في موسم الحج تزداد احتمالية الاصابات الجسدية من رضوض وكدمات وجروح وتمزقات وكسور وذلك لأسباب عدة، قد يكون من اهمها، اجتماع على ما يربو على مليوني حاج في مكان واحد ووقت واحد، مع القيام بشعائر تعبدية تستلزم الحركة الجماعية في آن واحد كالوقوف على صعيد عرفة الطاهر والنفرة إلى مزدلفة ورمي الجمرات والطواف والسعي وهذا كله يؤدي إلى الازدحام، واذا اضفنا ما يقوم به بعض الحجاج من التدافع للوصول للهدف الذي قد يكون الاقتراب من الحجر الأسود أو الملتزم أو حوض الرمي نجد ان هناك احتمالية كبيرة للتعثر والسقوط مما يؤدي للإصابات المختلفة، ومما يزيد امكانية حدوث مثل هذه الاصابات (التصادم) الذي قد يحصل عندما يمشي الحاج أو مجموعة من الحجاج في اتجاه معاكس لسير الجموع، وتزداد امكانية التعثر والسقوط لدى كبار السن بشكل خاص (والذين يمثلون شريحة كبيرة من الحجاج) بسبب ما قد يعانونه من حالات صحية أو مرضية تؤدي إلى ضعفٍ ووهن ٍ جسدي وعدم توازن في المشي العادي فما بالك بالسير في وسط مثل هذا الجمع المزدحم ومع وجود تدافع وتصادم. اما اذا ابتعدنا عن اجواء التزاحم الى الاقامة في المشاعر نجد أن هناك عوامل أخرى قد تؤدي غلى العثرات والاصابات، فوجود العوائق من حبال الخيام وربما الأحجار مع عدم استواء الأرض في بعض المناطق وعدم توفر اضاءة كافية مع ضعف النظر لدى كبار السن كلها اسباب تقوي امكانية حدوث الاصابات. فإذا كان الحاج ممن يعانون من وهن في العظام أصبحت خطورة هذه العثرات مضاعفة، إذ ربما ادت غلى كسورما كانت لتحدث لوكان العظم قوياً وسليماً، ونحن نعلم ان مثل هذه الكسور قد تنطوي على خطر كبير كما في كسر الورك أو الفقرات. الاسعافات الأولية إن التدابير الاسعافية عند حدوث الاصابات تكون حسب الاصابة، ففي حالة الجروح القطعية والنزيف تكون الأولوية لايقاف النزيف بالضغط على الجرح بضمادة سميكة أو قطعة قماش نظيفة مع رفع العضو المصاب إلى الأعلى حتى الوصول إلى العناية الطبية المختصة، اما في حالات الرضوض والكدمات فلابد من تطبيق كمادات باردة (ثلج أو ماء بارد) مع رفع العضو المصاب وربطه برباط ضاغط إلى حين الوصول إلى أقرب مركز صحي، وفي حالة توقع الكسور يجب عدم تحريك المريض، ودعم الطرف المصاب بجبيرة أو لوح خشبي وتأمين الوضع المريح له إلى حين وصول المسعف الصحي المختص. الوقاية من الاصابات لابد من جهد مشترك ومتكامل تشترك فيه أطراف عديدة، فعلى المستوى الشخصي ننصح الحاج بتهيئة الجهاز العضلي الهيكلي في الأشهر التي تسبق موسم الحج، ولقد وجد ان المشي لمدة 150 دقيقة اسبوعياً أي ما يعادل ثلث ساعة يومياً تقريباً يزيد من كثافة العظام ومقاومتها للكسور، كما انه يقوي العضلات، ويحسن التوازن وثبات الخطوة غلى درجة كبيرة، ومن ناحية أخرى يجدر بالحاج تحسين النظر واستخدام النظارة الطبية إذا كان بحاجة إليها، فإذا ما دخل الحاج في المناسك فإننا ننصحه بالبعد عن مواطن وأوقات الازدحام، مع ضرورة استخدام الوسائل المساعدة في الحركة والتنقل كالعكاكيز والكراسي المتحركة إذا كان بحاجتها. ومن ناحية اخرى يجب تثقيف الحجيج في ديارهم، وقبل الوصول إلى الديار المقدسة بسبل السلامة الصحية وآداب الانخراط في الزحام بالتزام الرفق وعدم السير عكس اتجاه الجموع وعدم تسلق المرتفعات والابتعاد عن العوائق من صخور وأحجار وجبال، وتجنب الافتراش، مع التوصية بأخذ قسط كاف ٍ من النوم والراحة لتفادي الانهاك الجسدي والاعياء، وحبذا لو تتولى الجهات الصحية في البلاد المختلفة مهام هذه التوعية بالتعاون مع سفارات المملكة في مختلف الأقطار. حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً * قسم طب العائلة