نحو البيت العتيق تشتاق القلوب الى رحلة العمر الكبرى للحج وعندما تكون الظروف مناسبة والاستطاعة متوفرة لايتردد المسلم في الاستعداد لتلك الرحلة الايمانية العظيمة طمعا في اداء ركن من اركان الاسلام وطمعا في مغفرة رب العباد في يوم عظيم هو يوم عرفات الذي يتجلى فيه اكبر تجمع للمسلمين في ابسط حال لهم خاشعين لله يرجون مغفرته ورحمته يقول الشاعر احمد الغزاوي: لبيك يارب الحجيج جموعه وفدت اليك ترجو المثابة في حماك وتبتغي الزلفى لديك إن رحلة الحج على ما فيها من مشقة وتعب وغربة وصعوبات، تعتبر حلم كل مؤمن لما يجده من الراحة النفسية الكبيرة بعد الحج. والغريب أننا إذا سألنا أي حاج قدم بعد أداء فريضة الحج عن ماشاهده وعن شعوره الايماني، فسيقول : أتمنى أن أحج إلى بيت الله كل عام!! فما هو سرّ هذه الراحة النفسية التي يلمسها كل مسلم ذهب لأداء هذه الفريضة؟ إن الجواب هو أن هذه العبادة إذا أداها الإنسان بشكل صحيح فإنها تقوم بعملية تفريغ الشحنات السلبية وما تراكم على المسلم من مشاكل وهموم وإعادة شحن بالشحنات الإيجابية من خلال راحته النفسية وشعوره بالرحمة والمغفرة من الله وفي أحاديث النبي الكريم إشارة واضحة إلى هذا الأمر حيث يؤكد أن الحج يفرغ ما يحمله الإنسان من ذنوب وأخطاء، يقول عليه الصلاة والسلام: ( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة يقول الشاعر حسين عرب: جاؤوك يا عرفات فابتسمي للركب من عجم ومن عرب وبين المشاعر المقدسة وبين جموع الحجيج تأتي عبارات وعبرات يتهشم منها صدر المؤمن وهو بين تلك الاماكن التي شهدت حجة الوداع للنبي المصطفى واعتلى فيها صدى خطبة النبي التي اختصرت الجمل والخطب بكلمات موجزة واسعة المعاني.. وفي مكان قريب هناك منى ومزدلفة وساحات الحرم وجموع تلوذ بالمكان الأمين تشبع العيون بمنظر البيت العتيق: لاذت بساحتك الخلائق واستقرت في حماك وشدت بنجواك السرائر واستهامت في هداك وبعد أداء فريضة الحج تأتي رحلة العودة في مشهد وداع مؤثر للبيت العتيق والمشاعر ومكة ومافيها من ايمانيات وروحانيات وكأنها تعطر المكان بسيرة النبي المصطفى ودعوته وجهاد اصحابه لنشر الدعوة.