رغم التشديدات التي فرضتها السلطات الأمنية على مداخل مكة الرسمية والطرق الترابية من أجل أداء حجاج بيت الله الحرام نسكهم في يسر وسهولة، وعلى الرغم من الحملة الإعلامية الكبرى التي أعلنتها إمارة منطقة مكةالمكرمة منذ ثلاث سنوات التي رفعت من خلالها ''لا حج بلا تصريح''، حيث لا تكاد تمر في مكان في المملكة إلا وتجد لافتة تحمل شعار هذه الحملة بهدف حض حجاج الداخل على الحصول على تصريح رسميا قبل التوجه للحج وبعد تلك التحذيرات، يلجأ الكثير إلى التحايل على تلك الإجراءات ومحاولة الحج دون تصريح وسجل موسم الحج لهذا العام وفق تقديرات رسمية تسرب نحو 785 ألف حاج غير نظامي، حيث أعلنت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات نتائج إحصاءات الحج لهذا العام 1431 فقد بلغ إجمالي عدد الحجاج (2.7890399) منهم (107990601) من خارج المملكة والبقية وعددهم (989.798) حاجا من داخل المملكة، الغالبية العظمى منهم من المقيمين غير السعوديين، وفيما أعلنت وزارة الحج التصريح ل204500 حاج تخدمهم 229 شركة ومؤسسة لحجاج الداخل تكشف من خلال لغة الأرقام وجود نحو 785 ألف حاج استطاعوا الحج هذا العام بطرق غير نظامية، وهؤلاء يعدون وفق النظام حجاجا مخالفين ومتسربين، وهو الأمر الذي جعل هؤلاء الحجاج يفترشون المشاعر المقدسة ويربكون الخطط الأمنية والخدمية.. والحجاج غير النظاميين هم من لا يملكون تصاريح رسمية لأداء الحج، وهم سعوديون أو غير ذلك من المقيمين بالمملكة، أو أجانب موجودون في المملكة بشكل غير رسمي، وهم لا يلتحقون بحملات حج مصرح بها من قبل وزارة الحج، بل يفترشون الأرض في المشاعر المقدسة، مما يتسبب في زحام المشاعر المقدسة، وإعاقة تقديم الخدمات لضيوف الرحمن في أماكن إقامتهم بمنى وعرفات، ويتوافد الحجاج غير النظاميين من خارج المملكة خلال شهر رمضان، ثم يتخلفون عن مغادرة المملكة لحين أداء الحج. الحملة تسعى لتأصيل الحج النظامي تأتي حملة ''الحج عبادة وسلوك حضاري'' لتأصيل مفهوم الحج دون سواه بالحصول على التصريح الرسمي من الأحوال المدنية للمواطن ومن الجوازات للمقيم بنفسه مباشرة أو عبر مؤسسات حجاج الداخل المعتمدة والتحذير من التعاقد مع مؤسسات الحج الوهمية ومن اللجوء إلى وسائط النقل غير النظامية، تجنبا للوقوع تحت طائلة الجزاء للمخالف ومن يعاونه أو يتستر عليه، حيث أكدت الحملة أن الهدف هو تنظيم أداء فريضة الحج بيسر وسكينة لأكبر عدد يمكن أن تستوعبه المشاعر، وتسعى الحملة لتأسيس نمط لحج نظامي يحترم قداسة الفريضة ويترجم جهود الدولة، وأكدت الجهات المختصة أن هناك إجراءات وقرارات تم اتخاذها هذا العام من خلال الاجتماعات التي عقدت وجمعت تحت مظلتها العديد من الجهات المعنية بالحج، وأن العقوبات والإجراءات التي سيتم فرضها من خلال نظام متكامل وخطة متكاملة تقضي بعدم السماح لأي إنسان بالتحايل على الأنظمة سواء كان ذلك عن طريق التسلل إلى المشاعر أو عن طريق الحج عبر الشركات الوهمية أو تزوير التصاريح، وستطبق التعليمات بكل جدية. إعادة 70 ألفا لا يحملون تصاريح حج وقف رجال الجوازات في وجه مهربي الحجاج المخالفين منذ منتصف ذي القعدة الماضي، حيث تمت إعادة أكثر من 70 ألف لا يحملون تصاريح تخولهم دخول المشاعر المقدسة، فيما تم القبض على نحو خمسة آلاف مهرب نقلوا حجاجا مخالفين ومتسربين في محاولة عبور نقاط الجوازات الرسمية في مداخل مكةالمكرمة والطرق الترابية التي رصدت قبل موسم حج هذا العام، وأكد العميد عايض الحربي قائد قوات الجوازات في الحج في حديث سابق ل''الاقتصادية'' أن رجال الجوازات أحكموا السيطرة على مداخل مكةالمكرمة، مشيرا إلى أن رجال الجوازات في جميع المنافذ الدولية والنقاط الرسمية على مداخل مكة ينفذون الخطط المعدة وفق توجيهات القيادة الرشيدة وبمتابعة ميدانية من اللواء سالم البليهد مدير عام الجوازات، مشيرا إلى أن لدى الجوازات خططاً أمنية محكمة كفيلة بمنع المتسللين من غير حملة تصاريح الحج من دخول مكةالمكرمة أو المشاعر المقدسة، وأضاف أن لدى الجوازات 12 نقطة موزعة على مداخل العاصمة المقدسة الرئيسية يقوم من خلالها رجال الجوازات بالتدقيق في أوراق المقيمين الراغبين في دخول