يعد كتاب "مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية" لسيد رفاعة رافع الطهطاوي من أوائل الكتب التي صدرت في مرحلة النهضة واعتمد عليه في تثقيف جمهرة من أعلام الثقافة في مصر والعالم العربي، إذ صدرت طبعته الأولى عام 1869م، فكان مرجعاً هاماً لطلاب العلم وعشاق الثقافة، ذلك أن هذا السفر الهام حشد فيه مؤلفة جملة من الأفكار الحضارية التي من خلالها يرسم الصورة الجديدة للعالم الإسلامي إذ رام تطوراً ومدنية، ومرد ذلك تشبع الطهطاوي بتراث أمنة ودراسته لأبرز الكتب الغربية الهامة حين كان في فرنسا واطلاعه على الحياة الغربية الحديثة عن كتب فتلاقحت هذه الأفكار ليخرج هذا الكتاب العلم، وقد أعادت الهيئة المصرية العامة للكتاب طباعة هذا المؤلف مؤخراً مزوداً بدراسة مستفيضة للدكتور مصطفى لبيب، وحظي بتقديم الكاتب الصحفي حلمي النمنم والذي يقول في تقديمه: "مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية" كتاب في التربية الوطنية والثقافة السياسية قبل ابتذال معاني هذه الكلمات لدى البعض وترخصهم في تداولها واستعمالها. يقول النمنم: يعول الطهطاوي كثيراً على حب الوطن ويتوقف أمامه فهو ليس بدعة ولا منكراً بل رغب فيه الشارع، ويستعرض تراثاً إسلامياً ضخماً يحض على حب الوطن ففي الآية 66 من سورة النساء يقول الله تعالى: (ولَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ) والمعنى يؤكد حب الوطن بدليل أن كتاب الله جعل أن كراهة الأجلاء منه مقرونة بكراهة قتل الإنسان نفسه، وفي الخبر ورد أن "حب الوطن من الإيمان" وهناك قول منسوب إلى الخليفة عمر بن الخطاب: "عمر الله البلاد بحب الأوطان" وحين تهيأ الرسول -صلى الله عليه وسلم - للخروج من مكة مهاجراً بعد أن رفض أهلها دعوته قال: (لولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت). وقد ضم الكتاب بين تضاعيفه عدداً من العناوين الهامة منها: وصف مصر، نفع الدين في المملكة، المفاضلة بين الفلاحة والملاحة، الترغيب في حب الوطن، مطلب المروءة، فضل الكتاب، مطلب الدين، مطلب تقسيم العلوم، مطلب تربية الأولاد، مطلب منابع الثروة، تسوية الذمي بالمسلم في حرمة ظلمه، تعريف الفضيلة، التجارة الخارجية، الحكمة في رعي الأنبياء للغنم قبل النبوة، المفاخرة بين السيف والقلم، سياسة مصر في القديم، سبب نزول سورة يوسف عليه السلام، استخلاص محمد علي مصر من قبضة المماليك، كمال مصلحة الري بإتمام القناطير الخيرية، الاختراعات الجديدة، وجود البريد في عهد الأكاسرة والقياصرة، علم تدبير المملكة، كون نفوذ ولا الأمور يعود على الرعية بالفوائد الجسيمة، مخالطة أهل الكتاب ومعاشرتهم، وغيرها من الموضوعات التي تضمنها الكتاب.