توقفت كثيراً عند ما نشرته «الرياض» في عدد يوم الاثنين الماضي من عرض لما تحدث به الشيخ الدكتور صالح بن سعد السحيمي الحربي المدرس بالمسجد النبوي وموجه الدعاة بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمدينة المنورة في مجال استنكاره لمحاولة اغتيال سمو الأمير محمد بن نايف.. لم أتشرف بمعرفته من قبل، لكن أعتقد أن أفضل الناس هو من تعرفك إليه أفكاره قبل شخصيته، والأفكار التي وردت هي في الواقع ما كنا نتمنى تطبيقه منذ زمن بعيد.. فنحن لا نلم جيداً بحقائق طبيعة الإرهاب التاريخية ومصادر الانغلاق الديني.. نتصور في بعض الأحيان أن ترويج صفة «الوهابية» هي تسمية لامتداد تاريخي منغلق.. هذا غير صحيح.. فكما أشرت سابقاً الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - توفي دون أن يترك «وهابية مذهب»، لكن قصور من أتوا بعده هو الذي أعطى مبررات هذه التسمية، لأنهم فشلوا في مجاراة مستجدات العصر، ولأن تعليمهم يتم بطرق متواضعة للغاية.. للغاية.. فطالب العلم - كما يلذ لهم أن يسمونه قبل أن تعرف الجامعات والمدارس - لم يكن يبتعث لطلب العلم وإنما كان يحضر لمدة ساعة أو ساعتين بعد صلاة الفجر طرق تعليم شفهية موجزة للغاية وتنصب على ما هو قريب من التقاليد وأنماط الحياة الاجتماعية إلى حد تحريم الراديو.. ثم تحريم الدش.. وبعد فرض تعليم المرأة أصبح لا بد من فرض ممارسة المرأة لمهنها الضرورية بما في ذلك قيادة السيارة وفق ضوابط محترمة.. لكن مشايخ الأمس ومعهم طلبة علمهم لا علاقة لهم إطلاقاً بتنظيم الإرهاب الذي وزعته وبرمجته تنظيمات «القاعدة» التي لم تنشأ في بلادنا وإن استوطن انغلاقها لدينا نتيجة جهل وانغلاقية من رحبوا بها.. في قراءتي لكتاب «البروج المشيدة» لكاتبه لورانس رايت والحائز - أي الكاتب - على جائزة بوليتزر، يشير المؤلف إلى بداية التعليم والتثقيف التي عاشها سيد قطب.. الذي تعلم بضعة شهور في أمريكا ثم عاد ليبرمج أفكاره.. وسأتناول ذلك لاحقاً.. ثم يعرج المؤلف إلى أيمن الظواهري ومساعيه في هذا الصدد، وكلاهما عاش ما بين حلوان والمعادي في وضع اجتماعي جيد.. وقتها لم يكن ابن لادن قد عرف.. وقد تألق في أفغانستان الشيخ عبدالله عزام الذي أصدر فتوى عام 1984م بدعوة جميع المسلمين لينضموا إلى قافلة الجهاد الأفغاني، وبعد ذلك تفرغ لترويج خرافات مضحكة عن تصاعد العطر من جثة المسلم الشهيد حتى بلوغه السماء، وكيف أن رصاصاً مصوباً من الكافرين يرتد إلى قلوبهم.. وغير ذلك من مضحكات روجت كحقائق.. من ضرورات تصحيح أوضاع مجتمعنا أن نكشف الحقائق ومسببات الانغلاق ومن أين أتت بداياته..