قدمت جريدة عكاظ في عددها الصادر يوم أمس الأول (الاثنين) حواراً صحفياً مع الشيخ سراج الزهراني، ولأنه لم يكن يتحدث عن أمور تقليدية معتادة بعضها قد يعود بك إلى الخلف فإن الرجل قد قفز بالقارئ إلى واقع معلومات بالغ الأهمية.. الوصول بالقارئ إلى واقع التعامل مع الشاب السعودي عند وصوله إلى عضوية نظام القاعدة زمن بداية تأسيسها، فالرجل.. أي الشيخ سراج.. كان واقعياً في معلوماته ومنطقه، وأعتقد أنه لو توفر تتابع هذه المعلومات عن واقع ما كان يعامل به الشاب السعودي أو هو يعامل به الآخرين، هنا عندما كان الاستهجان موجوداً في مسار التعامل وبالذات مع السعودي؛ وفي نفس الوقت كان هناك دفع بمعلومات ووسائل تصرف خرافية مضحكة.. ونقدر للشيخ سراج أنهم لم يستطيعوا السيطرة عليه عقلياً مثلما هو واقع الحال مع كثيرين خصوصاً وأن إيهام المعلومات البعيدة عن المنطق هو أمر أكثر ما يندفع نراه في وسائل التضليل الديني.. أذكر تلك المرحلة التي تم فيها نزوح بعض الشباب من الرياض إلى أفغانستان؛ حيث كنا نشاهد عند بوابات الدخول والخروج في جامع الإمام تركي كيف أن سعوديين قد تخلوا عن نوعية ملابسهم وكانوا يؤدون الصلاة بملابس نوعيتها وليس استيرادها من هناك.. يوجد كتاب بالغ الروعة والدقة وتعددات المتابعة لمؤلفه لورانس رايت عنوانه (البروج المشيدة).. الكتاب يستعرض نظام القاعدة منذ تأسيسها ومسؤوليات الأوهام التي كان ينشرها شيخهم هناك عبدالله عزام، وما كان يؤكده من وجود بخار عطور يتصاعد إلى السماء عند مقتل مجاهد إسلامي، ويؤكد أيضاً أن الحور العين جاهزات لمرافقته نحو الجنة.. الظواهري كان رجلاً حديث الثقافة لكنه أمام صدامات عاشها في مصر زمن عبدالناصر تحوّل إلى تعقيدات لكنها ذكية قادت ابن لادن إلى تهوّرات خطرة.. بل إن المؤلف يعطينا سرداً دقيقاً لحياة ابن لادن منذ مراهقة شبابه في جدة وحتى سفره إلى السودان وإلى أفغانستان، وكيف أنه منذ البداية لم يكن يحمل عقلية رجل أعمال، وإنما كان يتنقل بين مؤثرات هوس مضحكة.. واقع نظام القاعدة وأفكاره ليس مؤثراً أن تروي بالدرجة الأولى خصوماته السياسية، ولكن ما هو مهم جداً هو أن يكون هناك وعي ديني يوضح أن هؤلاء المنغلقين والمستهدفين للمسلمين قبل غيرهم هم الأكثر خطورات إجرامية بعيدة تماماً عن موضوعيات وجزالة إنسانية الإسلام.. هؤلاء هم العداوة الخطرة.. قبل أي وجود دولي آخر..