة الميد فيميل لونها إلى اللون الأزرق ، ولفت السالم أن سمك الميد يتكاثر بسرعة وبأعداد كبيرة على الساحل وبقرب أشجار المانجروف " القرم " فيعتبر بيئته ومأواه الرئيسي والضروري لتكاثره وأكد السالم أن نسبة الميد قلت عما كانت عليه نتيجة لتقليص مساحات كبيرة من شجر المانجروف القرم والتي تعتبر حاضنة لهذا النوع وللكائنات البحرية الأخرى . ويصطاده بحارة المراكب الصغيرة "الطرادات" وكذلك أصحاب اللنشات ولكن بكميات قليلة جدا كما كان يصطاد سابقا عن طريق " القمبار " والذي يكون فيه الصياد ماشيا في البحر على قدميه بأدوات الصيد المشعل والصاخوب والجراب أو القفعة والتيب " المطاط " ، وذكر السالم أن سمك الميد يتغذى على القشريات والرخويات والهوائم" البلانكتونات " والطحالب المتواجدة في السواحل ، مشيرا الى أن هذه السمكة سريعة في حركتها وتنتقل بسرعة من موقع لاخر حيث تستطيع أن تقطع مسافة خلال اليوم ما بين 70 إلى 100 كيلو متر . وأشار الصياد عبدالله يوسف الماجد الى أن سمك الميد يعيش في السواحل الرملية والطينية ولكن تتواجد بعض العمالة تخالف وتصطاد هذا النوع من السمك من السواحل مما سوف يقلص من كمياته القليلة مستقبلا حيث تقضي على مساكنه وبيضه بالجرف وتصطاد منه بكميات كبيرة منها الصغير وبشباك ممنوعة يبلغ طولها 500 متر وبفتحات وعيون صغيرة أحيانا وفي أماكن ممنوعة حيث تصطاد في مسافة 500 متر من الساحل وهذا غير مسموح به دوليا وحتى بعد 1000 متر من الساحل حيث تعتبر هذه المناطق مناطق حضانة وتبييض وتكاثر للأسماك وأهمها سمك الميد وهذه العمالة غير مبالية بالقوانين والأنظمة واللوائح ويستخدمون شباكا ممنوعة ففتحة العين لهذه الشباك أقل من 2 أنج ويبحر في المركب صيادان اثنان في الأغلب ويصطادا أكثر من 300 كيلو من الميد في الجرفة الواحدة أي بمعدل 10 ثلاجات " الثلاجة 32 كيلو " وهذا المركب لا يغادر المكان إلا بعد جولتين يأخذهما في الموقع ، مشيرا الى أن هذه المخالفات تتواجد على السواحل سواء كانت في بحر الدمام وكذلك في سيهات والقطيف وسنابس وعند الصناعية بالتركية والرامس وصفوى ورأس تنورة مبينا أن بعض الأسماك هاجرت بعض مواطنها بسبب القضاء على بيئتها من الحشائش بسبب التجريف والصيد الجائر لهذه العمالة في مناطق الحاضنة .
انخفضت نسبته بالأسواق 70 بالمائة وذكر الصياد عباس حبيب الدبيسي أن صيد سمك الميد يأتي للسوق من صيد المراكب الصغيرة "الطرادات" وبنسبة 90 بالمائة منه، أما المراكب الكبيرة «اللنشات» فما يأتي منها فقط من صيد سمك الميد بنسبة 10 بالمائة فقط يشاركه الصيادون سواء كانوا بالغزول أو بالسكار أو السالية والسبب قلة صيد اللنشات منه وتواجد هذا النوع على السواحل. أما إذا انتقل للبحر العميق فهو مهاجر لمنطقة أخرى، ويكثر تواجده بالقرب من الفرضات والموانئ. ولفت علي سعيد آل عبيد الى أن كميات كبيرة تأتي من سمك الميد للسوق من الكويت والامارات والبحرين، وقد كنا نحن في السابق نصدر الميد لدول الجوار وتصل نسبة انخفاض الميد لدينا الى ما بين 60 و 70 بالمائة ما رفع أسعاره، وجاء ذلك خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وكان الميد في الجبيل يغلق محطة التحلية وغزلان قبل 10 سنوات تقريبا بسبب كثرة تواجده، أما الآن فنبحث عنه ولا تجده إلا في أماكن محددة نتيجة لتخريب البيئة المناسبة له والردم الجائر المتتالي على سواحل الشرقية، مشيرا الى أن سعر ثلاجته وصلت في الوقت الحاضر الى ما بين 400 ريال و700 ريال، بينما في السابق وقبل 4 سنوات كان سعر الثلاجة منه 200 ريال كأقصى حد حيث ارتفعت أسعاره بنسبة تزيد على 100 بالمائة.
