يقول الشاعر العربي: وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأعظم وهذا يدل على أن الإنسان هو أرقى المخلوقات بما منحه الله من قدرات عقلية يستطيع بها أن يربط بين ما حدث حوله وما يتوقع أن ينجم عن ذلك من أحداث في مكان آخر. وهذا يعني أيضاً أن العقل والإدراك والتفكير تنقل الإحساس بالواقع إلى الدماغ من أجل تفسير ذلك الواقع. والإنسان يتلقى سيلا من المعلومات على شكل معرفة تراكمية غير منظمة، لذلك يحتاج الإنسان عدة مليارات من الخلايا في دماغه من أجل السيطرة على هذا العالم!! ومن اجل أن يستفيد الإنسان من حياته ومن علمه لا بد أن يستفيد من قدراته العقلية المتمثلة في تلك المليارات من الخلايا، ومن مواهبه وماله من أجل خير مجتمعه وخير نفسه. وفي حديث لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أخرجه البيهقي وغيره عن معاذ بن جبل، يقول صلى الله عليه وسلم: "لن تزلّ قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عُمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين أكتسبه، وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه؟". والحديث تحذير من ضياع أربع بلا فائدة: يفيد من حياته، فيجدّ في عمل الخير، وينتهز فرصة نضارة جسمه ويعمل صالحاً، ويغتنم غناه فيجعل له يداً طولى في المحامد والمكارم، ويعمل بعلمه كالشجرة المثمرة التي تعطي ثمارها لجميع الناس بدون تمييز أو تفرقة أو محاباة، ويسأل كل إنسان عن هذه الأربع، ليعرف مدى الإفادة منها في وجوه الخير والصلاح. ولا شك أن هذا هو السبيل القويم لحسن الاستفادة من القدرات العقلية والمواهب والإمكانات التي أعطاها للإنسان لإفادة نفسه ومجتمعه، وليكون إنساناً صالحاً يستحق خيري الدنيا والآخرة..