هذه الأرضُ عِطرُ روحي هواها أنا من قبل مولدي أهواها هذه الأرض نبضةٌ في وريدي حين تسري يُذكي الوجودَ شذاها هذه الأرض نورُ عيني، وعيني حلّقت بِي فراشةً في مداها كتبتني قصيدة من خيالٍ حارَ أهلُ المَجَاز في معناها شكّلتني كما تشاء فقلبي خاتمٌ في يمينها يتباهى وعروقي أساورٌ، وضلوعي قاربُ العشق في مراسي مناها ومحيّايَ شالُها، وجفوني مهدُها، والرؤى مغاني ظِباها وفمي نايُها، وصوتي هديلٌ وشجوني حمائمٌ في رُباها وشعوري لمى ثراها، وشعري بعضُ أنفاسِها وكل شجاها هي عشقي وعشقُكم ما عشقنا أيها المخلصون أرضاً سواها * * * هذه الأرض كعبة الكون صلّى في محاريبها الهدى واجتباها إنها أطهر البقاع وفيها للحضارات مسرحٌ لا يباهى الرِّسالات حصّنتها وقامت سُوَرُ الذّكر تزدهي في ذراها حطّ جبريل هاهنا فأضاءت بالبشارات للوجود حصاها فغدت كوكبا من النور يجري في المدارات ما تسنّى سناها ثم غابت حيناً من الدهر لمّا غاب عن رملها النّقيّ هُداها عاد عبدالعزيز صقر المعالي وحباها من عمره ما حباها كم بكت في غيابه واستغاثت في ليالي البعاد تشكو أساها احتواها بقلبه ذات عشقٍ ورمى بالهلاك من عاداها وهي ضمّته ضمّة الأمّ لمّا بعد طول الغياب عاد فتاها يَا لَطِيبِ العناق بعد التّنائي لَحظاتٌ من بهجةٍ لا تضاهى قِصة العشق هاهنا سرمدتها سُحُب الصدق حين تسقي حياها صاغ عبدالعزيز نهجاً قويماً لِملوكٍ على التّقى نشّاها حمل المخلصون راية عِزٍّ يصدح الحق في نواحي سماها ثم أتممتَ يا نبيل السَّجايا سيرةَ المجد إذْ رفعت لِواها يا ابن عبدالعزيز طِبت مساءً والتّحايا نهدي لكم أزكاها إن يكن وحّد الجزيرةَ صقرٌ وعلى المنهج القويم بناها! فابنهُ وحّد الخليج ونادى بِحوار الأديان قوّى عُراها يا (إمام السلام) دُمت إماما لِجميع الأنام تَهدي خطاها أيها الشهم كيف حققت حُلماً مُذهلاً في عشيّةٍ وضحاها؟ وعلى أرضنا نثرت العطايا بيمينٍ فاق الغمام سَخاها شهد المسجد الحرام وجاءت طَيبة النور عطّر الحقُّ فاها وتجلى في كل شبرٍ قصيٍّ مَعْلمٌ سامق وصرحٌ تزاهى يا أبا متعبٍ أتى الشعر يزهو والقوافي تصوغ أسمى رؤاها فإذا أنت فوق كل المعاني تلبس الشمس كل صبح صِباها وإذا أنت تسبق الرّكب فكراً عالميّ الرؤى على نهج طَهَ وإذا (نايف) و(سلمان) قاما عن (يَمِينَيك) يرسمان الرّفاهَا نايف الأمن أسكن الأمن فينا وفلول الإرهاب حقاً محاها ولسلمان حكمةٌ سطّرتها حنكةٌ ثاقب الحِجا غذّاها اطمأنت كل النفوس ونالت مُبتغاها وعبّرت عن رضاها *** يا بلادي كُفيتِ شرّ الأعادي زُمرُ الغدر شقّ ربّي عصاها كلّما حاولت فساداً وبغياً كشف الله للأنام خناها خسر المرجفون حين وقفنا حزمُنا يُلهم السيوفَ شَبَاها (الرّبيعُ) الذي تمنّت ضحاهُ دولٌ بالشقاق ربّي بلاها حطّ في أرضنا بكل سرورٍ فتولّى (خريفها) و(شتاها) في بلادي كل الفصول ربيعٌ مورقٌ بالمنى يُداني جناها جمع الشعب والقيادة عشقٌ لبلادٍ جمالُها قد تناهى قائدٌ مُلهمٌ بقلبٍ حنون ٍ احتوانا بعطفهِ واحتواها *** هذه الأرض أطعمتني اِنتماءً وسقتني في بطن أمي غلاها حضنتني ولقّنتني الأغاني في مِهَادي وهَا فؤادي شداها كل حبّات رملها في الفيافي مُهجٌ طاهرُ الجوى زكّاها كل ذرات طينها نغماتٌ بلورتها أنفاسُنا أفواها فتغنّت عذرية الشدو حتى راقصتها غزلانُها ومهاها كلّنا (قيس) والمليحاتُ (ليلى) كم بكينا (توبادها) و(صَباها)! واحتسينا (العرار) والنار طوعا وطوانا على الحنين دُجاها وكتبنا قصائداً بدماءٍ عتّقتها آهتنا من جواها ورسمنا بعفّةِ العشق درباً بين وادي (القُرى) ونائي قراها *** هذه الأرض كَرْمَة الجود منها كل جزءٍ في الكون نالَ عطاها وجنى نخلها كنوزُ اليتامى والأيامى يطوي طويل طُواها ماؤها بلسمٌ، نداها عبيرٌ وهواها لكل نفسٍ شفاها قمحها من جنان عدنٍ تدلّى والرياحين نفثة من رُقاها تربها التّبر، وردها السحر، ماذا يصف الشعر من مزايا حُلاها؟ هذه الأرض عطر روحي هواها أنا من قبل مولدي أهواها (*) رئيس نادي الباحة الأدبي القيت في الحفل الخطابي لمهرجان الجنادرية 27