تبقى ذكرى اليوم الوطني قريبة من قلب كل مواطن، فيها نستذكر الإنجازات الوطنية التي تحققت على أرض الواقع، سواء كانت تنموية أو تعليمية أو أمنية أو اقتصادية، أو حتى سياسية، منذ أن أسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه-. وكان من أولويات الملك المؤسس توفير الأمن وحماية حدود الوطن، ويأتي "حرس الحدود" أول القطاعات العسكرية التي تم استحداثها، وكانت بداية انطلاقتها وممارسة مهامها في الأحساء عندما استردها الملك عبدالعزيز في عام 1331ه, حين أمر بتسيير دوريات بحرية وبرية من أجل إحكام السيطرة الأمنية على حدود المنطقة، حيث كانت الدوريات البحرية عبارة عن سفن شراعية تسير بمحاذاة الشاطىء، يساندها دوريات برية من راكبي الإبل. وتم تشكيل "قطاع عسكري" آنذاك عرف ب"الهجّانة"، بدأ تشكيله في الحجاز، وقد اكتسب هذا الاسم من وسيلة مواصلاته في ذلك الوقت وهي "الهجن". وبعد أن ضم الملك عبدالعزيز -رحمه الله- منطقة الحجاز إلى باقي مناطق المملكة ومبايعته بالمُلك في عام 1344ه أعطى المنطقة الغربية جل اهتمامه الأمني، فوجّه بتشديد الرقابة على السواحل الغربية من العقبة شمالاً وحتى جازان جنوباً، وفي ذلك العام تأسست أول نواة لمصلحة "خفر السواحل" في جدة، وبدأ تنظيم أعمال الدوريات والموانئ والمرافئ، وفي عام 1347ه وُحّدت أعمال الدوريات وأعمال المرافئ والموانى تحت قيادة واحدة باسم "مصلحة خفر السواحل" وكان عملها مقتصراً على سواحل البحر الأحمر. وبعد مضي خمس سنوات صدر نظام مديرية "خفر السواحل"، وكان ذلك في عام 1353ه، وانحصرت مهام هذا الجهاز في حراسة سواحل البحر الأحمر من "محافظة حقل" على خليج العقبة وحتى "الموسم" جنوباً، وكان من مهامه أيضاً تحصيل رسوم السفن وقوارب الصيد والإشراف عليها، حيث رُبطت إدارياً بوزارة الداخلية. وفي عام 1355ه شُكّلت مصلحة خفر السواحل في المنطقة الشرقية، وكانت آنذاك مستقلة عن مصلحة خفر السواحل في جدة، حتى جاء عام 1382ه، حيث دُمجت المصلحتان وأصبح هذا الجهاز يعرف باسم "مصلحة خفر السواحل والموانئ"، ومن مهامه حراسة الحدود البرية والبحرية في الشمال والجنوب، وفي العام نفسه صدر مرسوم بإحداث جهاز سلاح الحدود، فأصبح اسم الجهاز "المديرية العامة لسلاح الحدود وخفر السواحل والموانئ". وتطور بعد ذلك ليصبح اسمه في عام 1394ه "المديرية العامة لسلاح الحدود"، وصدرت على ضوء ذلك اللوائح التنظيمية والتنفيذية، وفي عام 1414ه صدر الأمر السامي الكريم بتعديل المسمى إلى "المديرية العامة لحرس الحدود" وحتى وقتنا الحاضر، حيث يتبعها تسع قيادات في المناطق. إن من أبرز محطات تطور حرس الحدود في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- هو تشكيل قطاع عسكري عرف باسم "الهجّانة"، وقد بدأ تشكيله في الحجاز، وقد اكتسب هذا الاسم من وسيلة مواصلاتها في ذلك الوقت وهي "الهجن"، وقد ورد في موازنات مصلحة خفر السواحل مخصصات ل"دوريات الهجانة"، وكان من ضمن وظائف سلاح الحدود مسمى "قائد دوريات الهجانة"، حيث بقيت بعض "دوريات الهجانة" تعمل في المنطقة الجنوبية إلى عهد قريب. واليوم تعيش كافة قطاعات حرس الحدود تطوراً كبيراً على مستوى الإمكانات البشرية والفنية، والخطط الاستراتيجية، ومتابعة حدود المملكة بأحدث تقنيات المراقبة بالكاميرات الحرارية، إلى جانب وسائل الاتصال الأخرى، ورغم تلك المنجزات يبقى تاريخ "الهجانة" محفوراً في بدايات التأسيس، ويواصل رجال حرس الحدود الأبطال المهمة ذاتها في حراسة حدود المملكة البرية والبحرية والمواني والمرافئ البحرية، ومكافحة التهريب والتسلل من الداخل والخارج مع مراعاة الأنظمة المعمول بها، إلى جانب الإنذار المبكر عن أي تحركات غير عادية على خط الحدود أو بالقرب منه، والقيام بعمليات البحث والإنقاذ والإرشاد وتقديم العون للوسائط البحرية، وإرشاد التائهين في منطقة الحدود البرية وتقديم العون لهم، كذلك مراقبة كافة من يتواجد بمنطقة الحدود البرية والبحرية؛ للتأكد من مراعاتهم للقواعد والنظم المقررة لذلك، وضبط الأمن داخل الموانئ والمرافئ البحرية. الزي القديم لرجال حرس الحدود رجال الهجّانة قديماً مبنى حرس الحدود عام 1359ه في أملج رجل من الهجّانة يؤدي مهمته في حفظ الحدود