تشهد منافذ "مكةالمكرمة" البرية أزمة سنوية أثناء موسم الحج، من قبل الحجاج غير النظاميين، وتزداد حركة المهربين بطريقة غير نظامية عبر طرق برية في الخفاء؛ إما لكونهم مخالفين لأنظمة الإقامة، أو عدم حملهم تصاريح رسمية للحج، أو يتم تهريبهم عبر المنافذ من خلال إخفائهم في شاحنات أو برادات كبيرة، أو "وايت ماء"!، فيما أدى غلاء إيجارات المخيمات في المشاعر المقدسة إلى ظهور الخيم البلاستيكية على أرصفة الشوارع، وتبعها تزايد النفايات المهملة وعبوات الأطعمة في الطرقات، مما شكل عدداً من الظواهر السلبية في موسم الحج. مركز عين شمس يتولى فرز دخول الحجاج القادمين من شمال مكةالمكرمة تهريب احترافي! وكشف "يحيى" -أحد الذين قدموا مكةالمكرمة عن طريق التهريب- أنه دفع مبلغ (2000) ريال؛ من أجل الانتقال من جنوب المملكة، إلى مكة؛ للعمل والحج، موضحاً أنهم استغرقوا أربعة أيام للوصول بعد عبور سيارة المهرب -التي امتلأت بمن هم في حالته وعددهم (18) شخصاً في سيارة (جمس) سلكوا بواسطتها مناطق نائية-، مبيناً أنهم لاحظوا أن المهربين محترفين في طرق الاتصال وتهيئة الطرق، وكشفها أمام سيارات الحجاج والعمالة المُسرّبة، حتى وصلوا إلى "الشرائع" وهي البوابة الشرقيةلمكةالمكرمة، حيث يتم التجمع في استراحة لاستلام المبالغ. تهريب الحجاج ينتهي بالفشل غالباً مع تكثيف الدوريات الأمنية مخالفات عديدة ورصدت "الرياض" مخالفات عديدة من سائقين للنظام، حيث يعمدون إلى نقل الحجاج غير النظاميين الذين يتجاوزون المنافذ مشياً على الأقدام؛ لنقلهم إلى المشاعر المقدسة، فيما تنشغل الجهات الأمنية بمراقبة منافذ الطرق الرسمية؛ لمنع المركبات، فيما تم الاطاحة بحافلتين تحمل حجاجاً مخالفين في قرية نائية ما بين محافظة "الجموم" و"حدا"، كما أن النسبة الأكبر من الحجاج غير النظاميين هم من المقيمين والوافدين، في حين شهدت بقية منافذ مكةالمكرمة تدفقاً واضحاً لحجاج غير نظامين يومي السابع والثامن والتاسع من الشهر، فيما جاءت منافذ طرق "السيل" و"المدينةالمنورة" و"جدة السريع" كأكثر المواقع زحاماً، فيما شهدت مواقف حجز السيارات حِراكاً واضحاً لمواجهة تدفق المركبات غير المصرح لها بالدخول إلى مكةالمكرمة. انتشار الخيم البلاستيكية تعكس حجم ظاهرة الافتراش في الحج انخفاض المتسربين وأكد "حازب شرف العتيبي" -رئيس مركز عين شمس بمحافظة الجموم- على أن حجم الحجاج المتسربين قد انخفض عن العام الماضي بشكل واضح، مبيناً أن المراكز التي تقع على منافذ مكةالمكرمة تعيش حالة من التأهب لمواجهة حالات تهريب الحجاج وتسرب الحجاج غير الرسميين، موضحاً أنه تم تخصيص ثلاث دوريات ميدانية في مركز "عين شمس" و"الصهوة" و"طريق جعرانة" التي تعتبر من المنافذ التي يسلكها الحجاج غير النظاميين؛ نظراً لموقعها الاستراتيجي على طريق الحج، حيث يتم تسليم المخالفين لإدارة الجوازات في العاصمة المقدسة. وتعد "محافظة