فرحة الوقوف في صعيد عرفات الطاهر لا تُضاهيها أي فرحة بالنسبة للمسلمين من جميع الأعمار، لأن هذه اللحظات يعيش فيها الإنسان أجواء من الروحانية الإيمانية قل مثيلها في باقي الأيام، لكن كبار السن لديهم رؤية أخرى حول ذلك، لأنهم - حسب وصفهم - أنهم بلغوا من العمر عتيا، ويحمدون الله كثيراً على أن من عليهم بأداء فريضة الحج بعد أن وصلوا إلى هذه المرحلة من السن. وتعرفت (الرياض) على هؤلاء الحجاج وتعرفت على مشاعرهم ورصدت معاناتهم عبر طريقهم الطويل الذي خاضوه من أجل أدائهم فريضة الحج عبر منافذ الحج الجوية والبرية والبحرية حتى وصلوا إلى صعيد عرفات وألسنتهم تلهج بالدعاء وطلب مغفرة الحليم المنان ،دموعهم وعبراتهم تسابق مشاعر حظات ابتهاجهم برؤية البيت العتيق.. وكلهم أمل أن يصلوا إلى الأراضي الطاهرة ليتمتعوا بأداء فريضة الحج غير آبهين بالمرض وكبر السن، فمنهم المقعد الذي لا يستطيع السير على الأقدام ومنهم كبير السن الذي يعييه التعب والإرهاق وحر الشمس أثناء تنقله بين المشاعر المقدسة ولكن الطموح والعزيمة والظفر بمغفرة الله والفرحة بالوصول إلى شرف هذا المكان هو ما أنساهم ذلك كله. تقول الحاجة كريمة عبد الستار 60 عاماً من مصر ل (الرياض) وهي تذرف دموعها فرحاً بما من الله عليها من أداء فريضة الحج وتحقيقها لحلم العمر: "كنت أقوم بتربية الدواجن وبيع منتجاتها في قريتي حتى أستطيع جمع ما يكفيني أنا وزوجي المقعد لكي نقوم برحلة العمر قبل أن أغادر هذه الدنيا، فأنا مصابة بمرض مزمن ولكني مع ذلك قلبي معلق بمكة ولله الحمد استطعت أن اجمع ما يعينني على أداء فريضة الحج ولعل هذه الرحلة تكون آخر عهدي بهذه الدنيا".وقال الحاج سليم السليم 70 عاماً من الجزائر : "لم يكن المال الذي جمعته طيلة حياتي كافياً لأداء فريضة الحج ولكني فوجئت بأبنائي يقدمون لي ما ينقصني من مال وكدت أن أقع على الأرض من شدة فرحي، وأتمنى من الله أن يعينهم على أداء فريضتهم قبل أن يصلوا إلى مثل عمري هذا.وأوضح نوفل عثمان 60 عاما وقدم مع والده المسن 90 عاماً اكبر حاج في الرحلة القادمة من السودان " مكثت اعمل واجمع المال منذ 15 عاما حتى أحقق حلم والدي بالحج وإتمام الركن الخامس من أركان الإسلام، فانا اعمل مزارعا ومعي 5 من أبنائي وأخيرا استطعنا أن نجمع ما يقارب 20 مليون جنيه سوداني مصاريف الحج ونفقتي أنا ووالدي". وتقول الحاجه خيرية بنت السيد : "أتيت من بلاد في تركيا وهذه حجتي الأولى أرجو من الله أن يتقبلها فبالرغم من صعوبة الطريق ووعورته إلا إنني وبمجرد دخولي إلى الأرض الطاهرة زال كل التعب والعناء فانا أتيت مع وزجي واثنين من أبنائي من تركيا عن طريق البر ففي الحقيقة يعد البر أرخص في النفقات لان دخل زوجي قليل ورغبتنا كبيرة في ان نحج إلى بيت الله ونسقط فرضنا لذلك أتينا إلى هنا بالبر رغم بعد المسافة التي لا اعلم كم بالضبط ولكنها قد تزيد عن 2000 كيلو متر وقد تعرض زوجي لوعكة صحية قوية أثناء الطريق فهو يعاني من كبر السن ولنا أكثر من 18 سنة نجمع نفقات حجتنا نحن وأبناؤنا وقد تمت بفضل الله وها نحن الآن في صعيد عرفات الطاهر". وأفاد الحاج متولي حبيب أنه أتى من بلاده في روسيا رغم المعاناة وما يلقاه المسلمون من مصاعب ولكنه قال "استطعت وبفضل من الله أن أوفر مبلغاً من المال يعادل ربع راتبي على مدى 10 أعوام حتى استطعت الانضمام إلى ركب هذه الحملة القادمة من روسيا وقد حملت معي بعض الأمتعة التي اعتقد أنني سوف اجني المال لدعم حجتي عند بيعها في ارض الحرم مهد الرسالة فهي بضاعة يندر وجودها في هذه البلد الطيبة مثل .. بعض أنواع الألبسة والأدوات الكهربائية والأجهزة الالكترونية. أما الحاج عبد المعطي عثمان 80 عاما من جنوب السودان قال : "لله الحمد استطعت أن أقدم للحج مع زوجتيّ فاطمة وزهرة ونحن في أحسن حال ولكن لا أخفيكم طول المسافة من مقر إقامتنا بجنوب السودان إلى أن وصلنا اليوم .. أرهقني التعب كثيراً ولكن سعادة الوصول بددت كل هذا الإرهاق والتعب وأشعر معه بروحانية معايشة حب هذه البقاع الطاهرة". متولي حبيب حاجة كريمة عبد الستار .الحاجة خيرية السيد. الحاج عبد المعطي عثمان