مع بدء موسم الشتاء تكثر الملابس المستغنى عنها، والتي تُستبدل بألبسةٍ أخرى جديدة، أتحدث عن الطبقتين الوسطى والغنية، أما الطبقة الفقيرة فتعاني من البرد القارس جراء انعدام الملابس أو الأغطية والفرش. البعض يقذف بالملابس كما يرمي أي نفايةٍ من منزله! علماً أن الفقراء بأمس الحاجة إلى الألبسة والأغطية. في بعض دول العالم هناك صناديق حديدية مرتبة وعليها إرشادات لوضع الأحذية أو الملابس التي تم الاستغناء عنها، وهي دول ليست أوروبية بل خليجية. الصناديق الموزعة في الأحياء وفي الشوارع وعلى المحطات أو قرب المولات تشجع الأسرة على التبرع بالملابس بدلاً من رميها. رمي الملابس التي يحتاج إليها الناس خطأ حقيقي ويجب أن يُنتبه إليه ويعالج. من جهةٍ أخرى بعض الذين يتبرعون بالملابس لا يغسلونها قبل أن يذهبوا بها إلى الجمعية الخيرية، بل ولا يعتنون بها أو بأزرّتها الناقصة، أو ما يحتاج منها إلى خياطة. وأعظم الإحسان أن تتبرع من خير ما لديك وأن تبذل بنفس رضية، ونظافة الألبسة هو جزء من قيمة العمل الخيري والتكافل الإنساني. الشريعة أمرتنا أن ننفق مما نحب، وهذا هو السلوك الإنساني الحقيقي، وفي التنزيل: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون). فوضى الألبسة التي توضع أمام الجمعيات الخيرية لا تعكس القوة المادية لتلك الجمعيات. هناك ضعف في التنظيم مع أن الجمعيات يصل دخلها السنوي إلى مائتي مليون ريال سنوياً، ولا يعجزها أن تضع الصناديق في الممرات والطرقات أو أن تشغّل من يرتب الملابس ويفرزها عن الأغطية والأحذية. يشتكي الناس مثلاً من آلية أخذ الجمعيات الخيرية لفائض الطعام، إذ يؤخذ بأكياسٍ سوداء، وبعضها تتشقق ثم تنزف على أرض المتبرّع بعض الأطعمة، يأتون إلى المناسبة بنفسٍ غير رضية وغير منشرحة ومستعجلة وهي تقوم بالعمل الخيري الذي يتحدد في أخذ فائض الطعام. إلى أن برزت ظاهرة بنوك الطعام الصحية الآمنة التي تتخذ من الصحة والنظافة أساساً أثناء أخذها لما بقي من طعامٍ في المناسبات. تبرعوا مما تحبون ونصف العطاء يعتمد على الأسلوب، وحين يفقد الأسلوب أو الآلية والطريقة التي يتبرع بها يكون العطاء ناقصاً في مردوده الإيجابي على الفقير. بآخر السطر فإن الشتاء الذي طرق الأبواب بردُه قارس، فلا تترددوا في جمع الملابس المستغنى عنها لإرسهالها للجمعيات الخيرية فاللاجئون السوريون في الخارج، والفقراء السعوديون في الداخل بأمس الحاجة إليها في هذا الوقت العصيب...