الجموم" هي البوابة الشمالية الأهم ل"مكةالمكرمة" ويمكن من خلالها وما حولها من ضواحي وقرى على طريق "ثول" الوصول إلى "مكةالمكرمة" عن طريق الطرق البرية للعارفين بها وتجاوز عشرات نقاط التفتيش الأمنية وتهريب الحجاج؛ مما جعل البعض يعلق على ذلك التهريب قائلاً "أهل مكة أدرى بشعابها". الطرق الخارجية وخلال جولة "الرياض" على الطرق الخارجية -عرفت بهذا الاسم لأنها خارج حدود الحرم- ومن أشهرها "طريق الخواجات"، و"طريق الجموم" و"حدا" و"الريان" و"القوبعية"؛ اتضح سر التسرب الواضح التي تضخه الطرق النائية الترابية قبل موسم الحج، فهذه الطرق يزيد طولها عن (50) كم وهي لا تعرف نقاط التفتيش إلاّ قبل موسم الحج بأسابيع، في حين يغلب على كثير منها تواضع تجهيزاتها، في حين أن ثمة مواقع أخرى بحاجة لمزيد من المراكز الدائمة لسد منافذ التهريب والتجاوزات، ومنها تهريب الحجاج، ولعل من بين الطرق التي تم ضبطها في تهريب الحجاج غير النظاميين استخدام سيارات البرادات المتحركة أو الخلاطات والشاحنات و"وايت ماء" لتهريب الحجاج المخالفين والعمالة إلى مكةالمكرمة. ومن المعروف أن المتسلل إلى الحج ليس بالضرورة أن يكون متخلفاً بتأشيرة عمرة، فقد يكون مواطناً أو مقيماً ولكن في الغالب الأعم فإن المتسللين هم من المتخلفين، حيث يعمد هؤلاء إلى القدوم لأداء العمرة في رمضان، ويمكثون في مكةالمكرمة حتى حلول موسم الحج، كما أن بعض المتخلفين ينتهجون أسلوب التخلف في جدة حتى موسم الحج، حيث يحاولون التسلل إلى مكةالمكرمة، ومن ثم إلى المشاعر المقدسة، وتبرز أهم مشكلة في ملف الحجاج غير النظاميين، وهي "كيفية إيقاف تسرب الحجاج المترجلين الذين يتجاوزن المنافذ ونقاط التفتيش وهم يحملون أمتعتهم؟". وطالب مراقبون بإيقاف توافد الحجاج غير النظاميين، من خلال توظيف الإعلام لبيان الجزاءات التي ستفرض على المهربين، مع صياغة آلية ربط ترحيل المخالف بالدخول إلى مكةالمكرمة لأداء الحج بدون تصريح، إلى جانب توظيف سكان مناطق التهريب في الأعمال الموسمية في نقاط التفتيش؛ لأنهم العارفون بطرقها وممراتها، مع التوسع في إشاعة الفتاوى التي تبين عدم جواز الحج بلا تصريح. يذكر أن المسح الجوي لطائرات الأمن العام والدفاع المدني يساهم في تتبع فلول المهربين والحجاج غير شرعيين حيث تم حجز المركبات المخالفة وإعادة الحجاج المخالفين. خيم عشوائية وذكر "محمد قويز" -مراقب مخيم- أن نسبة كبيرة من أصحاب الخيام لا يحملون تصريحاً لأداء الحج؛ مما يعني أن بناء هذه الخيام العشوائية مرتبط بحل مشكلة الافتراش في الحج، فيما دعا "يوسف الأحمدي" -عقاري- بالتفكير من الآن تجاه كيفية تطبيق الخيام المكونة من دورين؛ بهدف استيعاب أكبر عدد ممكن من الحجاج لتوفير أمكنة وبأسعار مخفضة للذين يعجزون عن دفع الرسوم العالية لخدمات حجاج الداخل، بحيث تكون هذه الأسعار مقبولة وغير مرتبطة بتقديم خدمات فاخرة مثل البوفيهات والسكن