يتحدث الاقتصاديون في واشنطن عن احتمال وقوع الولاياتالمتحدة عام 2013 في هاوية مالية. وهم يبنون توقعاتهم على أساس استحقاقات الاقتصاد الأمريكي. وأولها نفقات الميزانية التي سوف يتم تخفيضها في بداية عام 2013 بمقدار 200 مليار دولار وذلك لتقليص عجز الميزانية الذي وصل خلال العام المالي الأمريكي الذي انتهى في سبتمبر الماضي إلى 1.1 تريليون دولار. الاستحقاق الثاني هو أن التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس الأمريكي السابق بوش سوف تنتهي في يناير من السنة القادمة. وهذا ربما يؤدي إلى رفع معدل الضرائب وزيادتها بنحو 400 مليار دولار. أما الاستحقاق الثالث فهو سقف ديون الدولة الأمريكية في يناير من العام القادم الذي قد يصل إلى 16.4 تريليون دولار. وعلى هذا الأساس فإن الخزينة سوف لن يكون بإمكانها إصدار سندات إضافية ما لم يرفع الكونجرس السقف الذي تم رفعه حتى الآن 78 مرة - ابتداء من عام 1960. وعليه فإنه ما لم يتفق الكونجرس والإدارة الأمريكية على حلول لهذه التحديات الثلاثة فإن حدوث الهاوية المالية أو الاقتراب منها سوف يكون أمرا واردا جداً. ومثلما نعلم فإن الاقتصاد الأمريكي إذا عطس فإن بقية اقتصاد العالم سوف يصاب بالحمى. فالاقتصاد الأوروبي الذي يعاني أصلاً من الركود سوف يصاب بكساد وذلك لعمق الترابط بين الاقتصادين. كما أن اليابانوجنوب شرق آسيا سوف لن تكون بمنأى عن ذلك. وهذا بدوره سوف يؤثر أيضاً على اقتصاد روسيا والصين بشكل كبير. الخلاصة أننا في منطقة الخليج سوف نتأثر إذا ما سارت الأمور على هذا المنحى الخطير. فنحن لا نستطيع أن نبقى بمعزل عن اقتصاد العالم. فكساد الاقتصاد في الولاياتالمتحدة وأوروبا واليابان وتراجعه في جنوب شرق آسيا والصين بالتأكيد سوف يؤثر على حجم الطلب على النفط وهذا بدوره سوف يؤثر على أسعاره وبالتالي على عائداتنا منه. وليس ذلك فحسب. فنحن نذكر المعركة التي جرت في العام الماضي بين الكونجرس والإدارة الأمريكية بشأن رفع سقف الدين العام. ولذلك فالسؤال ما ذا لو لم يرفع الكونجرس هذه المرة ذلك السقف؟ إن الإجابة على هذا السؤال ربما تعني دخول الولاياتالمتحدة في حالة "إفلاس فني". ولكن ما ذا لو تطورت الأمور إلى إفلاس حقيقي؟، طبعاً في كلا الحالتين أكبر المتضررين سوف تكون الصين، اليابان، روسيا ونحن في منطقة الخليج. فهذه البلدان دائنة للولايات المتحدة بما يزيد عن 3.5 تريليون دولار. من هنا فإن هذه البلدان قبل غيرها يفترض أن تبادر بإجراء محادثات مع الولاياتالمتحدة بشأن خفض إنفاقها مثلما يعمل الدائنون مع اليونان واسبانيا وإيطاليا وغيرها من البلدان الأوروبية المعرضة للإفلاس. أو بمعنى آخر فإن الاستثمار في سندات الخزينة الأمريكية في المستقبل يفترض أن يتم ربطة باتفاق يتم بموجبه خفض الانفاق الحكومي وتقليص العجز في الميزانية الفيدرالية. لأن النقيض لذلك يعني تهيئة الظروف لدخول الولاياتالمتحدة في حالة إفلاس فني أوحقيقي أكثر المتضررين منه سوف تكون البلدان الدائنة لها ونحن من ضمنهم.