بفروعها الخمسة «خدمة الإسلام» و«الدراسات الإسلامية» و«الأدب العربي» و«الطب» و«العلوم»؛ تحتل جائزة الملك فيصل العالمية مكانة مرموقة في الأوساط الفكرية والثقافية والعلمية في سائر الأرجاء؛ إيماناً بأهميتها ومصداقيتها الراسخة وثقلها الملموس مادياً ومعنوياً؛ بما يجعلها ركيزة تحفيزية جادة وحقيقية تدفع أصحاب العقول المستنيرة من قارات العالم أجمع إلى بذل المزيد من الجهود لخدمة الإنسانية بما ينفعها ويثري مسيرتها الحضارية. وجائزة الملك فيصل العالمية؛ التي يرأس هيئتها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل؛ لها موقعها البارز في قلوب وعقول المفكرين والمبدعين والمثقفين والعلماء المصريين؛ شأنهم شأن نظرائهم في مختلف دول العالم وخاصة في الدول العربية والإسلامية. فأمام مشروع ثقافي عملاق يهدف إلى خدمة الإسلام ودراساته والنهوض بالأدب العربي وتقدير البحوث الطبية والدراسات والأبحاث العلمية النافعة لا يملك أصحاب العقول الراجحة سوى تقديم التحية والامتنان وإبراز الرغبة الصادقة في أن يتواصل عطاء هذه الجائزة بما يفيد المواطن في الدول العربية والإسلامية على وجه الخصوص؛ وفي سائر الأنحاء بشكل عام. وقد اقتربت جائزة الملك فيصل أكثر من حركة الفكر والثقافة في مصر في دورتها السابقة «السابعة والعشرين» بفوز الدكتور حسين محمد نصار الأستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة بالجائزة في فرع اللغة العربية والأدب عن موضوع «الدراسات التي تناولت التدوين اللغوي إلى نهاية القرن الخامس الهجري» تقديراً لجهوده الرائدة في هذا المجال ومنهجه المتسم بالنظرة الشاملة، ومن قبله فاز من مصر علماء وباحثون وأدباء مرموقون من أمثال الشيخ حسنين مخلوف والشيخ محمد الغزالي والدكتور حسن الساعاتي والدكتور عبد القادر القط والأديب يحيى حقي والدكتور شكري عياد والدكتور شوقي ضيف وغيرهم. وباستطلاع آراء الكتّاب والمبدعين المصريين حول ما تمثله الجائزة للحركة الثقافية العربية والعالمية اتفقت الآراء على قيمة الجائزة التي تتسم بالحيادية والجدة وعدم العنصرية فضلاً عن شموليتها وتغطيتها مجالات الفكر الإنساني؛ ولذا لم يثر حولها لغط كما أثير حول كثير من الجوائز العالمية. الناقد الدكتور محمد عبد المطلب يرى قيمة الجائزة في كونها تؤصل للثقافة العربية بين الثقافات الأخرى وترسخ لحقيقة الثقافة العربية في وقت نحن فيه في أمس الحاجة إلى ذلك، ويقول: تتميز جائزة الملك فيصل بكونها تجاوزت فكرة محليتها إلى آفاق أرحب؛ وأخذت صبغة عالمية، وكم أتمنى أن تنتشر مثل هذه الجوائز، وأن تسارع الدول العربية والأثرياء العرب في إحياء هذا التقليد الحميد الذي يمثل طبيعة الثقافة العربية، حيث إن العرب منذ القدم يتنافسون في الاحتفاء بالإبداع؛ وكان الشاعر الفحل الذي يولد في مكان أو في قبيلة تقام له الاحتفالات اللائقة به. ويضيف د.عبد المطلب متمنياً من جائزة الملك فيصل العالمية أن تخصص إلى فروعها المتميزة جائزة للشعر على وجه الخصوص؛ حيث إن التراث العربي أكد لنا أن الشعر هو ديوان العرب، وجائزة في حجم جائزة الملك فيصل لا يمكن أن تغفل ديوان العرب. ومن جهته أكد الكاتب والروائي عبد العال الحمامصي عضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب المصريين أن جائزة الملك فيصل هي أهم الجوائز في العالم الثالث بأسره حيث إنها تعادل في قيمتها جائزة نوبل، ويقول الحمامصي: هذه الجائزة تعتبر مبادرة نبيلة من أصحابها؛ حيث إن تكريم الأدباء والعلماء في مجالات الفكر الإنساني أمر نحن في أمس الحاجة إليه في ظل تردي كثير من ملامح الواقع من حولنا. ويضيف: هي جائزة من أهم سماتها (المصداقية)؛ فهي لا تعرف مجاملات ولا اعتبارات سوى الإبداع وقيمته، لذلك أعتبرها جائزة محترمة ووجهة مشرفة للعالم العربي خاصة وأنها تحمل صبغة عالمية في عدم اقتصارها على العرب فقط. وحول الدور الذي تقوم به جائزة الملك فيصل يؤكد الحمامصي أنها تلعب دوراً هاماً في توثيق الصلات بين الثقافة العربية والثقافات الأخرى. ويرى الشاعر مجاهد عبد المنعم مجاهد أن جائزة الملك فيصل العالمية تعد من أنبل الجوائز