الصيد العشوائي يهدد سمك الميد القصاب : لا تخلو بسطة أسماك منه وقال بائع تجزئة الأسماك إبراهيم القصاب : يعتبر سمك الميد "فاكهة السمك" لا تخلو بسطة أسماك منه ولا تجد بائعا يبيع السمك إلا وعنده سمك الميد فهو محبب للجميع صغارا وكبارا، وقد يكون هو السمك الذي لا يمكن أن يبيت مع البائع، فسعره يعتبر ثابتا اليوم بين 15 و 20 ريالا وتجد ال «3» كيلو بسعر 50 ريالا، وتواجده في الشتاء قليل فكثيرا ما يتواجد في الوقت الحاضر من الدول المجاورة، وتجد البيوت أكثرها في يوم الخميس أو الجمعة تتناول هذا النوع من السمك بعد رشه بالملح ووضعه على الصاج وشوائه حيث تجد الأدخنة تتطاير من أسوار المنازل وتنتشر روائحه في الأحياء. وأكد المواطن محمد حسين العوامي أنه لا يخطئ أحد في تمييز أو ذكر اسم سمك الميد الصحيح باسمه سواء كان صغيرا أو كبيرا، فهذا السمك مميز وله عشق بمنازل الخليجيين أجمع واسمه عند الجميع واحد هو "الميد" ولا غنى عن شوائه في جميع المنازل خاصة وقت بدء الرطب الذي يكثر فيه عن غيره وهو موسمه من العام حيث تجد الدخان ينبعث من المنازل نتيجة شوائه.
بائع يعرض كميات من سمك الميد « الجامبو» في المرتبة الثانية وبين الصياد إبراهيم حسن البراهيم أن سمكة البياح شبيهة بسمك الميد ويمكن إطلاق اسم " الميد الجامبو " عليها ولكنها تختلف عن الميد بحجمها ولونها ولكن الشكل قد يكون واحدا فطول هذه السمكة يصل ما بين 30 و40 سنتيمترا ونادرا يصل الى 60 سنتيمترا أيضا . وتتغذى كسمكة الميد على القشريات والرخويات والهوائم ولونها يختلف فالجزء العلوي للجسم أخضر وبطنها فضي وجوانبها رمادي لونها بشكل عام مائل للون البني وهي مرغوبة ولكن أقل من سمك الميد فسمك الميد أكثر لذة ، وسمك البياح يتم صيده بالشباك كسمك الميد وهو من الأسماك السطحية وعند الأماكن الطينية وتعتبر حساسة وحذرة تتصف السمكة بأن لها حاسة شم قوية و تعيش في الأماكن الهادئة وتكثر في الشمال عند الكويت و تترك بيضها عند أشجار القرم والسواحل وتهاجر عنه وتفضل العيش عند مصبات الأنهار لذلك يمكنها أن تعيش في المياه الحلوة كما هي في المياه المالحة كالبحار وتتكاثر البياح في موسم الربيع والصيف وأشار البراهيم الى أنه في دولة الكويت قبل أعوام كبر حجم الميد وتناولت الصحف المحلية الكويتية هذه الظاهرة وركزت على ذلك نتيجة لأن هذا تغير غير طبيعي وأرجع البعض السبب نتيجة لمياه الصرف الصحي والملوثات التي غيرت الجينات .
شواء «الميد» على الصاج متعة أخرى وقال المواطن أحمد سعيد الميلاد : إن كثيرا من المنازل يقوم بتخزين سمك الميد في فصل الصيف لفصل الشتاء الذي يقل تواجده فيه بلفه بقصدير ووضعه في الفريزر ليحافظ على طبيعته لحين اختفائه من السوق، فسعره تصاعد لأعلى ولم يهبط بعد، وهذا جاء قبل 3 سنوات، حيث كان سعر الكيلو منه 8 أو 10 ريالات في الأغلب واليوم ارتفع سعره إلى 20 ريالا. ولفت الصياد علوي أسعد الهاشم الى أنه في موسم الميد يركز على صيده فقط، لأنه أقل جهدا من صيد باقي الأسماك. كما أن الاقبال عليه كبير ، ويعتبر الميد من ضروريات الوجبات في معظم المنازل ولا تخلو ثلاجات بائع السمك من الميد خاصة في موسمه وكل ذلك بسبب رغبة الناس فيه، وسعره ارتفع عن السابق خاصة مع بداية نزوله، وقد ينزل سعره عند وجوده بكثرة في الأسواق، وسمك الميد المحلي أفضل وأجود بكثير من سمك الميد المستورد والناس تقوم بشراء الثلاجات منه لتخزينه لفصل الشتاء البارد وهذه السمكة صغيرة الحجم تستخدم بطريقة الشواء على الصاج والبعض يستخدمه في عمل المرق بما يسمى "مرقة العنوق".