مكةالمكرمة، وكل من تكون رخصة إقامته من غير جوازات العاصمة المقدسة لأن أمثال هؤلاء يحاولون التسلل بالزي العادي إلى مكةالمكرمة ومن ثم يذهبون إلى المشاعر المقدسة، وأضاف أن هناك استثناءات للمقيم الذي يبرز ما يثبت ارتباطه بالعمل في المشاعر المقدسة، مصدقا من الجوازات والمؤسسة المعنية بذلك العمل، وخلاف ذلك لا يسمح لأي شخص بالدخول. واستطرد أن نقاط التفتيش أعادت أعداداً كبيرة من المخالفين والسيارات. التسلل يربك الخطط المعدّة لخدمة الحجاج تعد ظاهرة الحج غير النظامي التي تتحول في المشاعر المقدسة إلى الافتراش ومضايقة الحجاج النظاميين القادمين من كل فج عميق تبرز في كل عام، حيث يتفنن المتسللون في ابتداع الطرق والأساليب في سبيل الوصول إلى المشاعر المقدسة بقصد الحج، حيث تمكن هؤلاء من الدخول إلى مكةالمكرمة ومن ثم التسلل إلى المشاعر المقدسة، وعلى الرغم من وجود 70 نقطة أمنية في الأودية والشعاب المؤدية إلى العاصمة المقدسة خلال حج هذا العام للحد من تسرب الذين لا يحملون تصاريح الحج، علاوة على تشديد الرقابة على المداخل الرئيسية لمكةالمكرمة من خلال فرق الجوازات التي تعمل على مدار الساعة. تسلل بطرق ملتوية وكانت الجهات الأمنية المختصة كشفت أساليب الحج غير النظامي وذلك بتخصيص الحملات الأمنية وزيادة عدد العاملين في كل القطاعات لمواجهة مثل هذه التجاوزات، حيث تم ضبط عدد من المتخلفين اعترفوا بأنهم كانوا ينوون الحج والمغادرة بعد ذلك، وقامت في السنوات الأخيرة الجهات الأمنية بالاعتماد على التصوير الجوي من خلال شبكة الإنترنت التي ساهمت كثيراً في تحديد مداخل مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة الترابية بين الشعاب والأودية، وضيق الخناق على المهربين وتم تحديد المواقع التي يسلكها المهربون منذ وقت مبكر، وتم إيجاد دوريات أمنية ونقاط تفتيش على بعض تلك المواقع، فيما أغلق بعضها بالعقوم الترابية التي يصل ارتفاعها لأكثر من ثلاثة أمتار للحيلولة دون تجاوز المركبات التي تحمل المتسللين، وكانت نقطة التفتيش كشفت بعض المقيمين المتنكرين في أزياء نسائية وهم في طريقهم إلى مكةالمكرمة، وتم ضبطهم وضبط أصحاب المركبات وطبقت العقوبات بحقهم. والمتسلل إلى الحج ليس بالضرورة أن يكون متخلفاً بتأشيرة عمرة فقد يكون مواطناً أو مقيماً ولكن في الغالب الأعم فإن المتسللين هم من المتخلفين، حيث يعمد هؤلاء إلى القدوم لأداء العمرة في رمضان ويمكثون في مكةالمكرمة حتى حلول موسم الحج. كما أن بعض المتخلفين ينتهجون أسلوب التخلف في جدة حتى موسم الحج ويحاولون التسلل إلى مكةالمكرمة. تغريم المخالفين وغرامات على الناقلين تم ضبط في موسم حج هذا العام عددا من المركبات التي كانت تقل متخلفين حاولوا الدخول إلى المشاعر، وتمت إحالتهم إلى التحقيق في إدارة الوافدين، حيث ينص النظام على معاقبتهم بغرامة مالية تقدر بعشرة آلاف ريال عن كل شخص، كما يتم مصادرة مركبته، وطبقت جوازات منطقة مكةالمكرمة عدة عقوبات مالية، والتعليمات الخاصة بوزارة الداخلية تقضي بمنع نقل المتخلفين المتأخرين عن المغادرة بعد انتهاء الغرض من قدومهم للمملكة، حيث يعد نقل المتخلفين من مدينة إلى أخرى أو محاولة إدخالهم إلى المشاعر المقدسة من دون وجود تصاريح الحج وهي مخالفة صريحة تعرض مرتكبها للعقوبة التي تشمل السجن وغرامة مالية تصل إلى عشرة آلاف ريال لمن ينقل المتأخرين عن المغادرة، وتتكرر العقوبة بتعدد الأشخاص الذين ساعدهم المخالف على المخالفة، كما تتم مضاعفة العقوبة عند ضبط المخالف إذا كرر ذلك، ويتم ترحيل المقيم الذي يسهل بقاء المتأخرين. من جانبه أشار مسؤول أمني وفقا لجريدة ''الاقتصادية'' إلى أن مشكلة تسريب الحجاج إلى المشاعر المقدسة تكمن في أن مكة والمشاعر المقدسة مناطق مفتوحة ولا يمكن تسويرها بسياج أمني، وهناك جهود مكثفة من أجل محاصرة المتسربين من خلال نقاط المنع في مداخل مكةالمكرمة والطرق الترابية، والمشكلة الأخرى تكمن في المقيمين في مكةالمكرمة، حيث إن هؤلاء يتوجهون مباشرة يوم عرفة إلى عرفات ولا يمكن بأي حال من الأحوال منعهم عند مدخل المشعر؛ ولذلك لا بد من البحث عن حلول مناسبة لأهل مكة والمقيمين فيها.