تعال أيها القلم لتكتب ما جال في خاطري من ألم واسعفيني أيتها الكلمات، وقفي معي أيتها العبارات فأنتم لي بعد الله سند ولما تحشرج في صدري فرج.. آه ثم آه وا حر قلباه، فقد مات والدي مات الإمام والمربي.. مات وفات، أهكذا البدر تخفي نوره الحفر.. ويُفقد العلم لا عين ولا أثر.. خبت مصابيح كنا نستضيء بها.. وطوحت للمغيب الأنجم الزهر. مات من كان بربه عارفاً وبفضله غنياً، مات من عف عما في أيدي الناس، وزهد في مناصب الدنيا وحظوظها، عف وكف ولسان حاله: أنست بوحدتي ولزمت بيتي.. فدام لي الهنا ونما السرور وأدبني الزمان فلا أبالي.. هُجرت فلا أزار ولا أزور.. ولست بقائل ما دمت حياً أسار الجيش أم ركب الأمير. مات من ألهمني صمته الكلام وسمته الاحترام، مات من أرشدني كلامه فهم الأنام، وأضاءت حكمته غياهب الظلام، مات من آمن بالله رباً وبمحمد نبياً، مات المتوكل على ربه الواثق بوعده، مات من إذا أصابته الملمات قال بنبرة إيمانية واثقة «أمور مقدرة» مات من اعتز بربه واغتنى بكرمه وصدح اعترافاً بفضله «أنا غني بربي». آه.. يا والدي يا باب جنتي.. لا يفارقني طيف خيالك أتذكر نظراتك، حركاتك، سكناتك، تأملاتك، وكأني سأراك ثانية، أغمض عيني على دمع فراقك متذكراً قول الشاعر: وإني لا ستشغي وما بي غشوه.. لعل خيالاً منك يلقى خيالياً وأخرج من بين البيوت لعلني.. أحدث عنك النفس بسر خالياً. رحمك الله يا والدي طبت حياً وميتاً، لم أرد ان تعيش في الدنيا مخلداً لأن سنته لفناء لكل شيء سواه سبحانه ولكن ليعذر المشتاق في أشواقه ويلتمس للمحب عذره فيمن أحب فالوالد باب من أبواب الجنان وبموته أغلق ذاك الباب إلى يوم الحساب. والدي قدّس الله روحك في المهديين وجعلك في مقعد المتقين، وفي زمرة الشهداء والصالحين. ابنك الداعي لك بالرحمات وعالي الجنات عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن محمد الهليل 1433/9/6ه