ومنذ أكثر من ألف سنة تعودنا أن نردد هذا البيت للمتنبي: عيد بأية حال عدت يا عيد.. بما مضى أم لأمر فيك تجديد وفي كل هذه السنين لم يجد جديد، وبقي العرب (وهل أقول أيضا المسلمين) على حالهم من التخلف والخنوع والهوان في ظل الحاكم الأوحد أو الزعيم الأوحد والحزب الأوحد، وأمة عربية واحدة، وبدلا من أن توجه جيوشنا، وما لها من بأس (إن كان هناك بأس) إلى الأعداء في الخارج، اتجهت إلى الداخل، ووضعته تحت الاحتلال وكبلته بالأغلال ابتداء من المماليك، وانتهاء بالعسكر.. وهلّ علينا الآن ما سميناه بالربيع العربي، فهل هو ربيع حقا؟ وهل ما يحدث في ليبيا وتونس ومصر وسوريا يحمل أي نسمة من نسمات الربيع، أو نفحة من نفحات العيد؟ في تونس هناك ما يسمى بالسلفيين الذي يهددون النظام وقد يقوضونه، وفي ليبيا هناك حروب قبلية، وفي مصر عدنا إلى سيطرة الحزب الأوحد، ولو أنه جاء عبر صناديق الاقتراع، ولكن كما تكونوا يولّ عليكم، وقد جربت أمم أخرى نظام الحزب الأوحد، فكانت النتيجة وبالا عليها: هتلر وحزبه النازي جاء إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع، ولكن ما لبث أن أصبح الحزب الأوحد، وقاد العالم إلى أكبر مجزرة في التاريخ، ولينين استولى على الحكم عقب ثورة دموية وحرب أهلية، وبعد سنين من الاستبداد وقمع الحريات هوى الحزب الأوحد الذي أقامه وانهار الاتحاد الذي صنعه، وكأنه لم يغن بالأمس، وفي مصر حكمها الحزب الأوحد ستين عاما من 1953 إلى 2011 فقدنا فيها جزءا من العالم العربي ومعه القدس وتعرضنا فيه لأكبر هزيمة في تاريخنا، وفي العراق كان هناك صدام وما صنعه غني عن البيان وما آل إليه العراق غني عن التعريف، والآن يحاول وريث حافظ الأسد الحاكم الأوحد وصاحب الحزب الأوحد أن يقضي على شعب بأسره، وليس هناك ما يمكن أن نطمئن إليه في السودان واليمن، وإذن فجديد هذا العيد شر كله، والمزيد من التشرذم والظلام.