قلتُ في الحلقة الماضية إنني أترجم باختصار بعض ما كتبه الغربيون عن سيرة ابن لادن. ومع هذا التأكيد يراسلني ويهاتفني كثير من القراء الأعزاء مستنكرين بعض الحديث، وبعضهم لم يعجبه العنوان. وأنا كذلك لم يعجبني العنوان، وهذا الحديث وما قبله ليس من بنات أفكاري، فقد رغبتُ أن يطلع السعوديون والعرب من الذين يتابعون أحاديثي التي أنشرها في جريدة الرياض على كيفية تناول الغربيين والأمريكيين سيرة ابن لادن. لقد أصبح ابن لادن ظاهرة وهذا دفع دور النشر الأمريكية إلى التعاقد مع المؤلفين للكتابة عنه. ومما قرأت كتاب: اصطياد ابن لادن The hunt For Binladen تأليف الصحفي روبين مور Robin Moore وهذا الكتاب يتحدث عن أول فرقة وصلت إلى كهوف تورا بورا في أفغانستان في شهر أكتوبر 2001 وقرأتُ أن دار سان مارتن الأمريكية تسابق الزمن لنشر مذكرات ضابط البحرية الأمريكية، التي تحكي يوميات الفرقة السادسة من البحرية الأمريكية التي اغتالت ابن لادن في الثاني من شهر مايو الحالي. وهذا يدل على أن نسبةً من ما يُنشر في الغرب يتعدى البحث عن الحقيقة، بل يبحث عن الربح المادي. وقرأت أن الناشرين والمؤلفين الغربيين حققوا أرباحاً طائلة بعد أن بيعت في الأسبوعين الأولين من هذا الشهر ما مقداره خمسون ألف نسخة من الكتب التي تتحدث عن أسامة بن لادن. لقد أصبح ابن لادن ظاهرة وهذا دفع دور النشر الأمريكية إلى التعاقد مع المؤلفين للكتابة عنه. ومما قرأت كتاب: اصطياد ابن لادن The hunt For Binladen تأليف الصحفي روبين مور Robin Moore وهذا الكتاب يتحدث عن أول فرقة وصلت إلى كهوف تورا بورا في أفغانستان في شهر أكتوبر 2001 للبحث عن ابن لادن. وكيف فشلت في الوصول إليه. والكتاب لا يساوي 29 دولاراً التي دفعتها فيه. وقرأت أيضا للمؤلف نفسه كتاب: حرب البيريه الخضر The wars of the green Berets .. وروبين مور رافق أول فرقة من القوات الأمريكية الخاصة في منتصف أكتوبر عام 2001م ونجحت هذه الفرقة المكونة من بضع مئات من الجنود الأمريكيين من إسقاط حكومة طالبان التي يبلغ عدد محاربيها 100000 جندي. وهذا الكتاب فيه احتفالية لا تنسجم مع صحفي يُفترض فيه الموضوعية. والمعلومات عن ابن لادن مشوشة ومصادرها غير دقيقة. ومن الكتب المعقولة كتاب: اقتل ابن لادن Kill Binladen للكاتب الأمريكي دالتون فيوري Fury Dalton المتخصص في قضايا الإرهاب الدولي. وفي هذا الكتاب جمع المؤلف أغلب الحوادث الإرهابية حول العالم، التي كانت القاعدة خلفها، وفيه وصل إلى نتيجة مؤداها ضرورة قتل ابن لادن ليتخلص العالم من الإرهاب ومن شرور القاعدة. أما كتاب ميعاد مع الإسلام Rendez-vous avec l'Islam لأكسندر أدلر Alexandre Adler فيرصد العمليات الإرهابية التي شهدتها الرياض وشرم الشيخ ومدريد ولندن ونيويورك وكراتشي وكينيا واليمن وغيرها، وساهمت بقدر كبير في تشويه صورة الإسلام لدى الغرب، حتى وصل الأمر بعدد كبير من المثقفين الغربيين القول إن بلادهم دخلت في مواجهة نشطة ضد الحضارة الإسلامية. والمؤلف كاتب أكاديمي يحاول من خلال إنتاج المستشرقين والمستغربين أمثال إدوارد سعيد أن يدحض فكرة مواجهة العالم الإسلامي بسبب ابن لادن والقاعدة، وهو يؤكد على أن ابن لادن لا يمثل الدين الإسلامي الحق. ويأتي كتاب:ابن لادن: الحقيقة الممنوعة أو المخفية Bin laden: The Forbidden Truth لمؤلفه غليوم باكسييه Guillaum Pasquier وجين شالرز بريسار Jean charles Bisard من اشهر الكتب التي تصدت للرواية الأمريكية عن سيرة ابن لادن. والمؤلفان الفرنسيان يصفان ابن لادن بالشخص الذكي، وهو على عكس ما تصفه المخابرات الغربية، ويتحدثان عن المتناقضات والغموض المصاحبة لحياة ابن لادن. ويكشف الكاتبان عن حلفائه والقوة الاقتصادية التي تسانده. ويقول المؤلفان إنهما كتبا أول دراسة علمية عن البيئة الاقتصادية لأسامة بن لادن، ويلقيان الضوء على الشبكات التمويلية للإرهاب. وأهم ما في هذا الكتاب هو ما زعمه المؤلفان من أن السيد جون أونيل John O'Neill نائب رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية Federal Bureau of Investigation المعروفة بالمختصر (FBI)قال إن الرئيس جورج بوش أوقف عمليات المخابرات الأمريكية تحت تأثير اللوبي النفطي الأمريكي المتعلقة بطالبان، وإمكانية تسليم ابن لادن مقابل تقديم معونات مالية لطالبان. والقصة الطريفة بل القصص التي احتواها كتاب: أسامة بن لادن لمؤلفه مايكل شيور Michael Scheuer الذي صدر في مطلع عام 2011 والمؤلف رأس وحدة ابن لادن في المخابرات المركزية الأمريكية. وهو يركز على أفكار ومنطلقات ابن لادن الدينية المتشددة، التي أعطت صورة سلبية عن الإسلام، وربطت بين الإسلام والإرهاب. ويحمد للمؤلف تتبعه للمسارب الفكرية التي أثرت على ابن لادن وجعلت منه الأب الروحي لكافة التيارات الإسلامية المتشددة.. ونختم بكتاب البروج المشيدة The Looming Tower: Al-Qaeda and the Road to 9/11 للكاتب الأمريكي لورانس رايت "Lawrence Wright". وهذا الكتاب يحتاج إلى عرض مستقل لأهميته وكثرة المعلومات. لقد قابل المؤلف أكثر من 500 شخصية حول العالم، وبحث في مظانّ كثيرة ليصل إلى الأسباب الحقيقية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر. والمؤلف استعرض بشكل موسع ملامح شخصية ابن لادن منذ الطفولة حتى الكهولة. ومعلوماته وتحليلاته قريبة من الصحة مقارنة بغيره من المؤلفين. وأقول إنه من الصعب قراءة مئات الكتب والمقالات عن أسامة بن لادن. لكن معظم الكتب الغربية تحتوي على كثير من السقطات المعرفية والتحليلية. بقي أن أقول إنني لا أتمنى لكل إنسان بصرف النظر عن دينه وجنسه النهاية المأساوية حيث أُلقيت جثة أسامة في البحر بدلاً من أن توارى في الثرى. لهذا جاءت جملة: نهاية بشعة في عجز عنوان هذا الحديث لتعبر عن مآلات جثته لا عن سيرته. والله أعلم