نظراً لتركيزها في الأساس على خدمة الإسلام والمسلمين والإنسانية بشكل عام؛ الأمر الذي يعزز من مكانتها ويرفعها إلى أسمى الدرجات. ويتمنى مجاهد أن تتسع الجائزة في المستقبل؛ بحيث يتضمن كل فرع من فروعها الخمسة مجموعة جوائز وليس جائزة واحدة، فمثلاً تكون هناك عدة جوائز في مجال «خدمة الإسلام» وعدة جوائز في مجال «الدراسات الإسلامية» وتتنوع هذه الجوائز بين الفقه والحديث والتفسير القرآني وغيرها، كما تكون هناك عدة جوائز في «الأدب العربي» وفي «الطب» إلخ إلخ. ويرى مجاهد عبد المنعم مجاهد أن المردود الإيجابي لمثل هذه الجائزة الكبرى لا ينعكس فقط على من يحصلون عليها من المبدعين والعلماء والأدباء والباحثين الكبار؛ ولكن أيضاً على الناشئة والشباب الذين ترتفع معنوياتهم عندما يطالعون التقدير اللائق الذي يحظى به الكبار. وبوصف جائزة الملك فيصل العالمية واحدة من قرائن وتجليات النهضة الفكرية والثقافية والعلمية السعودية؛ يتحدث الشاعر الكبير عبد المنعم عواد يوسف مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية تلعب دوراً مهماً في الثقافة العربية المعاصرة عبر أكثر من قناة ورافد، منها بالطبع جائزة الملك فيصل العالمية، والأندية الثقافية السعودية كنادي الرياض الأدبي وغيره، فضلاً عن المؤتمرات والمهرجانات الكبرى وعلى رأسها مهرجان الجنادرية الضخم الذي يشارك فيه عدد وفير من كبار المفكرين والمبدعين من داخل الوطن العربي وخارجه. ويرى عواد أن جائزة الملك فيصل العالمية هي مظهر بارز من مظاهر التوهج الفكري والثقافي الذي تحياه المملكة وتتجلى أصداؤه بداخلها وفي خارجها خلال السنوات الماضية. ومن ناحيتها تشير الشاعرة والناقدة كريمة زكي مبارك إلى القيمة الكبيرة والأهمية القصوى للجوائز العربية الكبرى وعلى رأسها جائزة الملك فيصل العالمية، وتقول: الشكر كل الشكر لكل من يفكر في هذا العمل الوطني الجميل؛ متعه الله بالصحة والسعادة؛ وأطال عمره؛ وأبقاه ذخراً للوطن والعروبة والإسلام. ومن دواعي تميز جائزة الملك فيصل العالمية أنها تصب بشكل مباشر في خدمة قضايا ومباحث الإسلام والأدب العربي فضلاً عن الاهتمام بالعلم النافع والمفيد للإنسانية جمعاء. وتوضح كريمة مبارك أن مثل هذه الجائزة الثريّة معنوياً ومادياً بالغة الإفادة؛ فهي تدفع الإنتاج الجيد إلى الأمام، وهي ذات قيمة كبيرة ليس فقط لمن يحصل عليها؛ ولكن لبلده وأيضاً للمجتمع العربي والإسلامي. ويبدأ الشاعر جلال عابدين بالشكر لمؤسسي هذه الجائزة التي يراها من أهم الفعاليات الثقافية في تاريخ الوطن العربي باعتبارها تفتح نوافذ اتصال بين العرب والأفكار المختلفة من خلال إطلاع الغرب على الأعمال العربية الفائزة وإطلاع الشرق على الأعمال الغربية أيضاً. وهذا التواصل يعتبر قيمة في حد ذاته؛ ومن أفضل سمات جائزة الملك فيصل العالمية نزاهة الاختيار وأنها تبتعد عن الشللية والمحسوبيات التي تحكم الجوائز الأخرى لتصل إلى مكانة عالمية مرموقة. ويضيف عابدين قائلاً: إن رعاية الآداب والعلوم الإنسانية والاكتشافات العلمية أمر مهم في هذه المرحلة، وإن جائزة مثل جائزة الملك فيصل تعتبر خطوة فارقة في مسيرة تصحيح الصورة العربية، وتعد تأكيداً على قيمة الإبداع الإنساني في كل المجالات. ويرى الشاعر الكبير والناقد الدكتور حسن فتح الباب أن جائزة الملك فيصل العالمية هي أحد مظاهر ووجوه الدور الثقافي والفكري البارز الذي تقوم به المملكة العربية السعودية في العالم العربي في سبيل إرساء قواعد النهضة الأدبية وتطويرها على أساس إحياء العناصر المضيئة من التراث العربي الإسلامي، والأخذ بأسباب التقدم الذي بلغته الدول المتقدمة. وتشير الشاعرة فاطمة ناعوت إلى أن جائزة الملك فيصل العالمية هي من أبرز سمات تفوق وتميّز الحركة الثقافية السعودية في الآونة الأخيرة، وتقول: لا شك في أن قيام المملكة بتخصيص جائزة علمية وإبداعية كبرى تمنح في مجالات متعددة لكبار الباحثين والمبدعين والعلماء العرب والأجانب هو دليل على ثراء الحياة الثقافية والفكرية على أرض المملكة، ومثل هذه الجائزة الكبرى هي علامة مضيئة في مسيرة الثقافة العربية بشكل عام.