الفاخر. سكان مكة ويرى "حسين قدري" أن (90%) من أصحاب الخيام البلاستيكية هم من سكان "مكةالمكرمة" من المقيمين والمتخلفين والعمالة والخادمات؛ مما يجعل إيقاف نزيف وتسرب هذه الفئات وضبط حركتها أهم وسيلة لحل مشكلة زحف الخيام إلى الساحات والطرق في المشاعر. وشدد مراقبون على أن الحاجة باتت مُلحّة لتوسيع البناء على سفوح منى؛ لمواجهة الطلب المتزايد، وتنامي أعداد الحجاج، بحيث تخصص العمائر السكنية لحجاج الداخل، وتُفرّغ الخيام المطورة لذوي الدخل المحدود الذين يكونون عادة قاسم مشترك في بناء الخيام البلاستيكية. ولعل من بين الصور التي تتضح بجلاء في مشهد يوم عرفات هو الانتشار الكبير للأشرعة والخيام البلاستيكية التي تغطي ساحة الجبل والطرق المؤدية إليه، وحول "مستشفى الرحمة"؛ مما يغلق بوابات جهات حكومية، في وقت يزداد فيه التوزيع العشوائي في الحج حيث يعتبر من الصور القاتمة التي عادة ما تبرز في أيام الحج، الأمر الذي يجعب عبوات وجبات إطعام الحجاج وعلب المشروبات منتشرة بشكل مهول يُغطّي الساحات ويشوهها، مما يدعو إلى ضرورة إيجاد بدائل مناسبة للتوزيع تراعي الحفاظ على نظافة المشعر. مخلفات البائعين ويسهم انتشار الباعة والبائعات في اتساخ شوارع المشاعر في الحج على الرغم من الجهود المضنية للجهات المختصة؛ نظراً لكونهم يخلّفون كميات كبيرة من المهملات. ويرى "منصور العامر" -متخصص في إنتاج وابتكار مستلزمات الحاج والمعتمر- أن المشكلة بحاجة إلى دراسة ميدانية بشراكة الجهات المختصة مثل "معهد خادم الحرمين لأبحاث الحج"، مبيناً أن الجمعية تتبنى أفكار العلاج، ولها تجربة مميزة يمكن أن تُسهم في علاج المشكلة من خلال تشكيل لجنة لمباشرة الدراسة. ودعا "حامد الهذلي" -مستثمر- إلى استثمار مخلفات الحج من الورق والكرتون والبلاستيك، من خلال إعادة تدويرها، نظراً لكمياتها الكبيرة سواء من الحجاج أنفسهم، أو من الجهات والمطاعم والمحال الأخرى، دون أن تستغل في عائد يعود بالنفع خير من أن يلقى بلا فائدة ترجى، إلى جانب استثمار عبوات المواد الغذائية والمشروبات من قبل قاصدي بيت الله الحرام، بحيث يمكن الإفادة من الزجاج المرتجع بعد فرزه من النفايات، ومن ثم تعقيمه وإعادة تعبئته، ويمكن استخدام نفايات الزجاج في صناعات المنظفات المنزلية وفى صناعة التحف والزجاج المزخرف والمصابيح الكهربائية، كما يمكن طحنها واستخدامها كبديل للرمل في بعض مواد البناء اللاصقة كمعاجين الغراء ولصق السيراميك. من جهة أخرى، تخطط لجنة السقاية والرفادة بإمارة منطقة مكةالمكرمة إلى استثمار نفايات عبوات إفطار الصائمين التي تقدمها داخل الحرم المكي وفي الساحات المحيطة به، وفي مواقف السيارات والجوامع والمساجد بالعاصمة المقدسة، وفي منى وعرفات، وتعمد اللجنة سنوياً بتوزيع أكثر من خمسة ملايين وجبة منها (1,900) مليون في شهر رمضان، والبقية في موسم الحج، وهو ما يمثل مورداً جديداً للجنة.